"خويد": أول جمعية متخصصة للفنون الأدائية والمسرح في المملكة    المملكة تشارك في اجتماع مجموعة المانحين لدعم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف    بايدن: مقتل السنوار فرصة ل"إطلاق مسار نحو السلام"    «الزكاة والضريبة والجمارك» تحبط تهريب 1.2 مليون حبة كبتاجون بمنفذ «حالة عمّار»    اللجنة الدولية للتحقيق تدعو إلى إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية    خطيب المسجد النبوي: القلب ملكُ الجوارح وسلطانه فبصلاحه يصلُحون وفسادهم بفساده    خطيب المسجد الحرام: يتعجل المرء في الحكم بين المتنازعين قبل التبين    السياحة السعودية تعزز حضورها الدولي وتستهدف الصين    وصول الطائرة الإغاثية السعودية السادسة محمّلةً بالمساعدات للشعب اللبناني    الأحمدي يكتب.. الهلال وتحديات المستقبل!    قاعة "ميادين" تشهد إقامة المؤتمر الصحفي لنزال معركة العمالقة بمشاركة نجوم عالميين    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول أمطار على معظم مناطق المملكة    ارتفاع سعر الروبل مقابل العملات الرئيسية    ارتفاع أسعار النفط إلى 74.45 دولار للبرميل    فريد الأطرش .. موسيقار الأزمان    «صرخات مؤلمة».. تكشف مقتل الطفلة سارة    ديربي القمة    «إندبندنت»: النساء بريئات من العقم.. الرجال السبب!    السياسة الخارجية تغير آراء الناخبين في الانتخابات الأمريكية    سينر وألكاراز يواصلان تألقهما وينتقلان إلى نهائي "The six Kings Slam"    5 مواجهات في انطلاقة دوري الدرجة الأولى للكرة الطائرة    الدفاع المدني ينبه من استمرار هطول الأمطار الرعدية على بعض مناطق المملكة    لصوص الأراضي.. القانون أمامكم    «تحجّم».. بحذر!    اللثة.. «داعمة الأسنان» كيف نحميها؟    الحل في لبنان.. يبدأ من لبنان    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً عن هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية    عبدالرحمن يحصد ذهبية الاسكواش بالألعاب السعودية    ذاكرة الهلال لن تنساني    الابتعاث للدراسة الأكاديمية للباراسيكولوجي    مفهوم القوة عند الغرب    استيقظ يااا مانشيني    «وقاء نجران» يشارك في مهرجان مزاد الإبل بأعمال الفحص والتقصي    أبسط الخدمات    التسويق الوردي!    تركي بن طلال.. العاشق المحترف    المساقي عليها تضحك العثّري    الدولار يدخل معركة الرئاسة الأمريكية    الأمير فيصل بن سلمان يدشّن الأعمال الكاملة للمؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى    الحضور السعودي «أوروبياً» .. لردم هوة العثرات العالمية    إنفاذًا لتوجيهات القيادة: تمديد فترة تخفيض سداد المخالفات المرورية    وزير الإعلام يفتتح أكاديمية "واس" للتدريب الإخباري بالرياض    «اسبقيه بخطوة»... معرض للكشف المبكر ومكافحة سرطان الثدي    محمية الشمال للصيد.. رؤية الحاضر بعبق الماضي    وزير الثقافة يشهد توقيع هيئتي المتاحف والتراث أربعة برامج تنفيذية في الصين    برقية شكر للشريف على تهنئته باليوم الوطني ال94    تجمع الرياض الصحي الأول يطلق فعاليات توعوية بمناسبة "اليوم العالمي للإبصار"    متوفاة دماغيًا تنقذ ثلاثة مرضى في الأحساء    السعودية تترأس اجتماعات الدورة ال 35 لمجلس الوزراء العرب لشؤون البيئة    اليوم..ظهور القمر العملاق في سماء السعودية    مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية الخامسة لمساعدة الشعب اللبناني    36 ألف جولات رقابية على جوامع ومساجد منطقة المدينة المنورة    نباح من على منابر الشيطان    السعودية إنسانية تتجلى    أمير القصيم يرأس اجتماع "الإسكان".. ويستقبل مجلس الربيعية    نائب أمير تبوك يستقبل أعضاء جمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليا    أمين الطائف يقف على المشاريع التطويرية بالمويه وظلم    26 من الطيور المهددة بالانقراض تعتني بها محمية الملك سلمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبنان : أبعد من أزمة تأليف حكومة .. تهديد النظام والصيغة !
