في وقت جرت محاولات للسيطرة على الأزمة بين جماعة"الإخوان المسلمين"والقوى الثورية في مصر على خلفية الاشتباكات التي اندلعت بين الطرفين قرب مقر البرلمان أول من أمس، واصل الطرفان تبادل الاتهامات، إذ استنكرت ائتلافات ثورية عدة تصرفات"الإخوان"وشبهتهم بالحزب الوطني المنحل، وردت الجماعة بأن أدرجت الهجوم عليها ضمن"مخططات التخريب والفوضى التي تمولها دول أجنبية". وأكدت رفضها مطلب إنهاء الحكم العسكري فوراً، معتبرة أن"من شأنه إدخال البلاد في فوضى عارمة". وأثارت الاشتباكات بين"الإخوان"ومتظاهرين مخاوف على مستقبل العلاقة بين الطرفين، خصوصاً أنها المرة الثانية التي تندلع فيها مثل هذه الاشتباكات التي تصدرت المشهد في ميدان التحرير يوم الجمعة الماضي. وكان آلاف من شباب"الإخوان"شكلوا"دروعاً بشرية"منعت مسيرات شارك فيها عشرات الآلاف من الوصول إلى مقر البرلمان، ما أثار غضب المتظاهرين الذين رددوا هتافات ضد"الإخوان"وصلت إلى حدِّ المطالبة بإسقاط البرلمان نفسه. واندلعت اشتباكات بين الطرفين خلفت 70 مصاباً، بحسب وزارة الصحة. وتسببت الاشتباكات في نشوب أزمة داخل لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان أثناء اجتماعها أمس، إذ طالب أعضاء فيها بتقديم مرشد"الإخوان"الدكتور محمد بديع ورئيس حزب"الحرية والعدالة"، الذراع السياسية للجماعة، الدكتور محمد مرسي، ورئيس البرلمان القيادي في الحزب الدكتور سعد الكتاتني اعتذاراً عن هذه الأحداث، وهو الطلب الذي رفضه نواب"الإخوان"في اللجنة واعتبروا أن"شباب الإخوان كان هدفهم حماية البرلمان من أي مخططات تستهدفه". وعبَّرت ائتلافات ثورية عدة عن استيائها من هذه الأحداث، منها"حركة 6 أبريل"بجبهتيها و"تحالف ثوار مصر"وعدد من النواب المحسوبين على التيار المدني في البرلمان. وأكد منسق"6 أبريل"أحمد ماهر أن"الإخوان لا يحق لهم حماية مؤسسات الدولة، لأن هذه المهمة من مسؤوليات الدولة"، منتقداً"منع فصيل آخر من التعبير عن رأيه". واستنكر"تحالف ثوار مصر"، تصرفات شباب"الإخوان"، ووصفهم في بيان بأنهم"موجهون ومغيبون من قبل قادتهم"، مطالباً قادة الجماعة"بتقديم اعتذار رسمي عن الدفع بشبابهم للقيام بدور الميليشيات الذي لم تعهده مصر من قبل". وأكد أن"المشهد أمام البرلمان كان سخيفاً ومستفزاً ومقززاً، خصوصاً أنه جاء بعد ثورة التحمت فيها كل التيارات". وأضاف أن"مواقف الإخوان تسببت خلال الشهور الماضية في حدوث انقسام وتشويه لصورة الثورة العظيمة". وأكد الناطق باسم"6 أبريل - الجبهة الديموقراطية"طارق الخولي إدانة الحركة للأحداث. وقال إن"شباب الثورة هم من ساهموا في شكل أساسي في قيام برلمان شعبي لأول مرة في تاريخ البلاد، فلا يجوز منعهم من الوصول إليه لعرض مطالبهم بزعم أنهم مخربون". وردت جماعة"الإخوان"على الهجوم ببيان قالت فيه إن"بعض الأفراد والمجموعات ادعى بطلان مجلس الشعب وعلو شرعية الميدان على شرعية البرلمان، وقرأنا وسمعنا من يتنادى منهم بمنع أعضاء البرلمان من