أكد الرئيس السوداني عمر البشير أن اليوم الخميس آخر مهلة أمام الوساطة العربية الأفريقية المشتركة في أزمة دارفور والحركات المسلحة لتوقيع اتفاق سلام دارفور في الدوحة، وقال إنه سيسحب الوفد الحكومي المفاوض من العاصمة القطرية إذا لم يتم توقيع الاتفاق. ورأى أن قرار وحدة البلاد صار بيد الجنوبيين و«إذا اختاروا الانفصال سنقول لهم مبروك عليكم ونتمنى لكم التوفيق ومستعدون لمساعدتكم في بناء دولتكم»، فيما هدد حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم بتعطيل الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب بعد 12 يوماً في حال اتخذت قبيلة دينكا نقوك الأفريقية قراراً أحادياً في شأن مستقبل منطقة أبيي المتنازع عليها. واعتبر متمردو دارفور امس المهلة التي حددها الرئيس البشير لتوقيع اتفاق السلام (اليوم) غير واقعية ولا تساهم في التعجيل بايجاد حل لازمة الاقليم. وقال البشير في خطاب أمام حشد جماهيري في نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، أمس: «نشكر قطر التي استضافت مفاوضات سلام دارفور ونشكر الوسطاء وصبرهم على التفاوض ولكن يكفي ... نريد سلاماً من الداخل في دارفور وسنسحب وفدنا من هناك فوراً إذا لم يتم توقيع اتفاق سلام (اليوم)». وأكد البشير أنه سيحقق السلام عبر محادثات تجري في دارفور. وتابع: «لن نتفاوض مع كل من يحمل سلاحاً ويزعم أنه يقود فصيلاً، ومن أراد السلام فليأت إلى دارفور لصنع السلام مع أهله». وانتقد زعماء التمرد في دارفور وقال إنهم تعودوا على الإقامة في الفنادق الفخمة في بعض العواصم كما تعودوا على حياة الراحة بينما أهل دارفور «قابضون على الجمر». وهدد بالحسم مع كل من يحمل بندقية. وأضاف: «نحن ندعو الحركات المسلحة إلى ترك السلاح والذهاب إلى التفاوض من الداخل»، مشيراً إلى أن استراتيجية الحكومة لم تتغير في شأن ضرورة تحقيق السلام من الداخل. ولفت البشير إلى استعداد حكومته للاستماع إلى كل مطالب الحركات المسلحة واستجابة مطالب أهل دارفور، مشيراً إلى أن ذلك يرتبط ب «الجلوس تحت الشجرة والحوار بين الأشقاء». وعن استفتاء تقرير مصير الجنوب قال البشير إن خيار وحدة البلاد أو انفصال الجنوب بيد أهل الجنوب. وزاد: «إذا اختاروا الانفصال سنقول لهم مبروك عليكم ونتمنى لكم التوفيق ومستعدون لمساعدتكم في بناء دولتكم». وأكد ما أشار إليه سابقاً في شأن استعداد الشمال لمساعدة الجنوب في تحقيق التنمية إذا ما أراد الجنوب، مشيراً إلى انه سيبذل كل جهده لتحقيق السلام بين شطري السودان. ورفض البشير تحميله مسؤولية التفريط في وحدة البلاد، وقال إنّه وقّع اتفاق سلام مع الجنوبيين ونفّذه في شكل كامل ومنح الجنوبيين أكثر من حقوقهم في السلطة والثروة وصار الخيار بيدهم. كما أكد تمسكه بتطبيق الشريعة الإسلامية وقال إنه لن يفرّط فيها مهما تزايدت الضغوط، مشيراً إلى أن الغاء الشريعة ليس مطلباً جنوبياً وانما وراءه أعداء الإسلام في داخل البلاد وخارجها. وحمل في شدة على المعارضين الذين يطالبون بتعطيل الشريعة في مقابل اقناع الجنوب بعدم الانفصال. إلى ذلك، اتهمت الحكومة السودانية قواعد أميركية في البحر الأحمر بالتدخل في الصراع السوداني. لكنها لم تحدد مواقعها. وقال مساعد الرئيس نافع علي نافع، في ندوة في الخرطوم أمس، إن القواعد العسكرية الأميركية في البحر الأحمر تتدخل في