يعزز النمو المحقق في القطاعات الاقتصادية المختلفة في دول الخليج النظرة المتفائلة لأداء أسواقها في السنة الجديدة، خصوصاً في ظل تحقيق حالات وفر ضخمة من أسعار النفط المرتفعة نسبياً. يضاف إلى ذلك أن دول الخليج، خصوصاً الدول التي تأثرت أكثر من غيرها بالأزمة المالية، وفي مقدمها الإماراتوالكويت، أعادت ترتيب بيتها الداخلي لتعيد إلى الاقتصاد المحلي الزخم المطلوب. ودعت شركة"المزايا القابضة"الإماراتية المؤسسات والصناديق الاستثمارية والمالية الخليجية إلى المبادرة واعتناق نظرة بعيدة المدى تتسم بثقة أكبر في أداء الاقتصادات الخليجية، على غرار مواقف الحكومات الخليجية من جهة والمؤسسات والصناديق الاستثمارية والمالية الإقليمية والعالمية من جهة ثانية، إذ بدأت الأخيرة بالعودة تدريجاً إلى الأسواق الإقليمية. وبيّنت في تقريرها الأسبوعي أن التقويمات السعرية في الأسواق الخليجية تبدو في وضع مناسب، لافتة إلى أن صندوق النقد الدولي توقع أخيراً أن تنمو معظم اقتصادات المنطقة في شكل أسرع عامي 2011 و2012، مقارنة بعام 2010، بحيث يبلغ نمو الناتج الإجمالي 4.8 في المئة عام 2011، وهو مستوى جيد، على رغم أنه يقل عن مستوى 5.7 في المئة الذي تحقق قبل الأزمة المالية العالمية عام 2008. وأشار الصندوق أيضاً إلى أن قوة الانتعاش الاقتصادي الأخير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تستند إلى حد كبير إلى انتعاش أسعار النفط من أدنى مستوى لها عام 2009، متوقعاً نمو الاقتصاد السعودي بنسبة 4.3 في المئة عام 2010، و4.5 في المئة عام 2011، مقارنة ب 0.6 في المئة عام 2009. ورجّح أن يشهد اقتصاد الإمارات نمواً بنسبة 2.4 في المئة هذه السنة، و3.2 في المئة عام 2011، بعدما انكمش بنسبة 2.5 في المئة العام الماضي. ونقلت"المزايا"عن تقرير ل"شركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول"كامكو أن الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية مجتمعة انخفض بنسبة 13 في المئة العام الماضي، ليصل إلى 1.66 تريليون دولار، مقارنة بأعلى مستوى وصل إليه خلال عام 2008 حين بلغ نحو 1.91 تريليون دولار، وذلك نتيجة الأزمة المالية العالمية، وما كان لها من تأثير سلبي على أسعار النفط، وأسواق المال والعقارات. وأشار تقرير"المزايا"إلى تطورين مهمين في الإمارات، أولهما اضطرار شركة"أكسيوم تليكوم"إلى إلغاء اكتتاب عام على 35 في المئة من أسهمها في اللحظات الأخيرة، على رغم تغطية الاكتتاب من قبل مؤسسات دولية ومحلية، بعدما تبين للشركة أن الصناديق والمؤسسات الإماراتية والخليجية لم تبدِ الزخم المتوقع، في وقت تسابقت مؤسسات أوروبية وأميركية على الاكتتاب بالحد الأعلى لنطاق السعر الذي حددته الشركة. وأعلنت"أكسيوم تليكوم"أنها لاحظت ارتفاعاً كبيراً في عدد الأوامر من المؤسسات الأجنبية في أوروبا والولايات المتحدة إلى 80 في المئة من إجمالي الاكتتاب، في حين استحوذت المؤسسات المحلية على 20 في المئة فقط. وهذا جاء تماماً عكس توقعات الشركة قبل الاكتتاب بأن تستحوذ المؤسسات المحلية على 70 في المئة والمؤسسات الأجنبية على 30 في المئة فقط من الاكتتاب. وبيّن التقرير أن التطور الثاني تمثل في الإعلان عن أول صفقة ضخمة للتمويل العقاري، ففي وقت لا تزال الشركات العقارية تصارع للحصول على تمويلات وتسهيلات مصرفية، أعلن مصرف"ستاندرد تشارترد"في الإمارات عن منح شركة"إيفا"للفنادق والمنتجعات تمويلاً مصرفياً حجمه 115 مليون دولار لمشروعه فندق"فيرمونت بالم جميرا"على جزيرة النخلة - جميرا. وجاء الإعلان عن هذا التمويل، الذي يعد صفقة التمويل الأولى والأضخم التي تُعلَن في الإمارات على صعيد شركة عاملة في قطاع العقارات منذ نحو سنتين، ليعيد فتح نوافذ التمويل بعدما شحت، ويعزز من الثقة التي بدأت تتزايد في القطاع العقاري والاقتصاد في إمارة دبي عموماً. ومع هذا شددت"المزايا"على أن التوقعات لا تشير إلى انفتاح كامل على القطاع العقاري من قبل الممولين إذ يُستبعَد أن تعود قنوات التمويل إلى سابق عهدها، إلا أن القرض الذي حصلت عليه شركة"إيفا"للفنادق والمنتجعات من مصرف"ستاندرد تشارترد"سيكون ذا أثر إيجابي على القطاع العقاري في الإمارات ككل، فهو من شأنه أن يعيد الثقة في قطاع التطوير العقاري في إمارة دبي، فهو أول تمويل مصرفي مقدم من مصرف أجنبي لتطوير مشاريع فندقية في دبي منذ وقت طويل. ودعت"المزايا"المؤسسات المصرفية والتمويلية الإماراتية والخليجية إلى منح التمويلات للشركات العاملة في قطاع العقارات، فبقاء الشركات العقارية رهن بالدعم الحكومي وسيكون له الأثر الأبرز في إبقاء تلك الشركات عرضة لضغوط سعرية وسوقية تؤخر التعافي الاقتصادي عموماً. واعتبرت أن ارتفاع أسعار النفط عالمياً والتدخلات القوية للحكومات في الاقتصاد من خلال ضخ عشرات بلايين الدولارات في أسواقها المحلية سيكون لها الدور الأبرز في إعادة الاقتصادات الخليجية إلى النمو بعد انكماش مباشر من جراء الأزمة المالية. ونوهت بأن القطاع الخاص، خصوصاً في ظل تقاعس جهات التمويل عن منح الائتمان، ظل في منأى عن هذا وآثر ترك الأمر للحكومات، ما دفع مؤسسات دولية إلى التحذير من ارتفاع معدلات التضخم من جراء التدخل الحكومي الواسع، إذ نصح صندوق النقد السعودية، بتخفيف برامج الحفز الضخمة التي أطلقتها قبل نحو سنتين، بدءاً من العام المقبل، لاحتواء معدلات التضخم التي تشهد عودة إلى النمو. ولاحظ تقرير"المزايا"أن انخفاض معدلات التضخم الحاد كان من النتائج الإيجابية والمباشرة للأزمة المالية العالمية، وهو ما رحبت به الحكومات الخليجية، خصوصاً في ظل عدم انقيادها وتقفي أثر تحركات أسعار الفائدة على الدولار، فالدوافع الرئيسة للضغوط التضخمية هيكلية الطابع، كما أنها تقع خارج نطاق سيطرة السلطات النقدية إلى حد كبير.