بعد اتخاذ حكومة الرئيس الأفغاني حميد كارزاي خطوات رسمية في اتجاه الحوار مع حركة «طالبان» و «الحزب الإسلامي» بزعامة قلب الدين حكمتيار، وإعلان واشنطن دعمها هذه الخطوات، أكد وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي استعداد بلاده لتسهيل الحوار «لأن امن أفغانستان واستقرارها يعززان الوضع الداخلي لباكستان». يأتي ذلك عشية استضافة الاتحاد الأوروبي في مقره (بروكسيل) مؤتمر الدول المانحة لباكستان بمشاركة 26 دولة، في مقدمها الولاياتالمتحدة واليابان والسعودية والإمارات، إضافة الى دول الاتحاد، علماً ان عدم الرضا الاميركي عن إسلام آباد تكرس أخيراً، بعد رفض قائد الجيش الباكستاني الجنرال اشفق كياني طلب واشنطن شن حملة واسعة على «شبكة حقاني»، إحدى الجماعات الأكثر تشدداً في إقليم شمال وزيرستان، والتي تشكل كما يرى خبراء رافداً استراتيجياً لباكستان في ظل تزايد النفوذ الهندي في أفغانستان. المدير السابق للاستخبارات الباكستانية الجنرال حميد غل قال ل «الحياة»: «لا سلام في افغانستان من دون باكستان، ولن يستطيع الأميركيون أو كارزاي التوصل إلى تفاهم مع طالبان». لكنه شدد على أن العامل الأساس في المفاوضات ليس دور باكستان بل ما تريده الحركة. ودعا الأممالمتحدة الى إلغاء لائحة المطلوبين بالإرهاب من قادة «طالبان»، وإعطاء ضمانات لممثلي الحركة من اجل التحرك في مناطق داخل أفغانستان للقاء وسطاء محليين ودوليين، مستبعداً جلوس الحركة الى طاولة الحوار مع حكومة كارزاي أو ممثليها، لاعتبار «طالبان» ان الحكومة «لا تحظى بثقة الشعب» في ظل وجود القوات الأجنبية في البلد. وعلمت «الحياة» من مصادر متباينة ان إسلام آباد ترعى اتصالات تجريها شخصيات في الإدارة الأميركية ووزارة الخارجية البريطانية بممثلين لجماعات أفغانية معارضة لكابول. وكشف الدكتور غيرت بهير، صهر حكمتيار، انه حضر بصفته أحد ممثلي الجانب الأفغاني، الى جانب المهندس عابد عن الحزب الإسلامي والملا عطاء الله عن جماعة «الدعوة إلى القرآن والسنّة» السلفية، جلستي محادثات مع شخصيات غربية، بينها ضباط أمن سابقون وجنرالات متقاعدون وباحثون مكلفون إرسال توصياتهم الى لندنوواشنطن لإيجاد حل سلمي للقضية الأفغانية. واشار الى مشاركة العميد محمد سعد من الاستخبارات الباكستانية والسفير الباكستاني السابق في كابول رستم شاه مهمند في اللقاءات التي غابت عنها «طالبان»، في حين شاركت شخصيات مقربة من الحركة مثل الملا مسلم حقاني والملا غل أحمد خان. كذلك علمت «الحياة» أن وفدين يمثلان زعيم «طالبان» الملا محمد عمر و «شبكة حقاني»، زارا دولاً عربية وإسلامية اخيراً لفتح حوار معها، وذلك بدعوة من هذه الدول لقيت استحساناً لدى الحركة، على رغم ان المحادثات لم تسفر عن جديد، باستثناء التعرف الى وجهات نظر كل طرف. وقال قيادي بارز في «طالبان» ان الدول التي حاورتها الحركة أصرت على نقطة رئيسة قبل نقل الحوار إلى آفاق جديدة، هي العلاقة المستقبلية مع تنظيم «القاعدة» والتي ترفض الحركة التخلي عنها، مع إصرارها على تركز الحوار على إنهاء الوجود الأجنبي في أفغانستان، في مقابل تعهدها منع أي شخص أفغاني أو غير أفغاني من استخدام أراضي البلاد ضد أي دولة. وتشترط «طالبان» ايضاً عدم تسليم أي مطلوب للدول الغربية، وعدم تدخل هذه الدول في الشؤون الداخلية لأفغانستان. وأشارت مصادر ديبلوماسية إسلامية في إسلام آباد إلى أن منظمة المؤتمر الإسلامي التي تتخذ مدينة جدة مقراً لها، ستعيّن مبعوثاً خاصاً الى أفغانستان، يسعى الى التواصل مع حكومتها والمعارضين، في خطوة قد تشهد شراكة سياسية بين المنظمة والأممالمتحدة للبحث عن مخرج للأزمة الأفغانية. وتبرعت دولة عربية خليجية بكل نفقات المكتب الخاص بأفغانستان ومهماته، من اجل تسهيل الحل وتسريعه. وكان رئيس مجلس السلام الأفغاني، برهان الدين رباني، أمل بجلوس «طالبان» الى طاولة المفاوضات مع الحكومة الأفغانية قريباً، لكن قيادة الحركة نفت في بيان أصدرته أول من أمس موافقتها على التفاوض، مهددة بمواصلة القتال وعدم قبول وقف النار ما دامت القوات الأجنبية في أفغانستان.