أصيبت العلاقات الروسيّة - الألمانيّة بنكسة قبيل عقد القمة بين البلدين في موسكو. وعلى رغم أن العلاقة بين الرئيس الروسي بوتين والمستشارة الالمانية مركل لم تكن يوماً ممتازة، فقد انحدرت أخيراً إلى اسوأ مستوياتها، إثر صدور تقرير مفوض العلاقات الروسية ? الألمانية، أندرياس شوكينهوف، وهو سياسي محافظ بارز. وأحرج التقرير الخارجية الألمانية وحملها على اقتراح تعديل لهجته الحادة إزاء سياسة روسيا الداخلية والخارجية. ورفضت الخارجية الروسية الاعتراف بموقع شوكينهوف والتعامل معه. ويرى كثر أن الظروف الحالية لا تسمح بترف توتير العلاقات مع روسيا. في الماضي، لم يكن مثل هذه القضية ليؤدي الى تصعيد وتلويح روسي بوقف التعاون. والحادثة الاخيرة مع ألمانيا ليست يتيمة. فروسيا تجاهلت توصيات البرلمان الاوروبي، وأغلقت مكاتب وكالة المساعدات الاميركيّة USAID وانسحبت من برامج نان لوغار الدعم الأميركي لتفكيك اسلحة الدمار الشامل. والخطوات هذه ليست وليدة مصادفة، بل هي سياسة روسيا الجديدة التي ترمي إلى لفظ إرث التسعينات، والى تقديم نفسها على انها دولة قوية. ففي الماضي، اضطرت موسكو الى الصدوع بعلاقات غير متكافئة والصدوع بانتقادات الدول الأخرى إزاء شوائب نظامها السياسي. ما تحاول روسيا إرساءه هو علاقة تجارية مع الغرب تشبه تلك التي ربطتها به أيام الاتحاد السوفياتي في مراحل الانفراج. فالشركات التجارية الكبرى الألمانيّة أعلنت اهتمامها بفرص الاستثمار في اقتصاد الاتحاد السوفياتي قبل 3 اعوام من اقامة العلاقات الديبلوماسية. وأنشئت لجنة للعلاقات الاقتصادية الأوروبيّة الشرقيّة في 1952. وتعززت الأعمال التجارية والعلاقات السياسية في السبعينات. يومها سادت فكرة أن الاتحاد السوفياتي مختلف. والنموذج البوتيني الجديد يرمي الى اعتراف الغرب بأنّ جوهر روسيا مختلف شأن عقائدها وقيمها. وهي ارتقت اليوم شريكاً في الاقتصاد العالمي ومستعدة لمواصلة مسيرة الاندماج فيه، على رغم توتر علاقتها بالمنظمات الدوليّة. ويرى الرئيس فلاديمير بوتين أن الاعتبارات الاقتصادية تتفوق على السياسيّة. لذا، يقدّم الاجتماع برجال الأعمال على السياسيين الذين طفح كيله منهم. * محلل سياسي، عن"نوفوستي"الروسية، 15/11/2012، اعداد علي شرف الدين