إتاحة تخصيص عقارات الدولة لأكثر من جهة حكومية    السجن مدى الحياة ل«مغتصب التلميذات» في جنوب أفريقيا    خوفاً من الورثة.. مغربية تحتفظ بجثة والدتها !    6 توصيات لتعزيز الهوية الثقافية ودعم الاستثمار في تعليم اللغة العربية محلياً و دولياً    إسرائيل تقصف الضاحية.. مصير خليفة نصر الله غامض    ترامب: على إسرائيل ضرب المنشآت النووية الإيرانية    هل أوقف الاتحاد الدولي المُلاكمة الجزائرية إيمان خليف وجردها من ألقابها ؟    في مباراة الفريق أمام الرياض .. القادسية يحتفي بوزير الإعلام "الدوسري"    عبدالعزيز بن سلمان يشارك في اجتماعات مجموعة العمل الخاصة بالتحولات في مجال الطاقة    الفتح يختتم تحضيراته لمواجهة التعاون    جمعية الأدب تعتمد 80 سفيراً في 30 مدينة    الهيئة السعودية للسياحة تطلق تقويم فعاليات «شتاء السعودية»    الخليج يعبر الخلود بهدف في دوري روشن السعودي للمحترفين    ميندي يوجه رسالة لجماهير الأهلي    مدرب القادسية يُفسر الخسارة أمام الرياض    الشباب يتعرض للخسارة أمام ضمك    الجيش الأميركي يعلن قصف 15 هدفا للحوثيين في اليمن    مسؤولون وأعيان يواسون أسرتي القاضي وآغا في فقيدتهم    محافظ الطائف يعزي أسرة الحميدي في فقيدهم    تعليم مكة : 1485 مدرسة تحتفي بأكثر من 30 ألف معلم ومعلمة في يوم المعلم    لوحة «ص ق ر 2024» لمركبة «المرور» تلفت أنظار زوار «الداخلية» في معرض الصقور والصيد    رصد طائر «سمنة الصخور الزرقاء» في الحدود الشمالية    القبض على (4) يمنيين في جازان لتهريبهم (120) كجم "قات"    الوطنية للإسكان NHC تكشف مزايا ومكونات حديقة خزام الكبرى شمال الرياض    الجيش الإسرائيلي يستعد لتوسيع عملياته البرية في جنوب لبنان    انطلاق حملة الحي يحييك للاحياء السكنية بالمنطقة الشرقية    تعرف على غيابات الأهلي عن الكلاسيكو أمام الهلال    ب 3 مناطق.. مركز «911» يتلقى 98 ألف مكالمة خلال 24 ساعة    تجمع الرياض الصحي الأول يكرم 14 استشارياً    إمام المسجد النبوي: آية ((إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )) تحمل في طياتها معاني عميقة    وفاة 866 شخصًا بمرض جدري القردة في أفريقيا    "الصحة العالمية"تستعدّ للقيام بالجولة الثانية لتلقيح أطفال غزة ضدّ شلل الأطفال    أثر الشخصية واللغة والأمكنة في رواية «الصريم» لأحمد السماري    أحلام على قارعة الطريق!    «زلزال الضاحية».. ومصير حزب الله    غريبٌ.. كأنّي أنا..!    ذكورية النقد وأنثوية الحكاية.. جدل قديم يتجدّد    إنجاز في ملف «البطالة»    الشاهي للنساء!    اختتام مشاركة الهلال الأحمر في المعرض التفاعلي الأول للتصلب    كتب الأندية الأدبية تفتقر إلى الرواج لضعف التسويق    محافظ الطائف يلتقي مدير جمعية الثقافة والفنون    مدير تعليم الطائف يطلق مبادرة غراس لتعزيز السلوك الصحي    الأمير سعود بن نهار يعزي أسرة الحميدي    90 مبادرة لأمانة الطائف تعزز الوعي البيئي وتدعم الاستدامة الخضراء    أمانة الطائف توقع عقد إنشاء مشروع (قبة الفراشات) بمساحة ٣٣ ألف م٢    درجات أم دركات معرفية؟    