صراع السودان، متهماً بعثات الأممالمتحدة أيضاً بتغذية الصراعات في افريقيا، ودعا الأفارقة إلى إخراج القواعد العسكرية الغربية من القارة، ورأى أن أي قاعدة عسكرية تنشأ في افريقيا ستكون جزءاً من الصراع في القارة. وفي تطور خطير، حذّر مسؤول ملف أبيي في حزب «المؤتمر الوطني» الدرديري محمد أحمد من أن حزبه يمكن أن يرفض إجراء استفتاء الجنوب في حال تبني «الحركة الشعبية لتحرير السودان» لنصائح مكتب محاماة أميركي تتعلق بخطة لضم منطقة أبيي المتنازع عليها إلى جنوب السودان، في خطوة من جانب واحد. وكشف الدرديري أن «الحركة الشعبية» بعد أن «تملّكها اليأس» من إمكان أن يدعم الوسيطان الأميركي سكوت غرايشن والافريقي تابو مبيكي «موقفها المتطرف» حيال أبيي، طلبت من مكتب «PILPG» الأميركي للمحاماة، تصميم خطة لإعلان انفرادي تصدره قبيلة دينكا نقوك الافريقية لتقرير مصيرها ضمن السودان الموحد واختيار انضمامها إلى الجنوب بدل الشمال. وأفاد الدرديري أن محامين أميركيين «أوهموا الحركة الشعبية» أن هذه الخطوة إذا ما حدثت في إطار السودان الموحد فإنها تُعد مسألة تقرير مصير داخلي لا يحتاج مسبقاً إلى موافقة الحكومة الاتحادية او حزب «المؤتمر الوطني»، وبعدها عندما يقرر الجنوب الانفصال تكون أبيي انفصلت معه بناءً على حق تقرير المصير الخارجي الذي يمارسه الجنوب بموجب اتفاق السلام. وأضاف الدرديري انه بسبب الجهد الكبير الذي بذله حزبه وقبيلة المسيرية العربية التي ترعى في منطقة أبيي مع الوسطاء تغيّر موقف قبيلة دينكا نقوك من مسألة الاستفتاء على مستقبل أبيي، وصارت تقبل بمشاركة قبيلة المسيرية فيه. ونص اتفاق السلام على إجراء استفتاء في أبيي لتحديد مستقبلها بين البقاء ضمن وضع استثنائي في الشمال أو الانضمام إلى الجنوب على أن يجري استفتاء أبيي متزامناً مع استفتاء تقرير مصير الجنوب في 9 كانون الثاني (المقبل). لكن طرفي الاتفاق فشلا في تحديد هوية الناخب الذي يحق له المشاركة في استفتاء أبيي، مما جعل وضع المنطقة معلّقاً. وفي سياق متصل، قالت مفوضية استفتاء جنوب السودان إن هناك حاجة إلى ترتيبات دقيقة وتحوطات لازمة تصاحب عملية إعلان نتيجة الاستفتاء تحسباً لأي ردود أفعال متوقعة، ودعت حكومتي الشمال والجنوب، إلى جانب منظمات المجتمع المدني، إلى العمل على تهيئة مناخ ملائم يساعد على إجراء الاستفتاء وتقبّل النتيجة. وناشدت الأطراف كافة ضبط النفس. وناقش وزير شؤون رئاسة مجلس الوزراء لوكا بيونق مع رئيس مفوضية الاستفتاء محمد إبراهيم خليل، أمس، موضوعات متعلقة بعملية الاستفتاء، بينها إجراء عملية التصويت وإعلان النتائج. واعتمدت مفوضية الاستفتاء ستة آلاف مراقب سوداني يمثلون 80 مؤسسة مختلفة بجانب 650 مراقباً أجنبياً يمثلون 28 منظمة في الخرطوم. كما وزعت مفوضية الاستفتاء أربعة ملايين ملصق لصناديق الاقتراع تحمل صورتين وكلمتين، الصورة الأولى ليد واحدة تشير إلى الانفصال، بينما الثانية ليدين وتشير إلى الوحدة. وأعلنت مفوضية الاستفتاء أن أمس هو اليوم الأخير لتقديم الاستئنافات للمحكمة المختصة بعدما فرغت اللجنة القانونية من أعمالها في شأن الطعون المتعلقة بالتسجيل للاستفتاء الأسبوع الماضي. وقال المسؤول الإعلامي في المفوضية جورج ماكير إن المحكمة تستغرق خمسة أيام للتداول تمهيداً للإعلان عن قراراتها في الثالث من كانون الثاني المقبل.