نقتطف مقطعاً مما كتبه عبد الرحمن شلقم على مدونته عن آدم الشاب الليبي الذي تمكن من ايصال قضية بلده الى حيث لم تتمكن السياسة من ايصالها: تلقيت منذ حوالى أربعة أشهر اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأردني وقبله من رئيس الهيئة الهاشمية للإغاثة، وكلاهما يتساءل من هو الشاب الليبي آدم الذي حرك كل القنوات الأردنية لتقديم المساعدة العاجلة لليبيين، فأجبتهم وأنا في شرفة مكتب متواضع في نيويورك إنني لا أعرفه ولكن ما قالاه عن شخص آدم جعلني أتابع الموضوع، وفي الوقت نفسه تلقيت اتصالات من مجموعة أصدقاء من مصر والكويت ومن الإمارات العربية المتحدة تقول إنهم تلقوا اتصالات عدة من الشاب الليبي آدم الذي على حد تعبيرهم تربطهم به علاقات جيدة كأحد الشباب المتحررين جداً ويطلب منهم زيادة عدد الأسرّة في مستشفياتهم لاستقبال الجرحى الليبيين، ومنهم عرفت من هو وأين يوجد. وعندما كلفت شخصاً يتصل به وينقل له رغبتي في مقابلته، رفض وقال لصاحبي كلمة واحدة:"هل هو من يحيي العظام وهي رميم، إذا كان هو فسأقابله لعله يرجع لنا شبابنا وجرحانا إلى ما كانوا عليه، فلما وصلني هذا الرّد لا أخفيكم سراً، والله، أنني بكيت... ومتابعتي لهذا الشاب جعلتني أعرف قصة حياته من الألف إلى الياء. قصة آدم هي قصة شاب ليبي يتيم الأبوين. كان والده عالماً من علماء الدين الذين زج بهم القذافي في السجن عام 1990 وفي آخر المطاف قتلهم. ولد آدم في بنغازي عام 1984 وبعد سنة من سجن أبيه رحل مع والدته إلى مصراتة حيث توفيت هي الأخرى عام 1999. درس الابتدائية والإعدادية والمتوسطة في مصراتة وتربّى على أيدي شرفاء المدينة وحصل على شهادة البكالوريوس في علوم الاتصالات من قاريونس. سجن أواخر عام 2006 على أيدي الأمن الداخلي لأنه علم بوفاة أبيه مقتولاً في سجن أبوسليم وهو كان ينتظره طوال سنوات سجنه معتقداً أنه حي، فما كان منه إلا أن أضرم النار في سيارات الأمن الداخلي وكتب على جدران مصراتة شتائم للقذافي، وعندها ألقي القبض عليه ليأخد نصيبه في السجون. غادر ليبيا منذ سنوات قليلة وعمل في تركيا التي يكن لها الولاء والحب والاحترام لأن شعبها كفله كابن من أبنائه وتلقى عرضاً ليلعب في أندية تركية إلا أنه لم يلعب، لماذا؟ لأن محكمة معمر القذافي حكمت عليه بالحرمان من الحق المدني مدى الحياة وسحبت منه جواز سفره وكتيب العائلة وكل وثائقه الثبوثيه وشطب اسمه من الجامعة ومن مراحل التعليم الأساسي. إلا أنه واصل مشوار حياته ولم ينسَ فضل بنغازي عليه ولم ينسَ فضل مصراتة التي حضنته وربته، وعندما أخبره الشهيد محمد بأن بنغازي ستنتفض اتصل بصديقه في مصراتة الذي كتب له أرضه التي ورثها عن أمه باسمه وطلب منه بيعها بأسرع وقت ممكن. فعل الخل الوفي ما طلبه آدم وكان ثمن الأرض التي بيعت 500000 دينار ليبي وتم تحويل المبلغ على دفعات إلى تركيا من طريق شركة البراق للشحن وعلى أثر وصول المبالغ المالية قام بشراء دفعة أولى من الأدوية بقيمة 100000 دينار ليبي... حصيلة القصة أنه قدّم كل ماله وجهوده ودفع من حسابه الخاص لمجموعة مستشفيات أردنية وتركية لعلاج بعض الأشخاص وكان له الدور الكبير في إرسال مستشفيات متنقلة إلى جبهات مصراتة وهو يعيش على أمل أن يلتقي والده، وهو يعلم أنه مات.