الربيعة: المملكة منارة للعمل الإنساني والفرق الميدانية السعودية طافت أصقاع العالم    "واعي جازان" يحتفي بروّاد العطاء ويُكرّم شركاء النجاح    أمير تبوك يهنئ نيوم بمناسبة صعوده لدوري روشن للمحترفين    أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج الدفعة ال55 من طلاب وطالبات جامعة الملك فهد للبترول والمعادن    التعادل الإيجابي يحسم لقاء الرياض والفتح في دوري روشن للمحترفين    بعد أن يرحل الحريد.. ماذا تبقى من المهرجان؟ وماذا ينتظر فرسان؟    أمير الرياض يدشّن مشروعات تنموية في الخرج بتكلفة 47 مليون ريال    فيصل بن سلمان يزور عائلة الرويشد    حارس مرمى غوانغجو: سنحسم مواجهة الهلال خلال ال 90 دقيقة    أمير الرياض يرعى حفل افتتاح أعمال المنتدى السعودي للألبان بمحافظة الخرج    المملكة رئيسا لإقليم آسيا بمنظمة الأرصاد الجوية    معرض للتوعية بالأمن السيبراني    افتتاح جناح مدينة الرياض بمعرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    الرئاسة الدينية تحذر من المقاطع المفبركة لأئمة الحرمين    منصة لحماية الأوقاف وتعزيز شفافيتها    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عالية الدويش    «النقد الدولي» يحذر من تجاوز الدين العام العالمي لمستويات «كورونا»    "النجيمي"عضو فريق توثيق تاريخ كرة القدم السعودية: كافة مكتسبات الكرة السعودية والأندية محفوظة وفق معايير التصنيف    محافظ الطائف يستقبل مدير عام هيئة حقوق الإنسان بمنطقة مكة المكرمة    رئيس مجلس الشورى يعقد جلسة مباحثات رسمية مع رئيس مجلس الشورى القطري    أمير تبوك يستقبل الفائزين في معرض جنيف الدولي للاختراعات    محافظ الطائف يكرم الجهات المشاركة في فرضية الدفاع المدني    افتتاح مكتب النيابة في مطار الدمام    ملك الأردن يغادر جدة    بخبرة وكفاءة.. أطباء دله نمار ينقذون حياة سيدة خمسينية بعد توقف مفاجئ للقلب    الأمير محمد بن ناصر يرعى انطلاق ملتقى "المواطَنة الواعية" بتعليم جازان    رئيس جامعة الإمام عبدالرحمن يفتتح أعمال ومعرض المؤتمر ال17 لمستجدات الأطفال    القبض على مواطنين لترويجهما مادتي الإمفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين و 1.4 كيلوجرام من الحشيش المخدر    وكيل محافظة بيش يدشن أسبوع البيئة    رئيس مجلس إدارة نادي نيوم : نبارك لجماهير النادي الصعود المستحق واليوم نبدأ مرحلة جديدة    أمير الحدود الشمالية‬⁩ يدشّن مشروعات صحية بأكثر من 322 مليون ريال    فعاليات ثقافية بمكتبة الملك عبدالعزيز لليوم العالمي للكتاب    Saudi Signage & Labelling Expo يعود إلى الرياض لدعم الابتكار في سوق اللافتات في المملكة العربية السعودية البالغة قيمته 492 مليون دولار    السعودية تدين بأشد العبارات الهجوم الإرهابي الذي وقع في ( با هالجام) في جامو وكشمير والذي أسفر عن وفاة وإصابة العشرات    الداخلية: 50,000 ريال غرامة بحق كل مستقدم يتأخر عن الإبلاغ عن مغادرة من استقدمهم في الوقت المحدد لانتهاء تأشيرة الدخول    بيان مشترك في ختام زيارة رئيس وزراء جمهورية الهند للسعودية    ترند اليوم لا تتذكره غدا في هيئة الصحفيين بمكة    استشهاد 12 فلسطينيًا    105 تراخيص جديدة .. ارتفاع الاستثمارات والوظائف الصناعية في السعودية    إطلاق أكثر من 30 كائنًا فطريًا في محمية الملك خالد الملكية    الأردن