أنهت فرنسا امس، آخر مهمة قتالية لها في افغانستان، مع سحب قواتها من ولاية كابيسا الاستراتيجية شمال شرق كابول في اطار الانسحاب المبكر من هذا البلد. وأعلنت باريس ان كل القوات القتالية الفرنسية ستغادر افغانستان الشهر المقبل، قبل سنتين من الموعد المقرر لانسحاب القوة الدولية للمساعدة في احلال الامن في افغانستان ايساف التي تقودها الولاياتالمتحدة في 2014. وبعد مغادرة آخر القوات القتالية الفرنسية في نهاية هذا العام، سيكون لفرنسا 1500 جندي فقط في البلاد هم مدربون ولوجستيون يتمركزون في كابول. وبدأ آخر الجنود الفرنسيين ال400 المنتشرين في هذه الولاية غير المستقرة الواقعة في شمال شرقي العاصمة الافغانية، مغادرة نجراب، آخر قاعدة للفرنسيين في كابيسا، الى كابول في ختام مراسم وداع في القاعدة. وقال مصدر عسكري انه من اصل 2200 جندي فرنسي لا يزالون في افغانستان، سيعود حوالى 700 الى ثكنهم في فرنسا بحلول نهاية العام. والى جانب 50 مدرباً يعملون في وردك غرب كابول فان العناصر ال1500 الباقين سيتمركزون في العاصمة الافغانية. وسيعمل ثلثاهم في الاشهر المقبلة على تنظيم سحب التجهيزات الفرنسية من افغانستان نحو 600 آلية و600 مستوعب. وسيغادر اللوجستيون البالغ عددهم حوالى الف"بحلول صيف 2013"كما أعلن غيوم لوروا الناطق باسم الجيش الفرنسي في كابول. وبعد ذلك ولسنوات لم تحدد بعد، سينحصر الوجود الفرنسي في افغانستان بحوالى 500 جندي يساهمون في برامج التدريب او التعاون بحسب المصدر نفسه. وبانسحابه الى كابول، يعود الجيش الفرنسي الى وضع قريب من ذلك الذي كان عليه قبل 2007، قبل ان يقرر الرئيس السابق نيكولا ساركوزي زيادة الوجود العسكري الفرنسي، بطلب من الاميركيين الذين يتولون قيادة"ايساف"قوة الاطلسي في افغانستان من اجل مكافحة المتمردين في سوروبي وكابيسا. وسارعت حركة"طالبان"الى الترحيب"بهذه المبادرة الجيدة"، ودعت الدول الاعضاء في حلف شمال الاطلسي الى ان"تحذو حذو فرنسا"وان"تنهي احتلالها لافغانستان"عبر مغادرة البلاد. اما وزارة الدفاع الافغانية فشكرت"كل القوات الاجنبية التي تقاتل في افغانستان"من دون تحديد فرنسا بالاسم، معتبرة ان القوات الامنية الافغانية اصبحت الان"جاهزة لتولي المهام منها". والمهمة التي بدأت عام 2008 في كابيسا، الولاية التي يخترقها بقوة متمردو"طالبان"والحزب الاسلامي، كانت تعتبر الاصعب للفرنسيين في افغانستان منذ وصولهم الى هذا البلد في نهاية 2001. وتكثفت في تلك المنطقة المواجهات مع المتمردين. وسقط فيها أكثر من 60 في المئة 54 من أصل 88 من الجنود الفرنسيين الذين قتلوا في البلاد منذ 2001 سقطوا في هذه المنطقة. يذكر انه بعد سلسلة هجمات دموية ضد الجنود الفرنسيين في 2011 و 2012 قرر ساركوزي تقديم موعد الانسحاب الفرنسي الى 2013. وقام الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بدوره بتقديم الموعد الى نهاية 2012 اي قبل سنتين من الموعد المقرر لانسحاب القوات القتالية لقوة حلف شمال الاطلسي من افغانستان والتي تعد اكثر من مئة الف جندي حالياً. وعلى رغم 11 سنة من المعارك الى جانب حوالى 350 الف جندي وشرطي افغاني، لم يتمكن التحالف الدولي من هزم حركة"طالبان"التي اطيحت من السلطة عام 2001، ما يثير مخاوف من اندلاع حرب اهلية بعد رحيل قوات حلف شمال الاطلسي في 2014 فيما أثار آخرون احتمال عودة"طالبان"الى السلطة.