بدأت محكمة الجنايات الموريتانية أمس الأحد محاكمة قيادات وعناصر جناح تنظيم القاعدة بموريتانيا، وسط إجراءات أمنية مشددة. واحتشد المئات من أقارب المتهمين والمحامين والصحافيين في وقت مبكر من الصباح لحضور أولى جلسات المحاكمة التي تجرى بعد مراجعات فكرية في السجون شارك فيها علماء دين بارزون. وطوّقت وحدات من الشرطة قصر العدل وأخضعت من سمح له بالدخول إلى قاعة المحكمة لتفتيش دقيق، ومنعت الطواقم التلفزيونية العربية والغربية من التصوير داخل باحة القصر. ومن بين أبرز المتهمين التسعة عشر الخديم ولد السمان الداعية السلفي السابق الذي أصبح زعيماً لأول جناح ل"القاعدة"في موريتانيا بعد فراره من سجن في نواكشوط قبل أربع سنوات، وكذلك سيدي ولد سيدنا ومعروف ولد هيبة ومحمد ولد شبارنو عناصر"الخلية القاعدية"التي قتلت بدم بارد أربعة سياح فرنسيين عشية الاحتفال بأعياد الميلاد في كانون الأول ديسمبر 2007. وسمحت السلطات الأمنية الموريتانية لعدد كبير من ذوي وأقارب المتهمين الإسلاميين بحضور المرافعات، بيد أنها رفضت السماح للمنقبات بولوج قاعة المحكمة وطلبت منهن الانسحاب من أمام مبنى قصر العدل لضرورات أمنية. وقالت منقبة تدعى أم أسامة في محيط مبنى المحكمة ل"الحياة":"هذا تمييز ضدنا. النقاب زي إسلامي، ونحن في جمهورية إسلامية"، قبل أن تضيف:"نريد محاكمة عادلة سواء بالنقاب دخلنا أم لم ندخل القاعة". وترتدي النقاب أقلية ضئيلة جداً من الموريتانيات ويكاد يقتصر على نساء الوسط السلفي المتشدد. ومن بين المتهمين أيضاً الناشط السلفي الموريتاني عبدالله ولد سيديا وهو أحد المطلوبين للأمن السعودي وقد اعتقل في نواكشوط قبل حوالى سنتين بعد فراره من السعودية. ويواجه المشمولون بملفات الإرهاب تهماً مختلفة تتراوح بين القتل العمد والخطف والتخريب والارتباط بجماعات إرهابية وهي تهم يعاقب عليها القانون الجنائي الموريتاني بعقوبات قاسية تتراوح بين السجن لفترات طويلة والمؤبد أو الإعدام. وفيما توقع مراقبون موريتانيون صدور أحكام مخففة بحق أقل العناصر خطورة في إطار صفقة يجرى التفاوض في شأنها منذ فترة للإفراج عن الرهائن الإسبان لدى"تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي"، ينتظر الرأي العام صدور أحكام قاسية ضد منفّذي مذبحة الرعايا الفرنسيين. وقال الزعيم ولد همد فال محامي الدفاع عن قتلة السيّاح الفرنسيين ل"الحياة"إنه سيدفع ببراءة موكليه نظراً إلى"ضعف الأدلة في محاضر الاتهام". وأضاف:"العملية الحوارية التي تمت لا تعنينا"، في إشارة إلى مراجعات فكرية سابقة مع المعتقلين السلفيين الذين يشترط تنظيم"القاعدة"الإفراج عن أكثرهم خطورة ودموية في مقابل تحرير الرهائن الإسبان المحتجزين في قواعده في صحراء نائية شمال مالي. ويستبعد مراقبون خضوع السلطات الموريتانية لشروط"القاعدة"في ملف مذبحة السياح الفرنسيين نظراً إلى حساسية القضية لدى الرأي العام والحكومة في فرنسا.