تتحرك دول الخليج على جميع الجبهات لإنقاذ قطاعها المالي والعقاري من التدهور جراء الكساد الاقتصادي العالمي وخسارة النفط الخام اكثر من ثلثي سعره خلال الأسابيع القليلة الماضية. وتوقعت مؤسسات بحثية عالمية وإقليمية ان تؤدي الخطوات التي اتخذتها كل من السعودية والإمارات والكويت خلال الأسابيع الماضية، الى التخفيف من وطأة الأزمة وإعادة الثقة الى المستثمرين بعد توقف مؤسسات مالية عن منح قروض للقطاع العقاري أو تمويل مشاريع بسبب نقص السيولة. وأعلنت الإمارات عن دمج مؤسستي"أملاك"و"تمويل"ومؤسستين ماليتين أخريين مع"بنك الإمارات للتنمية". وتعهدت الحكومة الإماراتية ضخ الأموال في الكيان الجديد لدعم نشاطاته وتقديم التمويلات العقارية اللازمة لمشتري العقارات في دبيوالإمارات. وبدورها، أسست أبو ظبي"شركة أبو ظبي للتمويل"بمشاركة خمس من الشركات المحلية الكبرى، وهي شركة"مبادلة للتنمية"و"بنك أبو ظبي التجاري"وشركة"الدار العقارية"و"صروح العقارية"و"شركة التطوير والاستثمار السياحي"، برأس مال مدفوع بالكامل يبلغ 500 مليون درهم إماراتي، على أن تمنح التمويل لمشتري العقارات من شركات التطوير العقاري الثلاث في أبو ظبي، وستتوسع لاحقاً لتشمل بقية الإمارات. أما في السعودية، فأعلن"بنك الاستثمار الدولي"البحريني عن إطلاق شركة لتمويل الرهن العقاري المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في السوق المحلية. ويمتلك"بنك الاستثمار الدولي"مع مستثمرين 65 في المئة من أسهمها في حين جرى الاكتتاب ب35 في المئة من الأسهم بواسطة مصارف تجارية إقليمية كشريك استراتيجي في المشروع. وانخفضت أسعار الفائدة بين المصارف السعودية 0.6 في المئة الأسبوع الماضي، بعدما خفضت"مؤسسة النقد العربي السعودي"سعر الإقراض الرئيس لتيسير عمل أسواق الائتمان ودعم السيولة المحلية. وانخفضت الفائدة لأجل ثلاثة أشهر من 4.01 في المئة إلى 3.4 في المئة، وخفّض سعر إعادة الشراء"الريبو"الرئيس نقطة مئوية كاملة إلى 3 في المئة. وخفضت"ساما"متطلبات الاحتياط للمصارف من 10 في المئة إلى 7 في المئة، لإتاحة الفرصة لها لتقديم مزيد من القروض وتنشيط نمو الائتمان للقطاع الخاص. وضخت 3 بلايين دولار في صورة ودائع طويلة الأجل في النظام المصرفي، ووعدت بضمان الودائع المصرفية. وتوقع تقرير أصدرته مؤسسة"المزايا القابضة"ان"يستعيد دمج"املاك"و"تمويل"الطلب على العقار في المنطقة، ويرفع مستويات الثقة لدى المشترين، ما سيعطي الأسواق فرصة للتنفس. وطالب التقرير المطورين بالتركيز على المستخدم النهائي عبر طرح المشاريع بأسعار معقولة تعكس الكلفة الحقيقة التي تواكب الطلب. وتطرق إلى التأخيرات والتأجيلات المحتملة في بعض المشاريع ما سيقلص من حجم المعروض ويعوض من هبوط الطلب اثر غياب المضاربين. وتوقع التقرير أن يجري تسليم كثير من المشاريع في عام 2010، ما سيؤدي إلى استقرار في الإيجارات خلال الأعوام 2011-2012. ولجأ بعض المطورين في منطقة الخليج خلال الأسابيع القليلة الماضية الى خفض القيود المفروضة على إعادة بيع العقار، وسمحوا للمستثمرين ببيعه قبل سداد 30 في المئة من قيمته. ولفت التقرير الى أن الحكومات الخليجية تجاوبت مع الأزمة في شكل حازم وضخّت الأموال في النظام المصرفي وأسواق النقد للتخفيف من التشدد في الائتمان الذي دفع سعر الفائدة للارتفاع، بحيث توقفت نشاطات الإقراض العقارية في شكل ملحوظ في مؤسسات تمويلية ومصارف. ولم تساعد الخسائر التي مُني بها المستثمرون في أسواق الأسهم في تخفيف حدة الترقب والاحتقان في الأسواق العقارية، خصوصاً أن شركات العقارات بدأت بالفعل في مراجعة سياسة التوظيف لديها وتسريح المئات من العاملين، كما أخذت المصارف تتبنى سياسات متشددة في الإقراض. ولم يتوقف الأمر عند القروض العقارية بل تعداها إلى قروض السيارات والقروض الشخصية. وأكدت المحللة المالية في مصرف"ستاندارد تشارترد بنك"، ماري نيكولا، إن الحالة النفسية في السوق تؤثر على أمور كثيرة، ومنها الائتمان المصرفي، موضحة أن معدلات القروض زادت منذ حزيران يونيو الماضي 42 في المئة، بينما لم تزد الودائع بنسب مماثلة. وأشارت الى انه على رغم السيولة الكبيرة التي ضخها المصرف المركزي، لا تزال المصارف"مترددة في التوسع في القروض، وسترفع درجة حرصها وحَذَرها خلال الفترة المقبلة". نشر في العدد: 16683 ت.م: 07-12-2008 ص: 17 ط: الرياض