يستعد لكشف تفاصيل جديدة عن "خلية الإخوان"    عودة رائد الفضاء دون بيتيت بعد 220 يوما    مصر ولبنان يطالبان بتطبيق القرار 1701 دون انتقائية    سفراء الوطن يحصدون الجوائز العالمية    مؤتمر مكة للدراسات الإسلامية.. فكر يبني وانسانية تخدم    اقترب من مزاحمة هدافي روشن.. بنزيما.. رقم قياسي تاريخي مع الاتحاد    الخليج والقادسية في ديربي شرقاوي.. والرياض يواجه الفتح    استمرار تحمل الدولة رسم تأشيرة عمالة مشروع «الهدي».. مجلس الوزراء: إنشاء غرفة عمليات لاستقبال ومعالجة بلاغات الاحتيال المالي    في ختام الجولة 30 من يلو.. الحزم لملاحقة النجمة.. والبكيرية لضمان» البلاي أوف»    أمير المدينة المنورة يطلع على جهود "الأمر بالمعروف"    دول آسيوية تدرس مضاعفة مشتريات الطاقة الأميركية لتعويض اختلال الميزان التجاري    معرّفات ظلامية    مؤتمر القصيم لطب الطوارئ يختتم أعماله    دليل الرعاية الصحية المنزلية.. خارطة طريق لكفاءة الخدمات    7 مليارات ريال تمويل القروض الزراعية    ما الأقوى: الشريعة أم القانون    نائب أمير الرياض يُشرف حفل السفارة الأمريكية بمناسبة ذكرى اليوم الوطني    موجبات الولادة القيصرية وعلاقتها بالحكم الروماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"المعيلة" في السعودية : تأنيث الفقر وإنكاره
نشر في الحياة يوم 16 - 08 - 2012

ضاقت سبل العيش ب"أم بندر"64 عاماً، لتجد في الخدمة في إحدى المدارس الحكومية، الحل الوحيد لإعالة أفراد عائلتها الثمانية. فالأرملة الستينية وجدت الهمّ يزداد بعد وفاة زوج ابنتها التي عادت إلى منزل أمها مع طفلين. دخْل أم بندر لا يتجاوز ألفي ريال، في وظيفة غير رسمية استطاعت الحصول عليها بدعم من معلمات المدرسة، تتقاضى الابنة من الضمان حوالى 800 ريال شهرياً، وكذلك الأم، وتعملان من أجل زيادة دخل الأسرة للعيش بكرامة. تعاني أم بندر من مشكلات صحية، وتواجه مشكلة في التنقلات، وتدفع لسائقها ما يقارب ثلث دخلها الشهري، ومع ذلك ترى أن الأمر مجدٍ طالما أنها لا تمدّ يدها للطلب.
وتعمل أم فيصل مراسلة في مدرسة حكومية لمساعدة زوجها، وكانا يسكنان في سكن خاص بالمدرسة، إلّا أنها لم تبقَ فيه بعد وفاة زوجها، إذ تقتضي الشروط أن السكن للزوجين العاملين في المدرسة، ما جعلها تستأجر سكناً قريباً من المدرسة لتوفر أجرة المواصلات، من دون أن تُضطر لترك عملها، وتقول:"دخلي لا يوفّر ما تحتاجه أسرتي، وإيجار سكني". وتوضح:"قدّمت طلباً للإسكان الخيري منذ سنوات، ولا أزال على قائمة الانتظار، ما دفعني للعمل بعد دوام المدرسة بالخدمة في البيوت، وفي المناسبات الخاصة للمعلمات من المدرسة أو من خارجها".
كثيرات النساء المعيلات لأسرهن واللواتي يؤكدن أن الفقر أمر ملازم للمرأة المعيلة، إذا لم تكن على درجة علمية جيدة، أو موظفة لها دخلها المناسب، أو أن تكون من أسرة داعمة اقتصادياً ممّا يمكّنها من الحياة وتربية الأطفال وتوفير حاجاتهم ولو كانت هي المعيلة الوحيدة. الدكتورة فاطمة عبدالله، تتحدّث عن تجربتها بعد الانفصال عن زوجها:"لم ينتهِ الأمر بسهولة، ومرّت ثلاث سنوات قبل حصولي على الطلاق، وبقي أطفالي الأربعة معي ومنذ أكثر من عشر سنوات ما زلت من دون نفقة من أبيهم، لأن لا شيء يجبر الأب على دفع النفقة إلا ضميره"، مشيرة إلى أن دخلها الوظيفي جيد ما جعلها لا تواجه مشكلة كونها المعيلة الوحيدة.
