تحافظ دول الخليج على موقعها كقوة استثمارية مميزة في العالم هذه السنة إذ إن الأرصدة المتراكمة وسيناريوات بقاء أسعار النفط من ضمن مستويات مريحة ستعزز أموال الحكومات الخليجية الباحثة عن استثمارات ناجحة. وفي وقت تركز الصناديق السيادية الخليجية على الاستثمارات غير المباشرة في الأسهم والأوراق المالية، تبدو الفرصة متاحة لتوسيع الاستثمار في العقارات والأصول الثابتة للاستفادة من الفرص المتاحة وتحقيق التنوع الاستثماري المطلوب، وفق التقرير الأسبوعي لشركة «المزايا القابضة». ولفت إلى بيانات حديثة من «مؤسسة النقد العربي السعودي» أظهرت استمرار نمو حجم الموجودات الأجنبية للمؤسسة، أي الاحتياطات الحكومية في الخارج، مع نهاية الربع الرابع العام الماضي بما نسبته 5.7 في المئة، أي 132 بليون ريال (35.2 بليون دولار) لتستقر عند 2.428 تريليون مقارنة بنحو 2.296 تريليون نهاية الربع الثالث. وأظهرت البيانات انخفاضاً طفيفاً في استثمارات المصارف السعودية في الخارج إذ تراجعت من 120.1 بليون ريال نهاية الربع الثالث العام الماضي إلى 119.5 بليون نهاية الربع الرابع، في حين بلغ صافي الموجودات الأجنبية للمصارف المحلية 133.4 بليون ريال في مقابل 146.2 بليون، أي بانخفاض نسبته 8.7 في المئة. وعزت تقارير صحافية نمو الأرصدة الحكومية في الخارج إلى ارتفاع أسعار النفط عام 2012 وتدني الأخطار في الاستثمارات التي تختارها مؤسسة النقد. وبيّن تقرير «المزايا» أن «الأرصدة الأجنبية السعودية تتركز في الأسهم والأوراق المالية بنحو 70 في المئة نتيجة تنويع الاستثمارات وإبقائها في أصول سائلة يسهل معها تبديل المراكز المالية في حال تبدل الظروف الاقتصادية سواء على مستوى الشركات أو الدول أو الإقليم». تبدل المراكز المالية وأشار التقرير إلى أن «العقد الماضي شهد تبدلاً في المراكز المالية وحجم الاحتياطات وظهرت الدول الخليجية كمصدر مهم وحيوي للاستثمارات، فمثلاً احتياط النقد الأجنبي في السعودية كان يبلغ نحو 50 بليون دولار عام 2000، حين كان متوسط سعر سلة «أوبك» عند نحو 22 دولاراً للبرميل، وتزايد إلى 680 بليون دولار عام 2011 عندما بلغ سعر النفط الخام نحو 106 دولارات للبرميل، وكذلك في دول الخليج الأخرى. وزادت قيمة الاحتياطات الأجنبية لدول المجلس مجتمعة من نحو 75 بليون دولار عام 2000 إلى نحو 800 بليون عام 2011، ويتوقع أن تقترب من 900 بليون دولار هذه السنة، كما أظهرت تقديرات مصلحة الإحصاءات في السعودية أن معدل نمو الناتج المحلي العام الماضي بلغ 6.8 في المئة مقارنة ب 6.6 في المئة وفق تقديرات «مؤسسة الخليج للاستثمار». وأشار التقرير إلى أن «معهد التمويل الدولي اعتبر أن الدول المصدرة للنفط، ومعظمها عربية، تملك احتياطات مالية ضخمة، فالفائض المالي لكل من السعودية والإمارات بلغ 237 بليون دولار عام 2012، ما يعادل أكثر من نصف العجز في الحساب الجاري الأميركي، في حين بلغ فائض الحساب الجاري الصيني 198 بليون دولار في العام ذاته، وبينما تظهر مؤشرات إلى تزايد الاستثمارات الخليجية نحو اقتصادات دول الشرق الأوسط وشرق آسيا، فإن حصة الدول المتقدمة من هذه الاستثمارات ما زالت كبيرة وتمثل نحو تريليون دولار تعود فقط للكويت والإمارات وقطر، بينما تفضل السعودية استثمار احتياطاتها، البالغة 670 بليون دولار العام الماضي، في أصول منخفضة المخاطرة عالية السيولة وإن كانت منخفضة العائد». وفي ما خص الدول العربية المصدرة للنفط، فتوقع المعهد أن تصدر استثمارات ب 150 بليون دولار هذه السنة عبر صناديق الثروة السيادية بعد تحقيق فائض في الحساب الجاري قيمته 400 بليون دولار، بينما سيذهب المبلغ الباقي إلى الاحتياطات الأجنبية التي يُتوقع أن ترتفع إلى 1.4 تريليون دولار هذه السنة. ولفت تقرير «المزايا» إلى أن «التطورات الاقتصادية والمالية وعلى رأسها أزمة الديون السيادية التي تعانيها اقتصادات منطقة اليورو، ومن قبلها تداعيات الأزمة المالية العالمية، عكست مخاوف وتساؤلات حول الأخطار المحتملة التي قد تتعرض لها الاستثمارات الخارجية للصناديق السيادية الخليجية والتي يتركز معظمها في الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية». وأظهرت دراسة أجرتها شركة «انفستكو ليميتد» الأميركية أن الصناديق السيادية الخليجية استثمرت عام 2011 ما يعادل 29 و19 و33 في المئة من أموالها في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية ومنطقة الخليج على التوالي. وكانت صحيفة «فاينانشال تايمز» أوردت أن الصناديق السيادية الخليجية، وأبرزها قطر، بعد الأزمة المالية العالمية، تجد ملاذاً آمناً في الأسواق العقارية للدول المتقدمة على أمل الحصول على الأرباح والتمتع بالأمان، إلا أن الصناديق السيادية الأخرى، مثل الهيئة العامة للاستثمار في الكويت وجهاز استثمار أبوظبي استمرت في أنشطتها على رغم صعوبة الكشف عنها. ورصد تقرير «المزايا» أنباءً عن توقف أضخم استثمار عقاري في المملكة المتحدة تبلغ كلفته ثلاثة بلايين جنيه استرليني (4.7 بليون دولار) تطوره شركة «الديار» القطرية، أحد الأذرع الاستثمارية السيادية القطرية، إذ يُجري القائمون عليه مراجعة شاملة يُفترض أن تنتهي إما بالاستمرار أو بالتراجع نهائياً عنه.