أكد الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي أن مجرد عقد القمة العربية في بغداد"إنجاز"، نافياً أن تكون المشاكل الداخلية العراقية على جدول أعمالها. وقال العربي في حوار مع"الحياة"عشية مغادرته القاهرة إلى بغداد على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لمعاينة الاستعدادات إن القمة ستناقش القضية الفلسطينية والأوضاع في سورية والصومال، ومساعدة اليمن، وإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. ولفت إلى أن عقد القمة في بغداد هو من"أجل العراق بعد محنته الطويلة"، وليس من أجل"النظام الحاكم"، معرباً عن أمله في تمثيل رفيع للدول المشاركة. وأوضح أن منظمات دولية ستشارك فيها، وليس رؤساء دول غير عربية، وقال إن 29 دولة طلبت المشاركة، بينها"إيران وتركيا، وتم رفض الطلبات". وأشار إلى اختصار القمة في جدول أعمال من عشرة بنود والاجتماعات التحضيرية إلى اجتماعين فقط، بالإضافة إلى جلسة القمة. وهنا نص الحوار: كيف ترى إلى انعقاد القمة العربية في بغداد؟ - يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن العام الماضي، على رغم مما شاهدناه من تغييرات حقيقية على الأرض، كل الدول العربية، وكل منها غير طبقاً لما يستطيع، وتغيرت أنظمة غير مقبولة من شعوبها. وهناك دول أجرت حكوماتها تعديلات وتواصل التغيير والتطوير. وهذا هو المطلوب. العام الماضي لم تكن هناك قمة. ولذلك يجب أن ننظر إليها على أساس أن مجرد انعقادها في بغداد إنجاز. أما المواضيع المطروحة فهي محددة سلفاً. قبل القمة اجتمع وزراء الخارجية مطلع الشهر الجاري، واجتمع المندوبون قبل أيام، وتحددت مواضيع على رأسها طبعاً القضية الفلسطينية، والأوضاع في بعض الدول العربية مثل سورية واليمن الذي خرج من المحنة، والصومال الذي يعيش في محنة، وموضوع يهم كل الدول العربية وهو إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. هل ستناقش القمة المشاكل الداخلية العراقية؟ - المواضيع الداخلية في الدول العربية غير مطروحة على جدول أعمال أي قمة. المندوبون لم يقرروا هذا، ووزراء الخارجية سيجتمعون عشية القمة الأربعاء ولم تطرح دولة واحدة هذا الموضوع. مكونات في العراق كانت ترفض القمة من الأساس لأن عقدها في بغداد يدعم حكومة نوري المالكي وفي آخر اجتماع لوزراء الخارجية وزع بيان باسم السنة يرفض عقدها لأنها تدعم المالكي وليس رفضاً للقادة العرب؟ - هم أحرار في رأيهم بطبيعة الحال، ولكن الأمانة العامة للجامعة تنظر إلى القمة على أنها قمة للعراق، وليست للنظام السياسي الحاكم، القمة هي للعراق عاصمته، بعد المحنة الطويلة التي مر بها، والحروب ونظام صدام حسين قبل ذلك. العراق دولة مؤسسة، دولة كبرى، دولة أساسية في منظومة العمل العربي، تستعيد موقعها. هذه هي القمة الثالثة في بغداد بعد قمتي 78 و90 ما تقويمك للجهود العراقية وكنا لآخر لحظة نشك في إمكان انعقادها؟ - الحكومة العراقية قامت بكل ما يمكن لإنجاح هذه القمة، ووضعت تحت تصرف الوفود كل الإمكانات الأمنية والتنظيمية والإدارية وستكون إن شاء الله قمة ناجحة. العراق يراها فرصة لعودته إلى محيطه العربي. هل كان بعيداً إلى هذا الحد؟ - كانت لدى العراق مشاكل داخلية، احتلال، وجنود أجانب، أياً كان السبب في دخولهم، واليوم بعدما انتهى كل هذا، فإنه يستحق بجدارة أن يستعيد مكانه في قلب العالم العربي. هل لدى الجامعة معلومات عن المشاركة أو مستوى التمثيل؟ - المعلومات غير دقيقة لأن بعضهم سيقرر في آخر لحظة. لكن آمل بأن يكون هناك عدد كبير من رؤساء الدول. لا أستطيع أن أحدد العدد. لقد أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي أن مستوى تمثيلها يتوقف على الظروف؟ - بعض الدول الخليجية ستتمثل على مستوى رئيس الدولة. هل تدفع الدول المضيفة ثمن مواقف سابقة؟ هل مستوى التمثيل بات ورقة ضغط في القمم العربية؟ -أرجو ألا يكون هذا سبباً في أي قمة. التهديد برفع أو خفض مستوى التمثيل يجب أن لا يكون ورقة ضغط . لكل دولة الحق في تحديد من يمثلها. والقمة بمن يحضر. الميثاق لا ينص على نصاب للقمة أليس كذلك؟ -القمة ليست مسألة شخصية. هذه مشاركات دول وهى التي تحدد مستوى التمثيل. أعرب البعض عن مخاوفه من تدخل إيراني في أعمال القمة، وإملاء بعض المواقف على بغداد وبالتالي على القرارات هل تشعر بذلك؟ - لا. لن يتحقق شيء من هذا. القمة عربية وليس لأي دولة أخرى وسيلة للضغط، حتى لو افترضنا أن هناك دولة تريد تمرير شيء عبر دولة أخرى، فالقرار في القمة بالغالبية وليس للدولة المضيفة. هل مشكلة قمة بغداد أمنية؟ - لقد انتهينا من هذا. القمة في موعدها. هناك أزمة أمنية؟ التقارير تشير إلى شكوى المواطنين في بغداد من الإجراءات غير المسبوقة؟ - الإجراءات الأمنية غير المسبوقة ليست لإغضاب الناس. كما أنها لا تشير إلى أزمة وسأكون في بغداد اليوم. من سيحضر من الجهات الأجنبية من دول ومنظمات. في قمة سرت الأخيرة حضر رؤساء دول؟ - كل الدول التي طلبت الحضور تم الاعتذار إليها. من طلب الحضور؟ - 29 دولة من اليابان إلى أميركا اللاتينية. وإيران؟ - طبعاً. وتركيا. وتم الرفض. لماذا؟ - للتأمين الكامل. ولمنع المشاكل السياسية. سيحضر الأمين العام للأمم المتحدة، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي. ومفوضة الاتحاد الأوروبي. هل أدت الأسباب الأمنية والسياسية إلى اقتصار جدول الأعمال على عشرة بنود واقتصار الجلسات على ثلاث؟ - بالضبط سورية لن تشارك فهل ستكون الحاضر الغائب؟ - نعم، لأننا سنبحث الموضوع السوري كبند أساسي في إطار القرارات التي صدرت من مجلس الجامعة الوزاري. هل ستعيد القمة إنتاج قرارات وزراء الخارجية ومؤتمر أصدقاء سورية في تونس أم أن هناك خطوة جديدة؟ - هناك خطوة جديدة؟ أرجو ألا نفكر أبداً في هذا الاتجاه لأن الخطوة الأخيرة التي اتخذت لم تثمر بعد. الجمعية العامة للأمم المتحدة قررت تعيين مبعوث مشترك مع الجامعة العربية، وبعد البحث في أسماء كثيرة تم الاتفاق وتعيين السيد كوفي أنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة ليكون ممثلاً مشتركاً للأمم المتحدة والجامعة العربية، واتفق أيضاً على أن يعين له نائب وهو الدكتور ناصر القدوة الذي سيكون موجوداً في قمة بغداد، ولأن لدى أنان مواعيد في هذه الفترة في موسكو وبكين. أنان تقدم بنقاط محددة شبيهة بالنقاط التي تقدمنا بها كجامعة عربية منذ 13 تموز يوليو الماضي، وصدر بها بيان رئاسي من مجلس الأمن قبل يومين، هذه خطوة مهمة ومؤشر إلى تغيير في موقف روسيا والصين هذا ليس قراراً ملزماً. إنه مجرد بيان. بعد جولة أنان وبعد قمة بغداد وصدور موقف موحد، سيصب كل هذا في مجلس الأمن. وبعد ذلك سيصدر قرار ملزم من مجلس الأمن يؤدي إلى الاستمرار في المسار السياسي في الإطار الذي حددته قرارات الجامعة العربية، ومسار آخر عاجل وفوري وهو وقف كل أنواع العنف لأن من يقتل هو الشعب السوري من الجانبين. هذه خطوات ستصب بعد ذلك في مجلس الأمن ليصدر القرار الملزم لوقف العنف ويبدأ حل الأزمة في إطار القرارات العربية. هل مطالبة الرئيس السوري بالتنحي مستبعدة الآن؟ - صحيح. مهمة أنان بدأت بالفعل والبيان الرئاسي صدر، هل سيكون هناك تقرير من أنان أو القدوة أمام القمة؟ - في تقريري سأتكلم عن هذا. كنت في جنيف وعدت الخميس وقابلت أنان ثلاث مرات. من دون التطرق إلى فحوى تقريرك. ماذا ستقول للقادة العرب عن حصاد أسبوعين لمهمة أنان والقدوة؟ - سأقول إن أنان ذهب إلى دمشق وتحدث مع النظام السوري وعرض مقترحات وطلب الرد عليها خلال 48 ساعة. وحصل على رد. ولكنه رد غير كاف ولذلك فالخطوات مستمرة. وسأشير إلى أن الأممالمتحدة أرسلت بعثتين، بعثة للأمور الإنسانية واجهت مشاكل، وبعثة لترتيب وجود مراقبين للتحقق من وقف العنف والإشراف عليه، وقد تلقى أنان تقريرها أمس وأتوقع أن أسمع منه قبيل انعقاد القمة. هل انخفض مستوى العنف؟ هل هناك أي تطور إيجابي بعد مهمة أنان؟ - لا... لا أستطيع أن أقول ذلك. ليس لدي معلومات دقيقة. عندما كان مراقبو الجامعة على الأرض تراجع القتل بوتيرة كبيرة. لكن عددهم كان محدوداً. عملوا طوال الأربع والعشرين ساعة. المطلوب آلية مناسبة للرقابة والإشراف على إنهاء العنف. هل ستلقى مصير البعثة العربية؟ - نحن اضطررنا إلى سحب البعثة لأن العدد انخفض. ما توقعاتك لفحوى قرار القمة المتعلق بالوضع السوري؟ - سيكون في الإطار الذي ذكرته. أنت مهتم بإعادة هيكلة مؤسسات الجامعة. لماذا؟ - المنظمات الدولية بدأت في واقع الأمر بعد الحرب العالمية الأولى. كانت عصبة الأمم، واعتبرها الجيل الأول من المنظمات الدولية. عندما كان يتم إعداد ميثاق الجامعة في أيلول سبتمبر وتشرين الثاني أكتوبر عام 1944، قبل إقرار ميثاق الأممالمتحدة عام 1945. كان من يصيغونه متأثرين بالأفكار والفلسفة والآليات الموجودة في عصبة الأمم. وجاء جيل ثان من المنظمات وهي الأممالمتحدة. فجيل ثالث من المنظمات. الأفكار تتقدم مثلما الآليات. والجيل الثالث مثل الاتحاد الأوروبي، أما الفارق بين الجيل الثاني من المنظمات مثل الأممالمتحدة والجيل الثالث، فهو أن الأممالمتحدة ليس فيها ديموقراطية كاملة للأسف، لأن مجلس الأمن بحسب الميثاق يسمح لأي دولة من الدول الخمس دائمة العضوية أن توقف أي قرار.لا يوجد ديموقراطية حقيقية على المستوى الدولي.