على عكس ما يظن كثيرون، ربما لا يشكّل اللعب بالنار خطراً ضخماً في غابة الأمازون، وهي رئة الكرة الأرضية وأضخم غاباتها، نظراً لقدرتها على المقاومة! كما أن الغابة تُجدّد نفسها وتقاوم تغييرات المناخ، بطريقة لا تزال مستغلقة على العلماء! يحدث في عالم الكومبيوتر ما يماثل ذلك تقريباً، خصوصاً الأجهزة الإلكترونية المسماة «اللوح» مثل «آي باد» iPad و «غلاكسي» Galaxy! ما الذي يحدث في عالم هذه الأجهزة؟ انطلق «آي باد» وحيداً في هذا المضمار، ولم يظهر منافسوه إلا ببطء وصعوبة. واحتاجت شركة «موتورولا» مثلاً، إلى وقت طويل وإلى مناسبة ضخمة، هي «معرض السلع الإلكترونية للمستهلك» Consumer Electronics Exhibition الذي يُعقد سنوياً في لاس فيغاس، كي تدفع بلوحها الإلكتروني «زووم» Xoom، لينافس «آي باد». وعلى غرارها، سارت شركة «سامسونغ»، فأنزلت الى الساحة لوحها «غلاكسي تاب» Galaxy Tab، كما طوّرت نُسَخَه بسرعة لتصل في ختام الأسبوع المنصرم، الى لوح «غلاكسي تاب 7.0 +» Galaxy Tab 7.0+، كما صنعت «بلاك بيري» لوحها «بلاك بوك» Black Book. بدا أن أمراً ما تغيّر في عالم الكومبيوتر، فأغرى الشركات بالدخول الى منافسة «آي باد»، بعد أن كانت تخشى مواجهته. ربما جاء جزء من الإجابة من شركة «أمازون.كوم» الشهيرة، عندما أطلقت جهاز اللوح «فاير»، وترجمته «نار» Fire، بسعر مئتي دولار، مُعلنة أنها تعقد عليه الرهان في معركة أجهزة اللوح، التي باتت حامية الوطيس. أليس لعباً بالنار أن تنطلق «أمازون» من مربضها المكين في عالم الكتاب ودهاليز أجهزة قراءة الكتب الإلكترونية (حيث حقق جهازها «كيندل» انتصارات مؤثّرة)، لتدخل في هذا الصراع الضاري؟ لنتأمل هذه «النار»، ألا تخشى «أمازون» أن تحرقها؟ انه يخلو من كاميرا. شاشته متوسطة (7 بوصة) أصغر من حجمي 10.1 بوصة و9.7 بوصة، السائدين في أجهزة اللوح. ربما لهذا السبب تحديداً، تكتسب هذه «النار» أهميتها، بمعنى أنها جعلت الألواح الإلكترونية الأخرى (من «آي باد» إلى «بلاك بوك»)، مجرد تنويعات على نغم مفرد! الأرجح أن ثمة يداً تدخّلت فأدت إلى هذا الانقلاب في مشهد أجهزة اللوح: إنها التطبيقات الرقمية، خصوصاً تطبيقات «أندرويد» Adroid التي أرست معيارها شركة «غوغل». المعلوم ان التطبيقات هي برامج إلكترونية تتخصّص في تقديم شيء بعينه مثل تخفيف الوزن، المعلومات العامة، التدريب على نوع معين من الرياضة، مؤلّفات دينية، تاريخ الولاياتالمتحدة، تدريب القنّاصة في الجيش الأميركي، طريقة التجهّز أثناء الكوارث الطبيعية وغيرها. لقد اعتمدت شركة «آبل» (ترجمتها حرفياً «التفاحة»)، على تطبيقاتها الخاصة الموجودة في «آبس ستور». ومع ظهور تطبيقات «أندرويد»، التي تحاول اجتذاب «مايكروسوفت»، تكاثرت كالفطر شركات صغيرة تعمل في صناعة التطبيقات، مع ملاحظة أن معظم هذه البرامج يعتمد أسلوب النص المتعدد الوسائط «ميلتي ميديا». قلما يخلو تطبيق الكتاب من دعم بالصوت. مثلاً، هناك تطبيق عن القرآن يقدمه نصاً كاملاً ومُجوّداً بأصوات 8 مقرئين، إضافة الى تلاوة لقارئ في مجموعة من اللغات الأجنبية. لقد قُضمِت «التفاحة»، بمعنى انكشاف مركز قوّتها أمام منافسة تطبيقات «أندرويد». ومع ساحة مفتوحة تعمل فيها آلاف الشركات الصغيرة، صار في وسع الشركات التي تصنع أجهزة اللوح الإلكتروني، أن تُدخل عليه آلاف التطبيقات، فتجعل شاشته تغلي بأيقونات لتطبيقات مغرية ببساطتها وتمكّنها التقني وعلاقتها المباشرة بالأشياء العادية للحياة.