بنغازي (ليبيا) - رويترز - لا تستطيع التلميذة الليبية أن تخفي إحساسها بالزهو وهي تردد أغنية لم يكن من المتصور التفوّه بكلماتها قبل بضعة أشهر فقط. ووسط تصفيق زميلاتها في مدرسة الأمير في بنغازي، تردد التلميذة كلمات الأغنية التي تقول: «مجنون يا مجنون يا معمّر... ياما خرّب... ياما دمّر». وكانت العطلة في المدرسة أطول من المعتاد لكثير من الأطفال الليبيين هذا العام. وعندما بدأت الحرب ضد العقيد معمر القذافي توقفت الدراسة. والآن مع انتصار المعارضين وتولي حكومة جديدة السلطة، بدأت المدارس تدريجياً استئناف الدراسة. ويمثّل الأمن والتمويل قلقاً، لكن المهمة الأكبر هي إصلاح نظام تعليم هيمنت عليه طوال عقود تعاليم الزعيم الغريب الأطوار ونظرياته. ومن الكتب التي كان يتعين قراءتها في المدارس اثناء حكم القذافي «الكتاب الأخضر»، الذي يحتوي على تأملات الحاكم المخلوع في السياسة والاقتصاد والحياة اليومية. وكان التلاميذ وهم في طريقهم إلى قاعات الدراسة يمرون بصور للرجل الذي اعتادوا أن يلقبوه ب «الأخ القائد» و «الزعيم المحبوب». ومن أول الاجراءات التي اتخذها المجلس الوطني الانتقالي بعدما حمل السلاح ضد القذافي، تشكيل لجنة لحذف «تعاليمه» من المنهج. وقالت فوزية بوزريبة، وهي مديرة مدرسة منذ 30 عاماً، ل «رويترز»: «لدينا الكثير من التغييرات هذا العام، من بينها أسماء المدارس». وقالت: «منهج المجتمع الجماهيري المأخوذ من الكتاب الاخضر حُذف». وقالت مديرة مدرسة أخرى تدعى خديجة المسماري، إن العديد من دروس التاريخ حُذفت بالكامل. وفتح المدارس في موعدها كان صعباً، حيث لحقت أضرار بالغة ببعضها، بينما استخدمت مدارس أخرى كسجون موقتة ومستشفيات. ومازال الأمن مصدر قلق، فقد شردت عائلات وفقد التلاميذ شهوراً عدة من الدراسة. وقالت بوزريبة: «لم نبدأ عاماً جديداً بعد... سنكمل الفصل الثاني من العام الماضي ثم نبدأ عاماً جديداً». وقال مُدرّسون إن الآباء يخشون عودة العنف وما زالوا يبقون أولادهم في المنزل. وقالت المسماري التي تدير مدرسة تضم 520 تلميذاً: «أعداد الطلبة تتزايد بانتظام ونتوقع أن يحضر كل الطلبة بمرور الوقت». وقالت إنها طلبت من جنود المجلس الوطني الانتقالي المرور بضع مرات يومياً على المدرسة لطمأنة أولياء الأمور. واستأنف المدرّسون في بنغازي فتح المدارس رغم انهم لم يحصلوا على رواتبهم منذ شهور. لكن معظمهم يقولون إنهم يتفهمون أن الحكومة الجديدة تكافح من أجل الحصول على الأموال وهي تحاول ادارة البلاد من جديد. وقالت المسماري: «هذه ليست قضية كبيرة بالنسبة إلينا ونتوقع أن يتم تسويتها قريباً». وقال مدرّسون إن القضية الأكبر ستكون ايجاد دروس تحل محل بعض تعاليم القذافي وان كان معظمها سيحذف ويستبدل بمواد أخرى مثل الرياضيات. وقال عبدالكافي الكوافي، رئيس اللجنة العليا لمتابعة العملية التعليمية في بنغازي: «كانت مادة هامشية وسياسية، لذلك لا حاجة لاستبدالها بمادة أخرى». غير أنه أقرّ بأن التاريخ سيستغرق بعض العمل، حيث إن القذافي عمل على ضمان تصويره على انه بطل ليبيا العظيم. وقال الكوافي: «لدينا لجان تعكف على العمل في هذا الشأن الآن، لكن الوقت يمثّل أكبر تحد لنا».