معالي وزير العدل    2238 مصابا بالناعور في 2023    تعيين عدد من الأئمة في الحرمين الشريفين    أول فريق نسائي من مفتشي البيئة في المملكة يتمم الدورية رقم 5 آلاف في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    بدء الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين لبحث التحرك العربي للتضامن مع لبنان    نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يشارك في القمة الثالثة لحوار التعاون الآسيوي    خادم الحرمين يهنئ رئيس غينيا بذكرى الاستقلال ويعزي رئيس نيبال في ضحايا الفيضانات    تثمين المواقع    مملكة العز والإباء في عامها الرابع والتسعين    وزير الداخلية يعزي ذوي شهيد الواجب أكرم الجهني    مفتي عام المملكة يستقبل مفوّض الإفتاء بمنطقة جازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بانوراما عن أرمسترونغ و "كوريوزيتي" بعين موسكو . سير البشر على المريخ هدف مقبل لسباق العمالقة في الفضاء
نشر في الحياة يوم 14 - 09 - 2012

جاءت وفاة الزائر البشري الأول للقمر نيل أرمسترونغ، بعد أيام قليلة من نجاح المسبار الأميركي"كيوريوسيتي"في الهبوط على سطح المريخ. شكّل الحدثان أفقاً قاتماً بالنسبة للروس. وذكّرت وفاة أرمسترونغ بما حققه من فوز ساحق لأميركا في الفضاء في ستينات القرن الماضي، حين نجح في السير على القمر، بعد ساعات قليلة من تحطّم مركبة فضاء روسية غير مأهولة، حاولت تحقيق سبق للروس في جلب عيّنات من تربة القمر. وكذلك نجحت أميركا في إيصال أول مختبر مؤتمت الى سطح المريخ، هو"كوريوزيتي"، الذي انضمّ الى روبوتين - سيّارتين أميركيين على الكوكب الأحمر، هما"سبريت"و"أوبورتشونيتي".
إذاً، بعثت الوفاة أشباح هزائم الماضي المريرة في الفضاء بالنسبة للروس. وذكّرهم"كيوريوزتي"بأن يد أميركا ما زالت متفوّقة على المريخ، الذي لا يملك الروس حاضراً أي مركبة على سطحه ولا في مداره!
لم يمنع هذان الأمران الروس من لفت الإنتباه الى صلابة عزمهم على مواصلة المنافسة في الفضاء، خصوصاً أنهم دأبوا طيلة الأعوام الماضية على الحديث عن اختراق منتظر في صناعات الفضاء، يحضّرون له بخطوات واثقة.
جهّزت روسيا لرحلة مأهولة إلى الكوكب الأحمر. وأعدّت عدّتها لإطلاقها في العام الحالي. لكن الرحلة تأخرت أكثر من مرّة. ويجري الحديث حالياً عن احتمال تحولّها إلى واقع عام 2020.
دروس"محطة الفضاء الدولية"
لا يسهل عقد مقارنات بين المشهد الحالي في الفضاء، وما كانت عليه الحال في العصور الذهبية بالنسبة إلى الروس. فعندما تسابق القطبان الأعظمان للوصول إلى القمر، في منتصف القرن العشرين، كانت امكاناتهما متكافئة إلى حد بعيد، بل أثبت السوفيات حينها تفوقاً ملحوظاً في مجالات عدّة، خصوصاً القدرة على الهبوط بمركبات الفضاء على الأرض وكأنها طائرات تعود الى مطاراتها، بينما تنقذف المركبات الأميركية الى الغلاف الجوي فتصبح كجمرة يعتمد مصير روادها على كفاءة غلافها الواقي. ثم ترمى إلى المحيط. وتُنتشل كأنها جسم غريق.
ويختلف هذا الأمر مع واقع روسيا الحالي. إذ ارتضت أن تلعب دوراً ثانياً أو ثالثاً أحياناً، في برامج الفضاء الدولية.
