طالب المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن شريكي الحكم السوداني حزب"المؤتمر الوطني"و"الحركة الشعبية لتحرير السودان"بتسوية القضايا العالقة قبل استفتاء مصير جنوب البلاد المقرر بداية العام، بعدما أخفق في حمل قادة الجنوب على تقديم تنازلات في شأن الاستفتاء على مستقبل منطقة أبيي المتنازع عليها. وأجرى غرايشن مشاورات مع حكومة الجنوب وقيادات"الحركة الشعبية"في جوبا عاصمة الجنوب، وقال عقب محادثات مع رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت إنهما ناقشا ترتيبات إجراء الاستفتاء في الموعد المقرر، وشدد على أهمية التوصل إلى معالجة النقاط الخلافية بين الشريكين بأسرع ما يمكن. وأملَ غرايشن في إحداث مؤتمر يعقد في أديس أبابا السبت المقبل اختراقاً في شأن استفتاء أبيي. وذكر المبعوث الأميركي أن محادثاته في الخرطوموجوبا جاءت لتأكيد إجراء الاستفتاء في موعده، وحض الطرفين على حل القضايا الأساسية التي يتوسط فيها الاتحاد الأفريقي، مشيراً إلى أن اهتمامهم بملف الاستفتاء يجيء لضمان نزاهته وشفافيته واحترام نتائجه على المستويات كافة. وأضاف انه طلب من شريكي الحكم حماية الشماليين في الجنوب والجنوبيين في الشمال وضمان حقوقهم خلال الفترة الانتقالية التي تعقب إجراء الاستفتاء وتستمر ستة أشهر. واتفق الطرفان على استمرار العمل للدفع بتنفيذ اتفاق السلام ومعالجة العقبات التي تواجه قضايا ترسيم الحدود بين شمال البلاد وجنوبها وأبيي والاستفتاء على تقرير مصير الجنوب. وقال وزير السلام في حكومة الجنوب باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية للصحافيين إنهم شددوا على ضرورة إستكمال إجراء الاستفتاء في موعده وقبول الأطراف بنتائجه، ونفى في شدة ما تسرب من معلومات عن اقتراح أميركي بارجاء الاستفتاء شهوراً من أجل تجاوز القضايا الخلافية، مؤكداً:"ليس هناك أي اتجاه من قبل"الحركة الشعبية"والمجتمع الدولي لتأجيل الاستفتاء". وأفادت تقارير أن غرايشن أخفق في حمل قادة الجنوب على تقديم تنازلات في شأن الاستفتاء على مستقبل منطقة أبيي المتنازع عليها بين الجانبين، إذ رفض الجنوبيون طلبه السماح بمشاركة قبيلة المسيرية العربية إلى جانب قبيلة دينكا نقوك الأفريقية في الاستفتاء، لكن"الحركة الشعبية"تمسكت بموقفها واعتبرت المواطنين الذين ينتسبون إلى قبيلة المسيرية ضيوفاً عابرين في المنطقة وان اتفاق السلام ضمن لهم حقوق الرعي والتحرك بمواشيهم جنوباً. وفي شأن آخر، قال نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه انه ستجرى مراجعة على دستور البلاد الحالي وأحكامه في حالتي استمرار الوحدة أو استقلال الجنوب، موكداً أن المراجعة لن تشمل المؤسسات التي افرزتها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أُجريت في نيسان ابريل الماضي. وأضاف طه أمام مؤتمر للحكم المحلي في الخرطوم أمس أن الفترة التي ستعقب اجراء الاستفتاء ستشهد مراجعة لدستور البلاد الساري منذ العام 2005 عقب توقيع اتفاق السلام، موضحاً أن التعديلات ستطاول الدستور في حال استمر السودان موحداً أو انفصل الجنوب وصار دولة. إلى ذلك، قررت مفوضية استفتاء الجنوب طبع بطاقات الاقتراع الخاصة بخياري الوحدة والانفصال في السودان تحت رقابة مشددة نسبة لضيق الوقت بعدما أقرت في وقت سابق طباعتها في الخارج، وتسلّمت المفوضية مقترحات لتحديد رموز الخيارين اللذين سيستخدمان في الاقتراع، أحدهما حدّد خريطة كاملة للسودان كرمز للوحدة وخارطة للجنوب فقط كرمز للانفصال. وكشفت معلومات أن مقترحات في شأن بطاقة الاقتراع