أما الجيل الثالث مثل الاتحاد الأوروبي بمجرد صدور القرارات تنفذ وتدخل التشريعات. في الأممالمتحدة فجوة كبيرة بين صدور القرارات وتنفيذها، حتى قرارات مجلس الأمن. فالقرار 242 بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة صدر بإجماع الدول وحتى الآن نفذ منه ما يتعلق بمصر والأردن ولم ينفذ بالنسبة إلى سورية وفلسطين. ميثاق الجامعة بمنهجه وفلسفته يقع في إطار الجيل الأول من المنظمات الدولية. طبعاً لا يمكن أن تنتقل من الجيل الأول إلى الجيل الثالث بسهولة. إذن كيف ترى إمكان التطوير في الجامعة؟ -هناك أمران لا بد أن نفرق بينهما، الأول: تحسين الأداء، وإعادة الهيكلة وهذا موضوع من صلاحيات الأمين العام وكل الدول العربية مرحبة، ثانياً إدخال الإصلاحات أو التطوير المطلوب حتى تستطيع الجامعة أن تضطلع بالمسؤوليات الجديدة... لقد أصبحت هناك مسؤولية الإشراف ومراقبة الانتخابات 96 مراقباً بعد شهر إلى الجزائر. طلب من الجامعة إرسال فريق مراقبين إلى سورية. وكان موضوعاً جديداً، وطلبنا مساعدات من الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي وأرسلنا الفريق في أربعة أيام فقط لأن القتل كان مستمراً. أفهم أنك تركز على الميثاق للوصول إلى مفهوم ومواصفات الجيل الثاني للمنظمات الدولية؟ - لكي أدخل بعض مفاهيم مقبولة بصفة عامة، فلدينا طلب من البحرين ? مثلاً ? وأقدره لإنشاء محكمة حقوق إنسان عربية، يستطيع أي فرد عربي أن يتقدم إليها بشكوى، وهذا تقدم في الفكر، سندرس الطلب ولا أعرف كيف سيتم، لدينا برلمان انتقالي ونريد تحويله إلى دائم. هذا يقتضي تعديل الميثاق؟ - لا. يمكن إضافة ملاحق إلى الميثاق، لكن لا بد من أن ننظر إلى المستقبل، فميثاق الأممالمتحدة في المادة 109 نص صراحة على إعادة النظر في كل فترة زمنية، ولو لم تطلب دولة وضع بند للتعديلات يوضع تلقائياً كل عشر سنوات، وأرغب في وضع آلية لمراجعة مستمرة لميثاق الجامعة لأن الإصلاحات والتطوير ليست عملية اليوم الواحد. الشعوب غير راضية عن أداء الجامعة والبعض يتحدث عن الرغبة في جامعة شعوب وليس جامعة حكومات بعد ثورات الربيع العربي. ما رأيك؟ - غير وارد إطلاقاً، أرجو ممن يثيره أن يشير إلى منظمة دولية مكونة من الشعوب. نحن في مرحلة معينة من التنظيم الدولي المعاصر، قائم على أن جميع المنظمات حكومية، لكن هناك فارق وهو أن هناك دولاً كثيرة تستجيب الحكومة فيها طلبات الشعوب وتأخذ المواقف التي ترغب بها الشعوب. أرجو أن تنتقل الدول العربية إلى هذه المرحلة، وتكون الحكومات ممثلة للشعوب. هناك حديث عن برلمان مواز مثلاً. أو جامعة موازية. - أهلاً وسهلاً. لا علاقة لي بهذا. أهلاً بهم. كلها محاولات مفيدة ولكن دعني أقول إن الجامعة تحترم الشعوب العربية وهي تفتح أبوابها للجميع شعوباً وحكومات بالقدر نفسه، وبعض الدول تغضب من كلمة"بالقدر نفسه"هذه. ولكننا نستمع، ونعمم مذكرات بكل هذه اللقاءات التي تتم مع ممثلي شعوب في مقر الأمانة العامة. الباب مفتوح. ولكن جامعة الدول العربية هي منظمة للدول وليست للشعوب، مثل كل المنظمات الدولية.