وتقول المعلمة عفاف:"اضطررت بعد الطلاق إلى أن أبحث عن عمل مسائي، لأنني أردت أن أتملك منزلاً، وأحببت ألّا يشعر أطفالي بأي نقص في حياتهم، وكان لا بد من عمل ثانٍ إلى جانب وظيفتي الثابتة". وتؤكد الدكتورة نورة الصويان التي تدرس مثل هذه الحالات، أن"تأنيث الفقر ظاهرة حقيقية، لا تعالج بالإنكار أو التبريرات، ولا بد من مواجهتها باستراتيجيات جادة تقوم على تعزيز الاستخدام الرشيد للقوى البشرية، وتمكين هذه القوى بالتدريب والتعليم والتنمية البشرية المتكاملة، وبالتنظيم والحماية الاجتماعية، وتوفير شبكات أمان مناسبة وتعزيز أنظمة دعم مرتكزة على الدولة والمجتمع كجزء لا يتجزأ من السياسة الاجتماعية". وتضيف:"الفقر ظاهرة اجتماعية ولكنه بالضرورة ليس قدراً محتوماً، وضع المرأة أكثر حرجاً من الرجل، لتأثّرها بالتغيرات الاقتصادية، التي قد تزيد من وتيرة معاناتها أثناء قيامها بمهام أدوارها الاجتماعية، المفروضة عليها من قبل مجتمعها".
وفي دراسة أعدتها عزيزة عبدالله النعيم ونشرت في جامعة الملك سعود عام 2005، تناولت الباحثة بعض الأحياء الشعبية بمنطقة الرياض، وتوصلت بعد دراسة عينة من 400 أسرة إلى أن نسبة النساء المعيلات لهذه الأسر 12,5 في المئة، ونسبة الأمية بينهن تصل إلى 66 في المئة، ونسبة تسرب الإناث من التعليم بينهن تبلغ 11 في المئة،"وكل هذه المؤشرات توضح أن هناك دوراً مفقوداً لمؤسسات المجتمع التي يجب أن توجه لتمكين هذه الأسر ذاتياً واقتصادياً، ولا يمكننا أن نجزم أن مسألة الفقر مرتبطة مباشرة بالنوع الاجتماعي. وفي الغالب نجد أن عمر النساء المعيلات أكبر من عمر الرجل، ما يجعل قدرتهن على العمل المنظّم أقل، كما أنّ الأميّة تشكل سبباً مباشراً لعدم الحصول على وظيفة مناسبة".
ولا يمكن أن نغفل الجوانب النفسية التي تؤثّر في أداء المرأة المعيلة، وبخاصة في المجتمعات التي تحدد حرية حركة المرأة، وتؤطر ذلك بوجود"محرم"للمراجعات في الدوائر التي تتطلب من المعيلة التواصل معها لإنهاء قضاياها الخاصة، علماً أن النساء المعيلات في الغالب وحيدات، وغالباً ما تكون معاناتهن الأساسية بسبب"محرم"متوفٍ أو مطلّق، أو هجر أسرته وعلّق زوجته، أو سجين أو مدمن مخدرات وربما قد يكون موجوداً ولكنه يعاني من مرض أو عجز أو إعاقة، وهذه الأوضاع الاجتماعية تؤثر من دون شك في حالات كثير من الأسر، بحيث تبقى الأم المعيلة هي من يتولى مسؤوليات التربية والإنفاق والتعليم والمتابعة والرقابة، وخصوصاً إذا كان عدد أفراد الأسرة كبيراً ويتطلب الأمر جهوداً مضاعفة.
وغالباً ما تشعر الأمهات المعيلات بالوهن والقلق والتوتر والاكتئاب النفسي، بفعل شعور الواحدة منهن بأنها"مستغلّة اقتصادياً"، فالأجور التي تُمنح لهن قليلة بالنسبة لحجم العمل، إذ إنها تعمل في شكل غير رسمي، ما يجعلها تفتقد التأمين الاجتماعي والصحي، ما يزيد من معاناتها في مواجهة ضغوط الحياة الاجتماعية والاقتصادية، في مجتمع تغيب فيه المؤسسات المدنية الفاعلة في هذا المجال، فيصعب تجميع النساء المعيلات من خلال تعاونيات نسوية تؤسس فيها مشروعات صغيرة ومتوسطة تمكّن النسوة من تبادل الخبرات وتنمية مهاراتهن أو يعرضهنّ للتجارب الناجحة، أو حتى ممارسة التنفيس الوجداني في مجموعة لها المعاناة ذاتها ما يخفّف العبء النفسي عليهن ويجعلهن أقدر على مواجهة تحديات المراحل المقبلة.
وتوصي الصويان بدمج قضايا المرأة في أهداف خطط التنمية الوطنية واستراتيجياتها الرئيسة باتساق وتكامل مع قضايا المجتمع في شكل عام وقضايا المرأة فيه على وجه الخصوص، كما تؤكد أهمية إشراك المرأة في البرامج التأهيلية والتدريبية التي تمكّن النساء من مواجهة الحياة بأنفسهن من خلال تعلم المهارات وتوظيفهن في الأماكن المناسبة لقدراتهن، بعد تدريبهن ليصبحن فاعلات في المجتمع، ومساهمات بخروج أسرهن من دائرة الفقر أو الحد من أثاره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.