نشر في الحياة يوم 30 - 08 - 2009

تزداد أزمة تأليف الحكومة اللبنانية تفاقماً وتعقيداً يوماً بعد يوم، وها هي تدخل شهرها الثالث من دون بروز معطيات أو مؤشرات لتخطي العقبات القائمة، وما أكثرها، تسهيلاً لقدوم المولود الوزاري. وبانتظار حدوث أي معجزة على الطريقة اللبنانية يغرق الوطن في خضم سجالات تأجيجية وتراشق بيزنطي عقيم، وتقاذف التهم حول مصدر هذه الأزمة هل هي داخلية أم خارجية؟
ونظراً للتشابك القائم بين"تعطيل الداخل"و"تعطيل الخارج"نعود الى مقولة: اذا أردت أن تعلم ما الذي يجري وسيجري في لبنان عليك متابعة الأمر في مختلف عواصم العالم إلا في بيروت! وآخر تداعيات الواقع الإقليمي المأزوم اشتعال الأزمة من جديد بين سورية والعراق على خلفية التفجيرات المريعة التي روعت وسط بغداد، والمضاعفات الناشئة عن هذا التدهور والذي حدث بعد انقضاء بضعة أيام على الزيارة الناجحة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى دمشق والتوقيع على معاهدة استراتيجية بين البلدين. ومن المفارقات الغريبة ان فريقاً وزارياً عراقياً وجه التهمة الى سورية أنها هي التي تقف وراء التفجيرات وتؤوي بعض"البعثيين الإرهابيين"، في حين وجه فريق وزاري عراقي التهمة الى ايران.
وبعيد تبادل سحب السفراء بين البلدين، وطلب السلطات السورية من السلطات العراقية تقديم إثباتات لهذه التهم معربة عن استعدادها للتجاوب بحثاً عن الفاعلين، ظهرت مفارقة لافتة تمثلت بإعلان وزير خارجية العراق هوشيار زيباري المطالبة ب"تشكيل محكمة دولية للتحقيق في هذا الحادث الإرهابي المروع على غرار المحكمة الدولية التي تألفت للتحقيق في ملابسات اغتيال الرئيس رفيق الحريري". كما ورد على لسان زيباري.
وعلى رغم الشكوك التي تحيط بهذا الاقتراح ومعرفة مدى تجاوب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، فالعلاقات السورية ? العراقية تبدو مرشحة لمزيد من التصعيد، حيث طرح من جديد موضوع دور سورية في المنطقة على وجه الإجمال وأكثر تحديداً في لبنان وفلسطين والعراق.
وفيما كانت دوائر الخارجية الأميركية السياسية منها والعسكرية تدرس آثار تفجيرات بغداد، خاصة أنها حدثت في توقيت قريب، بعد انسحاب القوات الأميركية من بغداد والمدن العراقية الى الداخل، في هذا الوقت كان مسؤول أميركي رفيع يوجه الاتهامات الى سورية بالعرقلة مع حلفائها وتحديداً"حزب الله"والعماد ميشال عون تخصيصاً. ويضيف:"ان اصدقاء سورية في لبنان لا يريدون ان يقبلوا نتائج الديموقراطية التي يدعون انهم يتفقون عليها".
وتذهب دوائر واشنطن الى القول:"ان الرئيس باراك أوباما يريد تحسين العلاقات مع سورية لكن ذلك سيكون مستحيلاً اذا استمرت سورية واصدقاؤها في لبنان في تعطيل المؤسسات الديموقراطية".
ويبدو ان سورية بعدما حصلت على شهادات حسن سلوك من مصادر غربية وأميركية تقديراً لحسن أدائها في لبنان، هناك محاولة لإدخال بعض التعديلات على هذه المعادلة، لكن الطرح الأميركي يتصرف وفق أولويات وأجندات مختلفة عن سياسات ومواقف بعض دول المنطقة حيث ان واشنطن تصر على ضرورة قيام"حالات تفاوضية"بين اسرائيل وسائر الدول العربية. وفي ما يتصل بالشأن اللبناني تؤكد المصادر الأميركية"أن علاقاتها بلبنان محورية في الشرق الأوسط وأن واشنطن تأمل مستقبلاً في المساهمة في التوصل الى سلام بين لبنان واسرائيل في اطار سلام شامل يشمل لبنان ويفيده. وتأمل في ان تؤدي العلاقة الإيجابية بين الولايات المتحدة وسورية الى التعجيل في تطور علاقات جيدة بين لبنان وسورية". على ان واشنطن تريد ان تبقي علاقاتها مع دمشق رهن الضغوط. ويعبّر الناطق الأميركي عن ذلك بالقول:"آمل في أن يدرك السوريون ان ثمة حدوداً لتحسين العلاقات، اذا ظلت المؤشرات قائمة حول تدخل سوري في لبنان والعودة الى الممارسات السابقة وكأن الانسحاب العسكري لم يتم وكأن تبادل السفراء لم يحصل". وفي سياق متصل بالتوجه الأميركي في المنطقة بشكل عام وتحديداً بشأن العلاقات مع سورية وايران، ابدت الخارجية الأميركية استياءها من قيام الرئيس بشار الأسد بزيارة طهران لتهنئة الرئيس محمود احمدي نجاد بفوزه بولاية رئاسية ثانية، خاصة أن الزيارة تمت خلال وجود وفد عسكري أميركي رفيع المستوى في دمشق.
