أعلن وزير المال والاقتصاد المغربي صلاح الدين مزوار في حديث إلى «الحياة»، أن الرباط «أرجأت برنامج اقتراض دولي لإصدار سندات يوروبوندز سيادية، نتيجة عدم استقرار الأسواق العالمية وتداعيات أزمة المال في بعض اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي التي تعاني عجزاً في موازناتها خصوصاً في منطقة اليورو المرتبطة بها العملة المغربية، وتمثل أكثر من 66 في المئة من المبادلات الخارجية والتدفقات المالية والاستثمارية». واعتبر مزوار، الذي يرأس حزب التجمع الوطني للأحرار (ليبرالي)، أن الوضع الدولي غير مناسب لأي عودة إلى السوق المالية نتيجة ضبابية المؤشرات وحال الترقّب التي تطبع عمل المستثمرين والمتعاملين». وكانت الرباط فوّضت إلى مصرفي «باركليز كابيتال» و «إتش أس بي سي» البريطانيين في لندن ومكتب الوساطة المالية «ناتكسيس»، درس إمكان الاعتماد على قروض سيادية لتمويل جزء من عجز موازنة هذه السنة، المقدر بنحو 4 في المئة من الناتج المحلي، للإبقاء على حجم الاستثمارات العامة المقدر ب20 بليون دولار لتأهيل البلاد للانضمام إلى المناطق التجارية الحرة ومرحلة ما بعد الأزمة العالمية». وأشار مزوار الى أن الرباط «تنتظر صدور تقارير أوروبية ودولية (صندوق النقد) حول معدّل النمو المرتقب في منطقة اليورو نهاية الشهر الجاري، لمعرفة حجم الأضرار التي يمكن أن تطاول الاقتصاد المغربي نتيجة انخفاض سعر صرف اليورو وأزمة المال الحادة في دول الجوار، مثل إسبانيا والبرتغال». لكن استبعد «أي تعديل حالياً في سلة العملات الأجنبية التي يرتبط بها الدرهم منذ عام 2004». ولفت إلى أن «تنويع مصادر الدخل يعوض الفارق في قيمة العملات. وجرت العادة بأن يصدر المغرب بالعملة الأوروبية الموحدة ويستورد بالدولار، باستثناء صادرات قطاع الفوسفات والمعادن التي تتم بالدولار، وهي إيرادات يستخدمها المغرب في تمويل مشتريات الطاقة والقمح ومواد التجهيز من خارج الأسواق الأوروبية. وأظهرت الإحصاءات تضرّر صادرات المغرب إلى الاتحاد الأوروبي نتيجة بطء الطلب الخارجي، وتراجع القدرة الشرائية في السوق الأوروبية، وتأثر بها خصوصاً قطاع الملابس الجاهزة والنسيج الذي خسر نحو 500 مليون دولار في النصف الأول من العام الحالي، في وقت ازدادت تحويلات المهاجرين من أوروبا وحركة السياحة الدولية، لكن ذلك لم يمنع من تفاقم عجز الميزان التجاري وانخفاض الاحتياط النقدي بواقع بليوني دولار خلال عامين. وتوقع وزير المال والاقتصاد أن يحقق الاقتصاد المغربي «نمواً يزيد على 4 في المئة هذه السنة، بعدما سجل 4.9 في المئة عام 2009، ونحو 5.6 في المئة عام 2008 ونحو 2.7 في المئة عام 2007». وأوضح أن «نمو الاقتصاد المغربي يعكس دينامية الطلب الداخلي، والقدرة على مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، ما دفع مؤسستي «ستاندرد أند بورز» و «فيتش ريتنغ»، إلى منح الرباط رتبة «إنفست كراد – استثمار». ولم يستبعد محللون احتمال أن «تؤثّر أزمة المال في منطقة اليورو في حجم التدفقات المالية والمساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية، الموجهة إلى دول جنوب البحر الأبيض المتوسط ومنها المغرب الذي يملك أفضلية، لأنه يتمتع ب «الوضع المميز» الذي يقل عن العضوية ويتجاوز الشراكة التجارية». لكن أشار إلى أن أزمة اليونان واسبانيا والبرتغال «جعلت بروكسيل تفكر في الأعضاء قبل الشركاء». يُذكر أن الخروج الأخير إلى السوق المالية الدولية كان خلال عام 2004، وبلغت قيمة القروض السيادية في حينها 500 مليون يورو.