باتت اللافتة التي تُعلق على واجهات المعارض والمحال التجارية ومراكز التسوق للإعلان عن حسومات في الأسعار، من الأمور المألوفة جداً في بلدان العالم باستثناء العراق، الذي انفرد أخيراً بظاهرة جديدة وهي تعليق لافتات مماثلة على واجهات محال بيع الذهب تعلن الاستعداد للبيع بأقل من أسعار الذهب في الأسواق العالمية. واستمر تعليق هذه اللافتات ثلاثة أشهر، وكشفها خبير اقتصادي معتبراً أن كل البضائع يمكن بيعها بأقل من قيمتها باستثناء الذهب والعملة الصعبة، إذ تُحدد قيمها عالمياً، لذا أُبلغت الأجهزة الأمنية بهذه الظاهرة. وأتاحت المراسلات الرسمية التي استغرقت أسابيع، الفرصة لمحال الصاغة المتعاملين بهذا النوع من الذهب المكوّن من معادن نسبتها 60 في المئة، لإخفائها وبيعها لاحقاً. وقال أحد الصاغة أبو عدنان، «كانت السوق العراقية تعتمد في السابق على الذهب المصنّع محلياً في ورش متخصصة تنتشر في شارع «النهر» في بغداد. وكان الذهب الخام يُستورد عبر المصرف المركزي العراقي، الذي يزود ورش التصنيع بحاجاتها من الذهب بأسعار رسمية». وأوضح أن «أي قطعة ذهب لا يمكن عرضها أو بيعها إلاّ بعد وسمها من طريق الجهاز المركزي للسيطرة النوعية، لكن تغيّر الأمر بعد عام 2003، وبات أي تاجر أو صائغ وحتى مواطن عادي، قادراً على استيراد أطنان من الذهب إذا كان يحمل هوية غرفة التجارة. وأشار إلى أن معظم ورش الصاغة «متوقفة عن العمل حالياً، لعجزها عن التنافس في الأسواق التي أُغرقت بالمصوغات الخليجية والهندية والإيرانية وغيرها، والتي تصنع بواسطة الآلات. لكن تبقى الصناعة المحلية مطلوبة، على رغم أن المصوغات المستوردة أجمل وأكثر دقة، مثل خارطة العراق من الذهب او العلم العراقي وغيرها من القطع». وفي وقت أعلنت جهات رقابية عراقية، ضبط كميات ضخمة من المصوغات الذهبية المغشوشة، أكدت اللجنة الاقتصادية النيابية أنها ستستدعي مسؤولي وزارة التخطيط والجهاز المركزي للسيطرة النوعية، لسؤالهم عن كيفية دخول هذه الكميات الضخمة من الذهب المغشوش. وحمّل النائب عن كتلة المواطن عبد الحسين عبطان، جهاز الأمن الاقتصادي مسؤولية انتشار الذهب المغشوش، داعياً الجهاز إلى «الاضطلاع بدوره لكشف الورش التي تزيد معدلات النحاس والكاديوم في صناعة الذهب ما يؤدي إلى تقليل نقاوته». واعتبر عبطان، أن «مثل هذه العمليات الاحتيالية في صناعة الذهب المغشوش تجعل المواطن العراقي مشككاً في المنتج العراقي او في البضاعة العراقية عموماً، ما يؤثر سلباً على الاقتصاد العراقي». وأظهرت أرقام رسمية، أن العراق «يستورد 5 أطنان من الذهب شهرياً، أربعة منها تأتي عبر الإمارات والبقية من الكويت والهند وايطاليا وإيران وتركيا، وبدا الاستيراد أخيراً من البرازيل». وأعلنت عضو اللجنة الاقتصادية نورة السالم البجاري، في تصريح إلى «الحياة»، توجيه كتاب إلى وزارة التخطيط والداخلية حول آليات استيراد الذهب وطرق الرقابة على بيعه في الأسواق.