منحت وكالة التصنيف الائتماني الفرنسية «كوفاس» المغرب درجة «A 4» في مجال القدرة على تسديد الديون السيادية والتجارة الخارجية والاحتياط النقدي، وهي الدرجة ذاتها التي كان يتمتع بها سابقاً. وأشارت الوكالة، التي تتخذ من باريس مقراً وتهتم بمستقبل التجارة والمبادلات المالية الخارجية، إلى أن قدرة المغرب على تسديد ديونه ومشترياته الخارجية مطمئنة على رغم بعض الضرر الاقتصادي الناتج عن تداعيات الثورات العربية، الذي قلّص مصادر التمويل الخارجية، خصوصاً عائدات السياحة وتحويلات المهاجرين والتدفقات الاستثمارية الأجنبية. وأوضحت في تقرير أن المغرب لن يشهد أي هروب مفاجئ لرؤوس الأموال الأجنبية، كما حصل في بعض الدول العربية التي طاولتها الاضطرابات، وتوقعت استقرار نمو الاقتصاد المغربي عند 4.6 في المئة من الناتج المحلي مع نهاية السنة، مقارنة بخمسة في المئة كانت أعلنتها الحكومة قبل الثورات العربية. وتتوافق توقعات الوكالة مع توقعات صندوق النقد الدولي، ولفتت إلى أن اعتماد المغرب على الاستهلاك المحلي وزيادة صادرات الفوسفات والإنتاج الزراعي وتوافر احتياط نقدي يغطي سبعة شهور من الواردات، جنّبه تداعيات الأزمات العربية والأوروبية ودفعه إلى تحمّل جزء من كلفة الأسعار وتحسين الأجور، ما زاد عجز الموازنة العامة. لكن المغرب، الذي يعتمد في تجارته الخارجية على الاتحاد الأوروبي، قد يتضرّر من تباطؤ النمو في منطقة اليورو، ومن احتمال تقليص الدعم الأوروبي نتيجة مشاكل الديون السيادية في دول مثل اليونان واسبانيا والبرتغال وايطاليا، كما أن ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية في السوق الدولية قد يعمّق عجز الميزان التجاري إلى أكثر من 5.3 في المئة من الناتج المحلي. وكانت الأسعار الدولية كلّفت الاقتصاد المغربي نحو ستة بلايين دولار هذه السنة، ما قلّص النمو نصف نقطة في توقعات العام المقبل. وفي المقابل، يستفيد المغرب من تدفق الاستثمارات الأوروبية والخليجية في مشاريعه الكبرى مثل القطار الفائق السرعة، وصناعة السيارات، والطاقة الشمسية، والعقار والسكن الاجتماعي، والسياحة، والطرق السريعة وتكنولوجيا الاتصالات، والترامواي، والموانئ التجارية والمطارات، وقطاع غيار الطائرات. وتثير تلك المشاريع، التي تتجاوز قيمتها 130 بليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، شهية الشركات الأوروبية، خصوصاً الفرنسية منها، ما يجعل تمويلها يحظى بدعم دولي. وكانت شركات ألمانية واسبانية انتقدت إسناد أهم المشاريع المغربية إلى شركات فرنسية بغطاء لوبي حكومي محلي يدعم باريس. ويحصل المغرب، بحسب المؤسسات الدولية مثل «موديز» و «ستندارد آند بورز» و «فيتش ريتنغ»، على اكبر قدر من الاستثمارات الخارجية في المنطقة، باستثناء دول الخليج، بسبب استقراره الاجتماعي وإصلاحاته السياسية ومشاريعه الاقتصادية التحديثية، ما جعل هذه المؤسسات تُجدد تصنيفه في رتبة «إنفست كراد» مع «آفاق مستقرة» بالنسبة للديون الخارجية التي تقل عن 15 في المئة من الناتج المحلي، في حين تُقدّر الديون السيادية ب48 في المئة من الناتج. ويواجه المغرب مشكلة بطالة الشباب الجامعيين التي تقدر ب17 في المئة في المتوسط، ويحتاج إلى توفير 300 ألف منصب عمل جديد سنوياً خلال خمس سنوات، بهدف تقليص البطالة من 9.2 في المئة إلى ستة في المئة. وقرّرت الحكومة منح دعم قيمته 25 ألف درهم (نحو 3000 دولار) لأي شركة خاصة توافق على توظيف عاطل من العمل وحاصل على شهادة جامعية.