وتعتبر تجربة"محطة الفضاء الدولية"International Space Station مؤشّراً مهماً إلى تراجع الوجود الروسي في الفضاء الخارجي، على رغم المحاولات الحثيثة للحفاظ على تقدّم قطاع الفضاء باعتباره من آخر ما تبقى لروسيا من أمجاد الاتحاد السوفياتي، على شاكلة الأمر مع القدرات النووية.
لم يتجاوز الدور الروسي في"محطة الفضاء الدولية"حدود المشاركة بنسبة ضئيلة في التجارب العلمية على متن المحطة، واستخدام القدرات الصاروخية لإيصال مركبات تحمل مؤناً ومعدات وروّاد فضاء، إلى تلك المحطة.
الأنكى أن قدرات روسيا في هذه الأمور المحدودة، تعرّضت أيضاً إلى امتحانات عسيرة وعثرات متنوّعة، تمثلت في وقوع حوادث مختلفة أعاقت عمل المحطة لبعض الوقت. ولعل أبرز هذه العثرات تمثّل في فشل الصاروخ الروسي من طراز"سيوز- أو"في إيصال مركبة الشحن الفضائية"بروغريس"إلى المحطة الدولية في آب أغسطس الماضي، ما تسبب في اعلان تجميد اطلاق هذا الطراز من الصواريخ لبعض الوقت. وأثار الحادث هلعاً في الأوساط العلمية المتخصّصة بعلوم الفلك دولياً. وحينها، أثارت"الوكالة الأميركية للطيران والفضاء"ناسا إمكان أن تفرغ"محطة الفضاء الدولية"من روادها، ما يهدّد نشاطها بشلل مؤقت بسبب عدم القدرة على ارسال مركبة تحمل رواد فضاء، في الأوقات المحدّدة لهم.
آنذاك، أعلن مسؤول في"ناسا"أن إمكان خلو المحطة الدولية موقتاً من طاقم القيادة في شهر تشرين الثاني نوفمبر، أمرٌ وارد جداً، في حال لم تستأنف روسيا إطلاق صواريخها الفضائية قبل منتصف ذلك الشهر. وأشار المسؤول عينه الى ضرورة أن يعود طاقم قيادة"محطة الفضاء الدولية"إلى الأرض على متن مركبة"سيوز ت م أ-02 م"التي كانت ملتحمة بالمحطة في منتصف تشرين الثاني 2011، لأن مدة عمل هذه المركبة تنتهي في كانون الأول ديسمبر 2012.
يذكر أن صواريخ"سيوز"الروسية تشكّل وسيلة النقل الوحيدة حالياً لإيصال مركبات فضائية تحمل إمدادات ورواد فضاء وملاحين إلى"محطة الفضاء الدولية".
وسرعان ما نجحت روسيا في استئناف عمل رحلات صواريخها الفضائية، على رغم أن بعض خبرائها حذروا من التسّرع في هذا الأمر، مشيرين الى ضرورة إجراء مزيد من التجارب لمعرفة أسباب ذلك الحادث.
روبلات الفضاء الضائعة
في هذا السياق، أوضح خبير تحدثت إليه"الحياة"أن موسكو لم تكن ترغب بتحمل مسؤولية عن جمود نشاط"محطة الفضاء الدولية"خصوصاً أن الاعتماد على صواريخ روسيا كان شبه كلي.
بالتزامن مع ذلك، وقع تطوّر آخر عندما فشل صاروخ من طراز"بروتون"في ايصال القمر الاصطناعي"اكسبرس أ- إم 4"إلى مداره في الفضاء في النصف الأول من آب أغسطس الماضي.
ومرّة أخرى، توقّفت روسيا عن إطلاق صواريخ"بروتون". وفي وقت لاحق، عُثِرَ على هذا القمر الاصطناعي في مدار آخر، لكن محاولات الاتصال به بهدف تشغيل معداته باءت بالفشل. وأوضحت"وكالة الفضاء الروسية"أن خطأ في برمجة محرك"بريز- إم"على الأرض كان وراء فشل الصاروخ في إيصال القمر الاصطناعي إلى مداره.