دخوله، ومنهم من هدد بالعدوان عليهم، ومنهم من ادعى أنه سيصدر أمر تكليف لنواب الشعب بتنفيذ مطالب الثورة في مزايدة إعلامية واضحة". وأشارت إلى أن"هناك اتفاقاً على رحيل المجلس العسكري عن السلطة، لكن الخلاف في التوقيت فقط، فالآخرون يطالبون برحيله فوراً، ونحن نطالب برحيله بعد استكمال سائر المؤسسات الدستورية ليتسنى تسليم السلطة لمؤسسات شرعية". ورأت أن"رحيل المجلس العسكري فوراً سيترك فراغاً أمنياً يكون ساحة لفوضى عارمة في البلاد، خصوصاً في ظل غياب دور الشرطة الفعال وتطهير وزارة الداخلية لتكون حامية للشعب وفي خدمته بحق". وأكدت الجماعة أنها"تؤيد ضغط الفترة الانتقالية الباقية إلى أقل مدة ممكنة شريطة أن تتوافق الإجراءات مع مواد الإعلان الدستوري"، مستغربة أن"من يطالبون برحيل العسكر فوراً هم الذين كانوا يتوسلون لهم البقاء لأنهم غير جاهزين للانتخابات والإخوان فقط هم الجاهزون، وكانوا يطالبون بالدستور أولاً قبل الانتخابات والآن يطالبون بانتخابات الرئاسة أولاً قبل الدستور، ويهاجمون الإخوان ويسبونهم وفي الوقت نفسه يطالبون بتسليم رئاسة الدولة لرئيس مجلس الشعب"القيادي"الإخواني"سعد الكتاتني. وطالبت المجلس العسكري ووزير العدل ب"الإسراع في اتخاذ الإجراءات القانونية ونشر المعلومات التي تم التوصل إليها بخصوص الأفراد والمجموعات التي تلقت التمويل والتدريب في الخارج من دول أجنبية، ويتم استخدامها حتى الآن في تمويل عمليات الفوضى والعدوان والتخريب، ويتم التنسيق بينها بصورة ملحوظة في كل سيناريو". وناشدت"التمسك بالثورة وأهدافها ورفض أساليب الهدم والتخريب والعدوان وعدم الانخداع بالشعارات الرنانة التي هي من قبيل الحق الذي يراد به باطل". وسعت شخصيات عامة إلى تهدئة الموقف بين الجانبين. وقال الناشط السياسي وائل غنيم إن"البرلمان الذي انتخبه 27 مليون مصري ممثل للشعب، وهتاف الآلاف بإسقاط شرعيته عبث". وأضاف في تدوينة في صفحته على موقع"فايسبوك"تعليقاً على المطالبات بإسقاط مجلس الشعب الذي حصد"الإخوان"أكثرية مقاعده:"يجب احترام اختيار الشعب لأننا نزلنا إلى الشوارع لنعيد حق المصريين في انتخاب من يمثلهم بعدما سلبوا هذا الحق على مدار عشرات السنين... أرجو أن نعي جميعاً أن من لا يريد نجاح ثورتنا يتمنى أن يحدث الشقاق بين البرلمان والميدان". وحذر رئيس حزب"العدل"النائب مصطفى النجار من"الوقيعة بين قوى الثورة". وتحدث نائب رئيس حزب"الوسط"عضو البرلمان عصام سلطان عن"ضرورة توحيد قوى الثورة". وأفيد أن البرلمان سيتدخل لتضييق الهوة بين الطرفين، إذ اقترح نواب عقد جلسة استماع في حضور ممثلين للطرفين من أجل إنهاء الأزمة. من جهة أخرى، دعت حركات شبابية عدة بينها"6 أبريل"إلى تنظيم تظاهرات حاشدة اليوم في ميدان التحرير، في ذكرى"موقعة الجمل"التي هاجم خلالها بلطجية على ظهور الجمال والخيول المتظاهرين في ميدان التحرير، وأسقطوا عشرات القتلى والجرحى في محاولة لإنقاذ نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.