ارتبط مصطلح الانتفاضة دائماً في أذهاننا بالشعب الفلسطيني وثورته ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولكننا اليوم نشهد انتفاضة من نوع آخر، لكن هذه المرة في إيران، فقد أثبتت الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة وعلى رغم فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد أن الشعب الإيراني منقسم إلى قسمين: قسم يرفض النظام الحالي باعتباره نظاماً ديكتاتورياً وقسم آخر يريد البقاء تحت لواء النظام الحالي باعتباره المدافع عن حقوق الشعب وعلى رأسها حقه في امتلاك التقنية النووية، وهو المشروع الذي يشكك الغرب في أهدافه السلمية، ويعتبره خطراً على الأمن العالمي. المعارضون للرئيس أحمدي نجاد يتهمون النظام باتباع سياسة خاطئة خلال السنوات الأربع الماضية دفع الشعب ثمنها حيث ان الاقتصاد يعاني تدهوراً كبيراً بسبب العقوبات الاقتصادية المتتالية، والملف النووي كلف إيران الكثير من الخسائر. وبلا شك، فإن الأحداث الحالية ستكلف طهران الكثير، خصوصاً أن المسألة أصبحت تتعلق بصراع بين طهران والغرب. وبعد تلقي طهران ضربة سياسية داخلية جديدة جراء هذه الانتفاضة سيدخل أحمدي نجاد في مواجهة جديدة مع الغرب، لكنه هذه المرة في موقع أضعف من السابق كونه مقيداً بمعارضة داخلية تشكل قوة ضغط لا يستهان بها في المشهد السياسي الإيراني، وهذا بطبيعة الحال سيؤدي إلى إضعاف النظام. والأكيد أن النظام الإيراني يدرك أنه في أزمة ويحاول تهدئة الأمور وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الانتخابات، ولكن يبدو أن المعارضة مصرّة على موقفها المشكك بنتائج الانتخابات، وهذا يعني أن الانتفاضة الإيرانية ستستمر، وأن الرئيس نجاد أمام تحد كبير هذه المرة داخلي مع شعبه ومع الخارج، وإن كان هناك من تدخل بريطاني في تأجيج المعارضة ودعمها، فإن الغرب يكون قد وجد ضالته في التعامل مع النظام الإيراني الذي رفض كل العروض الأوروبية للاستغناء عن مشروعه النووي وسياسته المتشددة تجاه إسرائيل ودول الغرب في شكل عام، فقد أدرك الغرب أن الضربة العسكرية لإيران لن تجدي نفعاً، وأن السبيل الوحيد لإسقاط النظام هم بواسطة قوة داخلية. جلال بوشعيب فرحي - بريد الكتروني