واعتبر خبراء أن الحوادث المتكررة مؤشر سيء إلى ترهّل قدرات روسيا فضائياً، على رغم الاهتمام الكبير الذي أبدته السلطات خلال السنوات الأخيرة بالحفاظ على شيء من التفوّق في هذا المجال، خصوصاً عبر انفاق موازنات ضخمة.
وقد يكون هذا سبب الغضب الزائد الذي أبداه رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف أخيراً، بعدما فشل صاروخ من طراز"بروتون-أم"في إيصال قمرين اصطناعيين للاتصالات إلى مداريهما حول الأرض، بسبب عطل مفاجئ أصاب محركه. وأعلن ميدفيديف خلال جلسة خاصة عقدها مجلس الوزراء أخيراً، عن تصميمه على"معاقبة المسؤولين عن إخفاقات فضائية تودي بهيبة روسيا، كما تُفقدنا بلايين الروبلات".
وفي تطوّر مهم، رجحت اللجنة التي شكّلتها الحكومة الروسية لتحري أسباب فشل الصاروخ الروسي، أن يكون خللاً ميكانيكياً في وسائل تغذية محرك الصاروخ بالوقود تسبّب في وقف عمل المحرك في وقت مبكر من رحلته.
وقرّرت"وكالة الفضاء الروسية"إجراء مزيد من الاختبارات على صواريخ الفضاء للتأكّد من سلامتها قبل انطلاقها إلى الفضاء.
وكان مصدر في صناعة الفضاء أبلغ وكالة أنباء"نوفوستي"بأن خللاً في عمل محرك"بريز-أم"، يقف وراء فشل الصاروخ في تحقيق مهمته.
وأصبح القمران الاصطناعيان اللذان حملهما الصاروخ، هما من طرازي"أكسبرس-أم دي2"و"تيلكوم-3"، في عداد الأقمار الاصطناعية التائهة.
اللافت في الحدث أن السبب المُعلَن للفشل في الحادث الأخير هو عينه الذي استُعمِل لتبرير ضياع قمر اصطناعي في العام الماضي.
ويضع تكرار الحوادث المتشابهة على تباعد الزمن نسبياً بينها، علامات استفهام ثقيلة على آليات مراجعة الأخطاء التي تعترض تطوير خطط صناعات الفضاء في روسيا، وكذلك ايجاد حلول للمشاكل التي تعانيها.
عزلة للتفوق
في مقابل إخفاقات متكرّرة حاقت بمغامرة روسيا في الفضاء وأحبطت معنويات بعض خبرائها، لم تألُ روسيا جهداً في الحفاظ على ما تبقّى من سمعة مرموقة لها في صناعات الفضاء، إذ أنجزت خطوات عدّة لتأكيد قدرتها على المنافسة في هذا المجال.
وظهر هذا خصوصاً عبر تجارب التحضير لإرسال رحلة مأهولة إلى المريخ، مع العلم أن هذه الرحلة تستغرق سنوات. وبدأت التجارب لمحاكاة هذه الرحلة في العام 2007. وحينها، أمضى أفراد طاقم فريق بحثي 520 يوماً في كبسولة معزولة تماماً عن أجواء الأرض في مختبرات موسكو. و"عادوا"سالمين قبيل نهاية العام الماضي. وجاء المشاركون السبعة في تلك التجربة من روسيا وإيطاليا وفرنسا والصين. وخضعوا لفحوص عدة قبل أن يقع الاختيار عليهم. وبعيد عودتهم، أعلن غير شخص منهم أنه على رغم الوقت الصعب الذي أمضوه في العزل، إلاّ أنهم مستعدون للمشاركة في مهمة فضاء فعلية للسفر الى المريخ.
هواء ودفء ثم... مآكل!
