تشهد محال المصوغات الذهبية في غالبية المدن العراقية إقبالاً كبيراً، ليس للشراء، إنما لبيع حلي ذهبية عراقية الصنع ولشراء مصوغات عربية وأجنبية بدلاً منها، بسبب صعوبة بيع الذهب العراقي خارج البلاد. ويتذمر بعض تجار الحُليّ من قرار مجلس محافظة النجف الأخير الذي قرر معاقبة الصاغة في حال استخدامهم أختاماً مزورة، كما فرض إجراءات مشددة على أصحاب المحال المخالفة لشروط صياغة الذهب. ويقول أبو علي، وهو صاحب محل لبيع المصوغات الذهبية ل"الحياة"إن"غالبية أسواق الذهب في العراق تشهد إقبالاً كبيراً على بيع الذهب العراقي وشراء المصوغات العربية والأجنبية"، مضيفاً أن هذا الإقبال جاء بعدما رفض العديد من الأسواق خارج البلاد شراء الذهب العراقي بسبب عدم خضوعه للسيطرة النوعية وإضافة كميات كبيرة من النحاس إليه خلال صياغته. وقال:"هناك إقبال على الذهب العربي، لا سيما الإماراتي والسعودي والسوري، أما الذهب الأجنبي فيفضّل منه الهندي والباكستاني". ويرى أبو محمد، وهو أيضاً تاجر مصوغات، أن غياب الأمن والاستقرار في البلاد والفوضى التي حلّت بعد العام 2003، شجعا التجار على الغش في صناعة المصوغات الذهبية، فراحوا يخلطون كميات كبيرة من النحاس مع الذهب لزيادة أرباحهم، شارحاً أن"هذه العملية تؤمن أرباحاً هائلة، ولا يستطيع المواطن كشفها إلا حين يقرر بيع الذهب، فيكتشف التلاعب الصاغة من أصحاب الخبرة". كان الذهب العراقي، بعد تصنيعه، يعرض على جهاز القياس والسيطرة النوعية في بغداد، وهي الجهة الوحيدة التي تستطيع تحديد نوعية الذهب، إن كان من عيار 24 قيراطاً أو 21 أو 18. لكن الأوضاع الأمنية المتردية، وغياب الرقابة من الجهات المعنية، شجعت أصحاب المحال على صنع أختام خاصة بهم يحددون بها نوعية الذهب. يقول أبو محمد إن"الختم المعني هو عبارة عن مسمار، ويفضل أن يكون من النوع المتين، وتُحفر به نوعية الذهب". ويعتبر التاجر أبو باسم أن المخرج الوحيد من هذه المشكلة هو إجبار أصحاب محال الذهب على إخضاع مصوغاتهم الذهبية لاختبار النوعية في العاصمة، حيث المؤسسة الوحيدة التي تملك الحق في تحديد نوعية الذهب وختمه. وأكد عدد كبير من النساء والرجال الذين باعوا مصوغاتهم الذهبية أن الذهب العراقي لم يعد مرحّباً به خارج البلاد، وأنهم ووجهوا برفض أصحاب محال الذهب في دول عربية عدة شراء الذهب العراقي، فقرروا بيعه في الأسواق المحلية وشراء الذهب المصنّع في الخارج. ويقول رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس محافظة النجف حسين الزاملي إن مجلس المحافظة وجّه كتاباً إلى مديرية الجريمة الاقتصادية لوضع قاعدة بيانات لأصحاب محال الذهب، مضيفاً أنه"من خلال قاعدة البيانات سنتمكن من معرفة الصاغة المجازين من أولئك الذين يمارسون المهنة من دون إجازة ويغشّون في الذهب".