وفي هذا المجال كان لافتاً ما نشرته صحيفة"هآرتس"الاسرائيلية وجاء فيه: قبل اسبوعين عقد في دمشق اجتماع استثنائي ليس من النوع الذي يهز العالم ولا صلة مباشرة له بإسرائيل لكنه بالتأكيد يعكس اسلوب عمل الرئيس باراك أوباما، إذ التقى الجنرال مايكل مولن الشخصية العسكرية البارزة في القيادة المركزية الأميركية، وفرديريك هون نائب المبعوث الأميركي في المنطقة السناتور جورج ميتشيل، ومجموعة من الضباط الكبار في سورية للاتفاق على خطوات عملية تهدف الى إغلاق الحدود السورية ? العراقية أمام تسلل المخربين".
ويخلص معلق اسرائيلي الى الاستنتاج:"في سوبر ماركت الشرق الاوسط يبدو ان لا مفر من انتهاج سياسة ضعيفة وليست سياسة اقليمية على سبيل المثال. السياسة القائلة إن على أميركا الامتناع عن التحاور مع سورية ما دامت لم توقف دعمها للإرهاب وما زالت على علاقة وثيقة مع ايران لأن لواشنطن مصالح حيوية في العراق. وفي الكلام الأخير للناطق الاسرائيلي يمكن التوصل الى الاستنتاج الآتي:"يدل اسلوب عمل ادارة الرئيس الأميركي مع سورية مثلاً على ان التوقعات بانتهاج سياسة خارجية أميركية شاملة تهدف الى تحقيق سلام اقليمي هي رؤية تثير الحماسة لكنها لا تصلح لأن تكون استراتيجية".
وبعد، الى ماذا تقودنا كل هذه المعطيات والمعلومات؟
تقودنا الى التالي:
* ان الوضع العام في المنطقة يشهد الكثير من التطورات المثيرة، وسط واحدة من اكبر عمليات إعادة خلط الأوراق، والأحداث الأخيرة في ايران ستجعل اكثر من طرف يقدم على تعديل طروحاته ومواقفه، كما ان التطورات الآتية في المنطقة قد ترغم ادارة الرئيس باراك أوباما على احداث تغييرات اساسية على ترتيب الاولويات في المنطقة. ومن ذلك"التنافس"على موقع الأجندات من ايران وما يجري فيها الى تداعيات التصعيد في العلاقات المتوترة بين بغداد ودمشق خاصة ان التفجيرات الاخيرة تطرح سؤالاً اساسياً: هل سيكون باستطاعة قوى الأمن العراقية ضبط الأوضاع بمفردها بعد انسحاب القوات الاميركية من المدن؟ واستطراداً: هل سيرغم التأجيج الأمني في العراق على تغيير الاستراتيجية الأميركية واضطرارها لإعادة جنودها الى بغداد وسائل المدن العراقية؟
* في اسرائيل حكومة ترفض الامتثال لأي قرار أو رغبة للموافقة على وقف بناء المزيد من المستوطنات الاسرائيلية. وبذلك يتحدى بنيامين نتنياهو الولايات المتحدة الحليف التقليدي الأكبر لاسرائيل كما يتحدى الدول الاوروبية الأخرى!
وفيما ينتظر العالم إعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي الموافقة على خطة إقامة دولتين: دولة فلسطينية تعش جنباً الى جنب مع اسرائيل يطرح بيبي اسم الدلع لننتياهو انتزاع موافقة الفلسطينيين على"يهودية"دولة اسرائيل ويدور النقاش الآن على تنازل من اسرائيل بقبول تجميد مخططات الاستيطان الاسرائيلية لمدة ستة اشهر فقط، ثم يتم التفاهم على الخطوات التالية.
وسط كل هذه المنطقة المضطربة يقع لبنان مراقباً ما يدور حوله وفي كل مرة يتأكد ان الاحداث التي يشهدها الوطن الصغير هي اكبر بكبير من طاقاته ومن امكاناته على حلها. فما يجري في لبنان يتخطى بكثير ازمة تأليف حكومة جديدة الى ازمة نظام بلوغاً الى عمق الصيغة اللبنانية خاصة في ضوء الشحن المذهبي الذي اندلع في الايام الاخيرة بين السيد محمد حسين فضل الله والبطريرك الماروني نصرالله صفير، والنقطة المحورية التي يدور حولها السجال: هل يجب اعتماد نظام الاكثرية البرلمانية أم اعتماد نظام الاكثرية العددية؟ مثل هذه السجالات تنبئ بالمزيد من العواصف الآتية على لبنان من دون ان ننسى التهديدات الاسرائيلية اليومية بضرب"حزب الله"وتدمير البنى التحتية للبنان.
انها مرحلة ربط الاحزمة من جديد. من بيروت الى دمشق، الى بغداد وصولاً الى طهران.
* كاتب واعلامي لبناني
نشر في العدد: 16949 ت.م: 30-08-2009 ص: 11 ط: الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.