أجرى وزير الداخلية اللبناني مروان شربل محادثات في باريس مع نظيره الفرنسي كلود غيان، الذي كان دعاه الى زيارة معرض"ميليبول". وتركزت المحادثات على التعاون في مجالات الدفاع المدني والأمن والتدريب، وهي الزيارة الاولى الرسمية لمسؤول حكومي لبنانيلفرنسا منذ تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي زار باريس للمشاركة في الاجتماع الرئاسي حول ليبيا والتقى حينها وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه. ولاحظت مصادر رفيعة في باريس، أن العلاقات السياسية على أعلى المستويات مجمّدة، وقالت ل"الحياة"إن"تجميد هذه العلاقات مرتبط بعدم رغبة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في دعوة الرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى باريس طالما لم تنفذ حكومته التزاماتها الدولية، ومنها تمويل المحكمة الدولية". وأضافت المصادر ان باريس"مستاءة من الإساءة في لبنان للمعارضين السوريين الذين يجري خطفهم على الأراضي اللبنانية من دون ان تمنع السلطات اللبنانية ذلك". وكان الرئيس الفرنسي لدى استقباله البطريرك الماروني بشارة الراعي سمع منه ان هناك جو تعايش جيداً بين المسيحيين و"حزب الله"، فحمله عندئذ ساركوزي رسالة شديدة اللهجة الى الحزب، أن اي اعتداء على القوات الفرنسية العاملة ضمن"يونيفيل"سيلقى رداً صارماً من الجانب الفرنسي. ويبقى موضوع"يونيفيل"في خلفية التفكير الفرنسي في اطار العلاقة اللبنانية-الفرنسية، خصوصاً ان المسؤولين العسكريين يضغطون باستمرار على السياسيين في فرنسا لسحب القوات الفرنسية من الجنوب اللبناني، الا ان ساركوزي ووزير خارجيته يعتبران ان سحب هذه القوات غير مطروح الآن لاسباب سياسية واضحة، ولكن جرى إعادة النظر في عدد الجنود الموجودين، اذ خُفِّض من0071 الى 0021. وعلى رغم ذلك، كثيراً ما يثير ساركوزي مع الإعلام الفرنسي موضوعَ بقاء الجنود الفرنسيين في الجنوب اللبناني، وكان أثاره خلال احدى زياراته الى الخارج، لأنه يدرك ان هذه القوات لن تبقى إلى الأبد، خصوصاً في ظل الضغط العسكري الداخلي وعدم انتشار جيش لبناني كما يفرضه القرار 1071. وقلما شهدت العلاقات الفرنسية-اللبنانية برودةً بهذا المستوى بعد تشكيل الحكومة الحالية، فعدم زيارة جوبيه للبنان منذ توليه منصبه، مؤشر آخر الى هذا الجمود في العلاقات السياسية على المستوى العالي. ومع تدهور العلاقة السورية-الفرنسية وإدانة ممارسات النظام السوري، من المستبعد ان تجرى أي برمجة لزيارة جوبيه للبنان. ولم يسبق لوزير خارجية فرنسي ان استمر في منصبه نحو تسعة اشهر ولم يزر لبنان حتى الآن. وكان رئيس الحكومة اللبناني ميقاتي أكد للمسؤولين في الغرب، ان حكومته ستمول المحكمة الخاصة بلبنان، وأنه سيستقيل اذا لم يتمكن من ذلك، وينتظر المسؤولون منه تنفيذ وعده بالتمويل، علما ان المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة نفذتا التزاماتهما هذا الاسبوع بدفع كل منهما مبلغ خمسة ملايين دولار، فيما سددت الكويت مبلغ 005 الف دولار بحسب مصادر دولية. وأوضح الوزير شربل بحسب ما نقلت عنه"الوكالة الوطنية للاعلام"الرسمية اللبنانية، ان المحادثات تناولت ما يمكن ان تقدمه فرنسا على مستوى دعم قوى الامن الداخلي والامن العام والدفاع المدني، وتطرقت ايضاً الى بروتوكول التعاون الموقع سابقاً ويعنى بنقاط عدة، منها مكافحة الجريمة والارهاب والاتجار بالمخدرات والبشر ومكافحة جرائم الانترنت. وقال:"تطرقنا الى الوضع الامني في لبنان، وأكدت للوزير غيان انه مستقر بفضل وعي المسؤولين اللبنانيين وإدراكهم الأخطار المحدقة بلبنان. وكنت صريحاً عندما أشرت الى ان الوضع الامني في لبنان يتأثر بالتطورات التي تشهدها المنطقة ولا سيما في سورية في ضوء الظروف الدقيقة والحساسة التي تعيشها، لذلك من المهم جداً العمل بقرار الحكومة اللبنانية القاضي بعدم التدخل في الشأن الداخلي السوري، للنأي بلبنان عن كل التداعيات المحتملة".