قالت مصادر بالمعارضة السورية إن جامعة الدول العربية وتركيا تضغطان على المعارضة لتوحيد صفوفها قبل بدء مؤتمر"أصدقاء سورية"المقرر 1 نيسان أبريل المقبل والذي سيحضره عدد من وزراء الخارجية العرب والغربيين في إسطنبول. وتحضيراً لمؤتمر"أصدقاء سورية"، افتتحت إسطنبول امس مؤتمراً موسعاً للمعارضة السورية يستمر يومين يهدف إلى توحيد صفوفها بعد انشقاق عدد من المعارضين البارزين عن"المجلس الوطني السوري"الذي يعد بمثابة مظلة لكل أطياف المعارضة السورية، إلا أن انتقادات شديدة لدوره أدت إلى هز صورته في الآونة الأخيرة. ووجهت كل من قطروتركيا الدعوة للمعارضين السوريين لحضور مؤتمر إسطنبول أمس. وقالت الدعوة القطرية - التركية إن الهدف هو"مناقشة الرؤى من أجل سورية حرة وديموقراطية والاتفاق على مجموعة من المبادئ المشتركة لانتقال سياسي سلمي وتوحيد الصفوف حول المجلس الوطني السوري". وافتتح المؤتمر فعالياته ليل أمس، على أن تعقد اجتماعات العمل اليوم. وقال عضو المكتب الإعلامي في"المجلس الوطني"محمد السرميني في اتصال مع فرانس برس إن"فعاليات المؤتمر تبدأ بحفل استقبال مساء الاثنين، على أن تعقد الاجتماعات يوم غد اليوم من العاشرة صباحا وحتى السابعة مساء بتوقيت تركيا وتختتم بمؤتمر صحافي". وأضاف"الهدف من هذا المؤتمر هو توحيد رؤى المعارضة، ووضع الخطوط العريضة للعهد الوطني الذي يتكلم عن دولة مدنية يتساوى فيها المواطنون بغض النظر عن انتمائهم الديني والعرقي". وأوضح السرميني أن"الدعوة وجهت إلى كل أطياف المعارضة، واعتذر عن الحضور هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي والمنبر الديموقراطي". وبرر بيان لهيئة التنسيق الوطنية الغياب عن المؤتمر بوجود"كثير من التجاوزات التنظيمية والسياسية". وعدّد بين هذه"التجاوزات"مشاركة تركياوقطر في توجيه الدعوات، معتبراً إياها"محاولة للقفز فوق دور جامعة الدول العربية ومصادرته لمصلحة شراكة متفردة وملفتة للانتباه بين قطروتركيا". كما أشار البيان إلى أن"الدعوة لم توجه إلى معارضة الداخل وقواها المنظمة الرئيسية والشخصيات الوطنية ... واقتصرت الدعوات على عدد من الأفراد الذين اختارتهم الجهة الداعية بنفسها متجاهلة حق أحزابهم وتياراتهم ومجموعاتهم وتحالفاتهم التي ينتمون إليها في اختيار من يمثلها إذا قررت المشاركة"، من دون أن يوضح من المقصود بهذه الجهات. واعترض بيان هيئة التنسيق على ما اعتبره"مسعى لوصاية سياسية على المعارضة السورية وحشرها مع رؤى ومصالح الجهات الداعية"، داعياً إلى"تحضير متقن ومتأن"للمؤتمر بعد"إنضاج عوامل التوحيد والانسجام الفعلي بين القوى الأساسية على الأقل". كما رفض"المنبر الديموقراطي"المشاركة في اجتماعات إسطنبول للأسباب نفسها، وبين الشخصيات المعروفة الأعضاء في المنبر الديموقراطي المعارض البارز ميشال كيلو. وقالت كاترين التلي الناشطة الحقوقية، التي سجنت خلال الانتفاضة وواحدة من خمسة أعضاء بارزين في"المجلس الوطني السوري"استقالوا من المجلس الشهر الماضي وشكلوا"الجبهة الوطنية السورية"، إنها