رفضت باكستان بغضب مزاعم مسؤولين أفغان عن أن الاستخبارات الباكستانية دبرت اغتيال الرئيس الافغاني السابق برهان الدين رباني كبير مفاوضي السلام الأفغاني مع"طالبان". وقال وفد من المحققين شكَّله الرئيس الأفغاني حميد كارزاي، إن الأدلة واعترافات شخص شارك في قتل رباني في 20 أيلول سبتمبر الماضي، كشفت أن المفجر كان باكستانياً، وأن باكستان هي التي دبرت عملية الاغتيال. وأعلنت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان أنه"بدلاً من الإدلاء بمثل هذه التصريحات غير المسؤولة يتعين على أصحاب السلطة في كابول أن يفكروا لماذا يبعد كل هؤلاء الافغان الذين يجنحون إلى السلام وإلى باكستان عن الساحة ويقتلون". وأضاف البيان ان"هناك حاجة لتقييم الاتجاه الذي اتخذته هيئات الاستخبارات والأمن الأفغانية". وعطل قتل رباني جهود بدء حوار مع"طالبان"لإنهاء الحرب المستمرة منذ عشر سنوات وزاد المخاوف من اتساع خطير في نطاق الانقسامات العرقية في أفغانستان. وخرج مئات الافغان إلى شوارع العاصمة الافغانية كابول الأحد لإدانة قصف الجيش الباكستاني لمناطق حدودية في الفترة الأخيرة واتهموا الاستخبارات الباكستانية بالتورط في قتل رباني. وفي إشارة أخرى الى تصاعد خيبة الامل الأفغانية في إسلام آباد، أكد مجلس السلام الذي كان يرأسه رباني مجدداً تصريحات سابقة لكارزاي عن أن المفاوضات يجب أن تستمر لكن مع باكستان وليس مع"طالبان"، في ما يشير إلى أن إسلام آباد توجه بعض المتشددين من وراء الستار. ويشكك زعماء أفغانستان منذ فترة طويلة في وعود إسلام آباد بالمساعدة في اقرار السلام في البلاد. ويشتبه في ان الاستخبارات الباكستانية تربطها صلات بجماعات متشددة في أفغانستان خصوصا شبكة حقاني إحدى أعنف هذه الجماعات. ويقول محللون إن باكستان ترى الجماعة باعتبارها من أصولها الاستراتيجية وتمثل ثقلاً مضاداً لنفوذ الهند المتنامي في أفغانستان. وقال أحمد شجاع باشا رئيس الاستخبارات الباكستانية الأسبوع الماضي، إن باكستان لم تقدم قرشاً واحداً أو رصاصة لشبكة حقاني. وقال زعيم الشبكة سراج الدين حقاني في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي امس، إن جماعته لا تربطها أي صلة بالاستخبارات الباكستانية. وتعرضت باكستان كذلك لانتقادات حادة من جانب حليفتها الولاياتالمتحدة التي تقدم لها مساعدات ببلايين الدولارات، بسبب أسلوبها في التعامل مع المتشددين. واتهم الأميرال مايك مولن الذي استقال هذا الاسبوع من منصبه كرئيس لهيئة الأركان الاميركية المشتركة، الاستخبارات الباكستانية بدعم هجوم يزعم أن جماعة حقاني المقربة من تنظيم"القاعدة"نفذته على السفارة الأميركية في كابول في 13 أيلول الماضي. وفي مواجهة السخط الباكستاني تجنب كل من البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية تبني تصريحات مولن. وتريد الولاياتالمتحدة من باكستان الحمل على شبكة حقاني التي يعتقد انها تتخذ من شمال وزيرستان على الحدود مع أفغانستان مقراً لها وعلى نشطاء آخرين مناهضين لأميركا. ويشك المحللون في أن تشن باكستان حملة على أعضاء جماعة حقاني بل يعتقدون أنها ربما تحاول بدلاً من ذلك كبح جماحهم لتجنب المزيد من الاحتكاكات مع واشنطن. وقال جنرال الجيش المتقاعد والمحلل طلعت مسعود:"أعتقد أن باكستان بالتأكيد ستحاول على الأقل أن تعطي انطباعاً بأنها تبذل بعض الجهد لتنأى بنفسها عنهم حتى لا تتعرض للحرج". وأضاف:"لا أعتقد أنهم سيشنون حملة عسكرية، لكنهم سيعملون على ضمان ألاّ يسببوا أعضاء جماعة حقاني المزيد من المشاكل لنا". وبدلاً من تصعيد الهجمات على المتشددين، يبدو أن باكستان تبحث عن سبل أخرى لتحقيق الاستقرار في المناطق القبلية القريبة من الحدود مع أفغانستان. ونقلت الصحف الباكستانية عن رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني قوله إن الحكومة مستعدة للدخول في محادثات سلام مع المتشددين. وفي لاهور، تظاهر مئات من الاسلاميين احتجاجاً على الحكم بإعدام ممتاز قدري بعد ادانته الاسبوع الماضي بقتل سلمان تيسير حاكم اقليم البنجاب الذي كان من اشهر منتقدي قانون التجديف في باكستان. ويعتبر كثير من الباكستانيين قدري بطلاً، وهو كان حارساً شخصياً للحاكم الذي دافع عن قضية امراة مسيحية صدر ضدها حكم بالإعدام بمقتضى قانون التجديف، مما اثار خلافاً محلياً. وأقدم قدري على قتل الحاكم في الرابع من كانون الثاني يناير الماضي.