منذ اليوم الأول لافتتاحه، جذب معرض"الحج: رحلة في قلب الإسلام"حشوداً من الزوار تجمعهم الرغبة في التعرف إلى هذا الركن الأساسي من أركان الدين الإسلامي، بغض النظر عن الخلفيات السياسية والاجتماعية للأحداث العالمية الراهنة. فالزائر هنا، البريطاني وغير البريطاني، المسلم وغير المسلم، يتجول في المعرض الأول من نوعه في بريطانيا باحثاً عن ملامح من هذه التجربة الروحية المميزة. موجودات المعرض، الآتية من مجموعات مختلفة، تقدم للمشاهد خريطة طريق توضح تطور مسيرة الحج عبر القرون. ولا تقتصر المعروضات على قطع أثرية تاريخية نادرة، وإنما هناك أعمال فنية معاصرة تبين لنا الرؤية الجديدة التي يحملها فنانون مسلمون حديثون لهذا الركن الإسلامي الحيوي. للمعرض ثلاثة اتجاهات أساسية: رحلة الحجيج من خلال الدروب الرئيسية من أفريقيا وآسيا وأوروبا وبلاد الشام، ثم شعائر الحج كما تؤدى اليوم في ظل التوسعات المتتالية التي شهدتها الأراضي المقدسة، وأخيراً مكةالمكرمة حيث يتجمع ملايين المسلمين سنوياً. ولقد نجح المتحف البريطاني بجدارة في تحويل"قاعة القراءة"الفاخرة إلى مسار جديد يقود الزوار في رحلتهم الخاصة منذ لحظة الدعوة إلى الحج وصولاً إلى خزانة الهدايا التي يقبل عليها الحجاج بعد انتهاء مناسكهم، واستعداداً للعودة إلى الأحبة والأهل في أوطانهم الأصلية. يقول مدير المتحف البريطاني نيل ماكروغر ل"الحياة":"كيف يمكننا أن نفهم عالمنا المعاصر هذا ما لم نلق نظرة على الارتباط بين الإيمان والمجتمع... لقد كان معرض الحج اختياراً طبيعياً للمتحف البريطاني، لأن الإسلام هو أحد أكبر الأديان في العالم". وينجح المعرض كذلك في إظهار التطورات التي عرفتها المشاعر المقدسة منذ عشرينات القرن الماضي وحتى اليوم، والتي ساعدت لاحقاً في ارتفاع عدد الحجيج إلى ثلاثة ملايين شخص سنوياً. وللتذكير فقط، فإن الفترة بين العام 2000 والعام 2005 شهدت زيادة عدد الحجاج من 800 ألف إلى 1.8 مليون سنوياً. ووقف زوار المعرض طويلاً أمام صندوق عرض زجاجي احتوى على واحدة من أقدم النسخ المعروفة للقرآن الكريم، وهي تعود إلى القرن الثامن الميلادي، وقد أعارتها إلى المعرض المكتبة البريطانية العامة. يقول إدوارد غيبز، رئيس قسم الشرق الأوسط في دار سوذبيز للمزادات العالمية ل"الحياة":"يكمن في صميم المعرض المفهوم العميق لمعنى الرحلة: رحلة الحاج، رحلة الفنان، رحلة المشاهد. الجميع ينتقلون جسدياً وروحياً وفكرياً إلى حيث يبدأ كل شيء وينتهي كل شيء. وهذا ما يذكرني بمقطع للشاعر الأميركي-البريطاني تي. أس. إليوت: لن نتوقف عن الاستكشاف. وعند نهاية رحلتنا سنصل إلى حيث انطلقنا. وعندها سنتعرف إلى المكان للمرة الأولى".