ستحضر الاجتماع وإن واحداً أو اثنين من زملائها سيشاركان أيضاً. كما قال رئيس"المؤتمر الوطني السوري للتغيير"عمار القربي إنه يرحب بفكرة"الرؤية الموحدة"، لكن"يجب أن لا تكون تحت مظلة المجلس الوطني السوري". وقال معارض كبير لوكالة رويترز إنه يقبل بالدعوة القطرية - التركية رغم تحفظاته على قيادة المجلس الوطني السوري والإخوان المسلمين. وقال"إنني أحاول تقبل الأمر لأننا جميعاً نريد إنجاح اجتماع أصدقاء سورية". وتابع"تريد القوى العالمية ضماناً جاداً بأن المعارضة لن تسمح بانزلاق سورية إلى الفوضى. المجلس الوطني السوري يتعرض للضغط كي يطرح على الأقل وجهة نظر متماسكة لفترة ما بعد الأسد". وانسحب بعض الليبراليين والإسلاميين المستقلين المعارضين للنفوذ المتنامي للإخوان المسلمين من"المجلس الوطني السوري"الذي تأسس العام الماضي ما أثار الشكوك في شأن مدى قدرة المعارضة على تشكيل جبهة مشتركة ضد النظام. وقال فاروق طيفور المسؤول بالإخوان المسلمين في مؤتمر صحافي بإسطنبول إنه يتوقع الاعتراف ب"المجلس الوطني السوري"باعتباره الممثل الشرعي الوحيد لسورية. وأعلن طيفور أيضاً تأييده لتمديد رئاسة برهان غليون للمجلس الوطني. ويواجه غليون وهو أستاذ علوم سياسية علماني مقيم في باريس انتقادات حادة منذ تعيينه. وجورج صبرا هو المنافس الرئيسي لتولي المنصب خلفاً لغليون عندما تنتهي فترة رئاسته للمجلس التي تستمر ثلاثة أشهر. وصبرا حليف لرياض الترك المعارض السوري البارز. ويعمل الترك سراً داخل سورية وله نفوذ معنوي على المعارضة وكان انتقد هو وصبرا علانية أن يتولى معارض من الخارج رئاسة المجلس الوطني، موضحان أنه من الأفضل أن تكون الرئاسة لأحد معارضي الداخل السوري. وكانت جماعة الإخوان المسلمين في سورية أعلنت أول من امس من إسطنبول وثيقة"عهد وميثاق"حددت فيها الأطر العريضة لمفهومها لسورية بعد الأسد ودعت إلى بناء"دولة مدنية حديثة ديموقراطية تعددية تداولية". كما قال مصدر في"المجلس الوطني السوري"إن غليون اقترح في مناقشات أجريت في مطلع الأسبوع تبني"قسم وطني"يتضمن تعهد المعارضة بأكملها ببناء دولة ديموقراطية"من دون أي نية للانتقام"والبدء في عملية مصالحة وطنية فور سقوط النظام وذلك في محاولة لتهدئة المخاوف من صراع بين القوى المختلفة في حال سقوط النظام. يشار إلى أن"المجلس الوطني السوري"حظي ببعض الاعتراف الدولي، لكنه يعاني من خلافات داخلية وانتقادات من ناشطي الداخل لقيادته التي تعيش في الخارج. وطالبت الدول الغربية بخاصة الولاياتالمتحدة بتعهد المعارضة بحماية الأقليات والحفاظ على السلم الأهلي في أي مرحلة بعد الأسد. لكن تزايد أعمال القتل الطائفي بين السنة والطائفة العلوية وعمل عدد متزايد من المسلحين السوريين خارج نطاق أي قيادة مركزية مثل"الجيش السوري الحر"، إضافة إلى اتهام منظمات حقوقية دولية مثل"هيومن رايتس وواتش"لمقاتلي المعارضة بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، عزز المخاوف الغربية من انزلاق سورية في حالة من الفوضى في حال سقوط النظام.