هدفت التجربة لقياس مدى قدرة البشر على تحمّل السفر الطويل في الفضاء، وتحملهم رحلة متنوّعة الضغوط. وفي حال نجاح خطة إرسال بشر الى المريخ، يفترض أن يعمل رواد الفضاء بعد وصولهم إلى الكوكب الأحمر، لبناء مصنع يعمل على تدفئة الهواء عبر أخذ بعض المواد الكيماوية من التربة وفصلها وضخها في الغلاف الجوي. ومن شأن هذا الأمر أن يجعل الهواء على المريخ أكثف من حاله حاضراً وأعلى حرارة أيضاً أيضاً، ما يعني"تدفئة"ذلك الكوكب. وبعد 100 عام من تكرار عمليات مشابهة، يأمل العلماء أن ترتفع درجة حرارة المريخ فوق درجة التجمد، الأمر الذي يجعل المياه المتجمّدة تذوب لتتحوّل إلى بحيرات وأنهار. بعدها، يصبح الكوكب صالحاً لحياة أجيال مقبلة من البشر، أو يتحول إلى مزارع ربما ساهمت في حلّ مشاكل الأمن الغذائي على الأرض.
لحد الآن، لم تخرج هذه الخطط الطموحة عن اطارها النظري. فمازالت غالبية العلماء تؤكد أن إرسال رحلة مأهولة إلى الكوكب الأحمر وتوفير ظروف مناسبة لإقامة عدد من رواد الفضاء على سطحه، هو أقرب إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر، لم تخرج حتى الآن عن أن تكون جزءاً من خيال علمي يمكن أن يشكّل مادة دسمة لفيلم سينمائي.
وقبل أسابيع، أعرب أناتولي غريغورييف نائب رئيس"الأكاديمية الروسية للعلوم"، عن اقتناعه بأن التوصّل الى رحلة مأهولة إلى المريخ مازال بحاجة إلى كثير من العمل، وربما أُنجِزَت في النصف الأول من هذا القرن.
صواريخ بمحرك نووي
بعيداً من السِباق المُضمر مع الولايات المتحدة على إيصال بشرٍ إلى المريخ، يسعى علماء روس إلى تحقيق قفزة نوعية في صناعة الصواريخ القادرة على حمل مركبات إلى كواكب بعيدة من الأرض.
وتشجع كثير من هؤلاء بالنجاح الكبير لصاروخ روسي استطاع حمل مركبة الشحن الروسية من طراز"بروغريس"أخيراً إلى"محطة الفضاء الدولية"في غضون ست ساعات، بعدما كانت الرحلة ذاتها تستغرق يومين. وأشعل النجاح جهوداً لمواصلة التجارب على هذا الصعيد.
مجدٌ في 6 ساعات
نقلت وسائل إعلام روسية عن"مركز إدارة التحليقات الفضائية"مقرّه إحدى ضواحي موسكو أن التحام المركبة"بروغريس"جرى وفق البرنامج الموضوع. وأُنجِزَ الالتحام في شكل آلي في الدورة الرابعة للمركبة حول الأرض. وبهذا الشكل، وللمرة الأولى في تاريخ"محطة الفضاء الدولية"، نقلت مركبة شحن روسية حمولاتها إلى المدار في ست ساعات.
وشملت حمولة هذه المركبة كميات من الوقود والأوكسجين وتجهيزات تخصّ تجارب علمية، ومستلزمات طبية، ومواد غذائية، وكذلك طروداً بريدية إلى أفراد طاقم المحطة. وبلغ وزن مجمل الحمولات ما يزيد على 2.5 طن.
ووِفق ما نقلته وكالة الأنباء الروسية"نوفوستي"في وقت سابق عن خبير روسي في مجال الصواريخ الفضائية، فإنه في حال نجاح تجارب نقل الحمولات على غرار الرحلة الأخيرة باستخدام مركبة الشحن"بروغريس"، تفكر وكالة الفضاء الروسية"روس كوسموس"في تقديم اقتراح لنقل سُيّاح ورواد فضاء إلى"محطة الفضاء الدولية"، في 6 ساعات.