للاستفتاء حملت أشكالاً لشخصين متقابلين"رمزاً للوحدة"وآخر لشخصين مدبرين"رمزاً للانفصال". وستنطلق الحملة الدعائية حول خياري الاستفتاء الأحد المقبل وتستمر فترة شهرين، وأقرت المفوضية أمس ضوابط المراقبة وتشمل الحياد وعدم استخدام أو لبس المراقبين ما يوحي بميولهم إلى احد الخيارين الوحدة والانفصال بجانب احترام القوانين السارية. من جهة أخرى تصاعد التسخين العسكري في دارفور وقال حاكم ولاية جنوب دارفور عبدالحميد موسى كاشا إن متمردي"حركة العدل والمساواة"هاجموا صباح أمس قافلة تجارية تتألف من ألف شاحنة كانت في طريقها من الخرطوم إلى نيالا عاصمة ولايته، موضحاً أن قوة من المتردين نصبت مكمناً للقافلة في منطقة تبعد 50 كيلومتراً شرق نيالا، لكن القوات الحكومية صدّت المتمردين وكبدتهم خسائر فادحة في الأرواح والمعدات من دون تفاصيل. وكان متمردو"حركة العدل والمساواة"هاجموا الأسبوع الماضي قافلة تجارية في ولاية شمال دارفور. وتعهد وزير الدفاع الفريق عبدالرحيم محمد حسين بإنهاء التمرد في الإقليم قبل نهاية العام. وفي سياق متصل، أكد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الأمن والسلام جيجوي بي ستار أن الأوضاع الأمنية في دارفور الآن باتت أفضل بكثير مما كانت عليها في العام 2004، واقترح عقد اجتماع تنسيقي يضم أجهزة الأمن في ولايات دارفور والبعثة الأممية الأفريقية في الإقليم يوناميد. وقال المسؤول الأممي الذي يزور البلاد إن دارفور شهدت تطورات إيجابية تجب المحافظة عليها، وأشاد بعودة العلاقات الديبلوماسية بين السودان وتشاد والتي أسفرت عن تشكيل قوة عسكرية مشتركة لحماية حدود البلدين. وأشار إلى أهمية تهيئة مختلف الظروف التي تمكّن موظفي الأممالمتحدة من التحرك لتقديم الخدمات، منوهاً بأهمية التصدي لحالات الخطف التي يتعرّض لها عناصر"يوناميد". وفي القاهرة، كشف وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أن بلاده طرحت خيار الكونفيديرالية على السودان في حال فشل التوصل إلى اتفاق الشمال والجنوب على البقاء موحداً. وقال أبو الغيط، في بيان ألقاه أمس أمام اجتماع لجنة الشؤون العربية في مجلس الشورى الغرفة الثانية في البرلمان، إن هذا الخيار يعني بقاء الشمال والجنوب في إطار دولتين لكل واحدة جيشها وسفارتها لدى الأخرى ضمن إطار الكونفيديرالية. وأوضح أن السودانيين طلبوا منه مهلة لدرس الخيار المصري"وإن كان لديهم بعض الحذر فيه"، مؤكداً أن انفصال جنوب السودان عن شماله ستكون له عواقب وخيمة على دول الجوار وخصوصاً مصر. وأبدى أبو الغيط قلق مصر من إجراء الاستفتاء في التاسع من كانون الثاني يناير المقبل في ظل عدم الانتهاء من التوصل إلى حلول لمشاكل الحدود وتوزيع الثروة البترولية الكبيرة الموجودة في إقليم أبيي. وطالب السودانيين ب"عدم الاهتمام بموعد الاستفتاء"، مشيراً إلى أن"تأجيله لأشهر عدة لن تكون له آثار سلبية". وأعرب عن خشيته من أن يكون الانفصال"متسماً ببعض أعمال العنف"وأن يؤثر على علاقة السودان بدول الجوار ومصر التي يمكن أن تضطرها الظروف إلى استقبال السودانيين في أراضيها وهو وضع مقلق يجب الإعداد له جيداً. وقال أبو الغيط إن مصر تتابع"أحد أخطر اللحظات التى تتعرض لها علاقتها بالسودان منذ العام 1818، وهي لحظة فارقة في تاريخ علاقات البلدين، واليوم نشهد تاريخاً جديداً نأمل أن تتم صياغته بأكبر قدر من الهدوء". وأضاف أن مصر ترى ضرورة أن يجري الاستفتاء على انفصال الجنوب عن الشمال في إطار وحدة السودان"خصوصاً أن الشمال رأى المضي فيه ثقة منه في تأييد الشعب في الجنوب لخيار الوحدة".