فتح هذا النجاح شهية الروس. وأعلنت موسكو أخيراً أن الفترة المقبلة ستشهد ولادة أول نموذج تجريبي لمحرك يعمل بالطاقة النووية ويعمل في مركبة فضائية تستطيع الوصول إلى كواكب بعيدة. وقدّر العلماء الفترة الزمنية اللازمة لانهاء التجارب على المحرك الجديد، بأنها تمتد حتى العام 2017.
وأعلن فلاديمير بوبوفكين مدير"روس كوسموس"أن روسيا تواصل العمل في تصنيع محرك نووي لمركبة المستقبل الفضائية، مشيراً إلى أن روسيا"تبقى الدولة الرائدة في هذا المجال، بفضل ما أُنجِزَ في الحقبة السوفياتية".
ويُتوقع أن تنتهي روسيا من صنع نموذج تجريبي في عام 2017، ثم تتخذُ قرارها بشأن صنع مركبة فضائية متطوّرة تعمل بمحرك نووي.
وأشار بوبوفكين إلى أن صناعة هذا النوع من المركبات تكلف روسيا أكثر من 7 بلايين روبل 235 مليون دولار.
لكن أحلام إحياء الأمجاد السوفياتية لا تقف عند مساعي تطوير القدرات الصاروخية لنقل المعدات والمؤن والرواد إلى الفضاء الخارجي، إذ تداعب مخيلة علماء روسيا أحلام إعادة الروح إلى مشاريع كانت موسكو سبّاقة فيها وأبرزها محطة"مير"الفضائية التي أعدمتها روسيا عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، كما رضيت بأن تكتفي بدور اللاعب الثانوي في"المحطة الدولية".
في سياق متّصل، أعلن بوبوفكين أن روسيا مستعدة من ناحية الإمكانات التقنية لبناء محطة فضائية جديدة خاصة بها. ولم يستبعد هذا المسؤول في"روس كوسموس"أن تتخذ موسكو قراراً بهذا الشأن، خصوصاً مع إمكان عدم التوصّل الى اتفاق حول إنشاء محطة فضاء دولية جديدة.
على هامش منتدى"معرض فارنبورو الجوي-2012"، أوضح بوبوفكين أن الخبراء الروس يصمّمون حالياً وحدات جديدة لمحطة فضاء، مع الأخذ في الاعتبار إمكان أن تستخدم هذه التصميمات في المستقبل لبناء محطات فضائية مأهولة.
وذكر بوبوفكين أن مجموعة الدول التي تستخدم"محطة الفضاء الدولية"شكّلت فريق عمل وكلّفته تحديد مواعيد الاستغناء عن المحطة. وتجدر الإشارة الى ان الدول المشاركة في مشروع هذه المحطة قررت تمديد فترة استخدامها حتى عام 2020، لكنها ستضطر بعد ذلك الموعد الى إغراق المحطة في المحيط الهادئ.
وأشار بوبوفكين الى أن النقاشات حول مستقبل التعاون الدولي في الفضاء تدور حالياً حول خيارات تتضمّن إنشاء محطات دولية صغيرة تعمل في مدار قريب من الأرض، أو محطة دولية قرب الجانب البعيد من القمر. وأشار إلى أن عدم التوصل الى اتفاق بين هذه الدول ربما يدفع موسكو لبناء محطة فضائية خاصة بها.
وفي هذا السياق، أشار خبراء الى الآثار التي أخذت بالتراكم بأثر المناخ السياسي المسيطر في السنوات الأخيرة على علاقات روسيا مع الغرب، خصوصاً الفشل في الاتفاق على خطط استراتيجية للأمن في أوروبا، وإصرار الغرب على المضي في مشاريع بناء"الدرع الصاروخية"، إضافة إلى تأزّم العلاقات بقوة بسبب الملفات الإقليمية كما برز في سورية أخيراً. ورأوا أن هذه الأمور ربما أوصلت إلى مواجهة باردة من نوع جديد، ستكون لها تأثيرات مباشرة على الخطط العلمية، خصوصاً في مجال الفضاء.
في المقابل، طرح كثيرون سؤالاً عن قدرة روسيا فعلياً على انفاق موازنات ضخمة في مشاريع فضاء، خصوصاً في ظل غلبة الفساد وسيطرته على مقدرات البلاد، وهو أمر انعكس سلباً على القدرات العلمية وبات يشكل خطراً فعلياً على مستقبل العلوم في روسيا كما حذر أكثر من مرة رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف.
شراكة في مختبر
في سياق مساعيها الحثيثة لتحقيق أحلامها في استعادة مكانتها في سباق الفضاء، تسعى روسيا إلى مواصلة تحسين قدراتها الصاروخية بطريقة تضمن الحفاظ على دور تلك الصواريخ المحوري بوصفها الناقل الأساسي للرواد والمعدات إلى الفضاء الخارجي. وكذلك تسعى روسيا للاستفادة من الاختراقات التي تنجزها وكالة"ناسا"أو غيرها من وكالات الفضاء، عبر توثيق التعاون معها في مجالات مختلفة.
وظهر هذا المنحى عبر مشاركة روسية، ولو أنها محدودة، في رحلة المسبار- المختبر"كوريوزيتي"، وصفها كثير من الخبراء الروس بأنها"بالغة الأهمية"، إذ حمل هذا المختبر الفضائي على متنه إلى سطح المريخ، جهازاً روسي الصنع لكشف الإشعاع النيتروني"دي أي أن"الذي يتخصّص في البحث عن الماء والمعادن. وباشر الجهاز عمله بعيد وصول"كوريوزيتي".
العوائق وكشفها
أعلن إيغور متروفانوف، مدير المختبر الفضائي الخاص ب"طيف أشعة غاما"في"معهد بحوث الفضاء"التابع ل"أكاديمية العلوم الروسية"، والمشرف على تصميم الجهاز وصناعته، أن الجهاز بثّ صوراً أولية من سطح الكوكب الأحمر، وأنّها التُقِطَتْ بآلات تصوير خاصة اسمها"هازكام"، متخصّصة في الكشف عن العوائق الطبيعية.
وصُمّم الكاشف"دي أي أن"في"معهد بحوث الفضاء"بالاتفاق بين مؤسسة"ناسا"الأميركية ومؤسسة"روس كوسموس"الروسية. ويمثّل هذا الجهاز مساهمة مهمة من روسيا في مشروع مسبار المريخ.
ويتفحّص الجهاز التربة مستخدماً حزماً من نيوترونات عالية السرعة تستطيع أن تتقصى وجود غاز الهيدروجين.
وإذا كان محتوى الهيدروجين في التربة كبيراً، تندمج النترونات بفعالية عالية معه، وتظهر على خريطة النيوترونات"مقاطع سود"، يمكن تفسيرها بثقة عالية بأنها مناطق تحوي على كميات كبيرة من الماء، أو من المعادن المتّحدة مع الهيدروجين والأوكسجين. وتملك هذه الأمور أهمية كبرى في مسار تعقّب آثار الحياة على المريخ.
وجرى فحص تكنولوجيا الجهاز بنجاح على نوعين من الكواشف، صُنِعا في"معهد بحوث الفضاء"الروسي. أحد هذين الكاشفين ما زال يعمل على متن مسبار الفضاء"مارس - أوديسيه"منذ ما يزيد على عشر سنوات.
وبيّنت المُعطيات التي أرسلها"مارس - أوديسيه"أن خطوط العرض العليا على كوكب المريخ تحتوي كمية كبيرة من الجليد المتجمّع على هيئة"طبقة سميكة من التجمد الأزلي". واستُخدِم النوع الآخر في تفحّص تربة القمر، خصوصاً المناطق التي يُعتَقَد بوجود جليد فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.