قدّم أنصار مير حسين موسوي المرشح الإصلاحي للانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة بعد غد الجمعة، أكبر عرض قوة لهم، اذ شكّلوا سلسلة بشرية امتدت من شمال العاصمة الى جنوبها، وهم"يودعون"خصمه المحافظ الرئيس المنتهية ولايته محمود احمدي نجاد. وشكل انصار موسوي سلسلة امتدت 19 كيلومتراً على طول جادة الولي العصر التي تعبر طهران من الشمال الى الجنوب، والتي اكتست باللون الاخضر الذي اختاره المرشح الاصلاحي رمزاً لحملته، اذ ارتدى مؤيدوه قمصاناً وأوشحة خضراء ورفعوا يافطات باللون ذاته كما وضعوا شارات خضراء. وانشد الشبان المناصرون لموسوي:"باي باي احمدي"و"اذا لم يزوّروا، سيفوز موسوي". ورُفعت بين الحشود يافطات تحمل عبارة"ممنوع الكذب"وعليها اشارة الخطر، تتهم ضمناً احمدي نجاد بالكذب حول المعطيات الاقتصادية في ايران، خلال المناظرات التلفزيونية التي اجراها مع المرشحين الاخرين. ورفع متظاهرون آخرون نسخة عن الصفحة الاولى من صحيفة"اطلاعات"، تحمل عنوان"احمدي رحل"، على غرار عنوانها الشهير الصادر عام 1979:"الشاه رحل". وقالت احدى المشاركات في التظاهرة:"انها رسالة الى كل سكان طهران". واضافت أخرى:"نريد الحرية. حرية إيران. أيها العالم انظر الينا، نحن شباب ايران. نحن نقاتل من أجل حريتنا". وقال موسوي امام الحشد:"تجمعنا هنا لأن الشعب سئم من الأكاذيب. السلسلة البشرية تشكل رفضاً رمزياً للأكاذيب التي تقال للشعب". وكان تجمع مماثل لانصار احمدي نجاد جرى عصر الاثنين في مسجد الامام الخميني وسط العاصمة، حيث هتف هؤلاء وهم يلطمون صدورهم:"موسوي كاذب"و"موسوي دع الثورة وشأنها". وكانت الحشود كثيفة الى حد لم يتمكن احمدي نجاد من الوصول الى المبنى حيث كان من المفترض ان يلقي خطابه. وقالت زهرة محمدي وهي طالبة:"جئت للدفاع عن رئيسنا الشجاع، وهو رجل بسيط يدافع عن المشردين ولا يفكر في نفسه". وندد المتجمعون بالرئيس السابق هاشمي رفسنجاني، مرددين:"هاشمي وابناؤه ناهبو الاموال العامة"و"الموت لهاشمي". وكان رفسنجاني بعث برسالة الى مرشد الجمهورية الاسلامية علي خامنئي، اسف فيها ل"الادعاءات غير المسؤولة والعارية عن الصحة"التي ساقها احمدي نجاد بحقه وبحق ابنائه. ودافع الرئيس السابق عن موقعه في الجمهورية الاسلامية، معتبراً ان التهم الموجهة اليه تستهدف الثورة الاسلامية. واكد انه لم يدعم أياً من المرشحين الاربعة للرئاسة، كما كرر ان حكومة احمدي نجاد لا تخدم البلاد. وطالب رفسنجاني بالعمل على اجراء انتخابات نزيهة، لتكون"عاملاً في انقاذ البلاد وتعزيز الوحدة الوطنية والوقوف امام الفتن التي تحيط بها". في غضون ذلك، انهى احمدي نجاد وخصمه المرشح المحافظ محسن رضائي ليل الاثنين، سلسلة المناظرات التلفزيونية بين المرشحين الاربعة. وقال رضائي ان"أحد اهم اخطاء احمدي نجاد، هو انه يعتقد انه اختصاصي في كل شيء"، معتبراً انه"خلق فراغاً حوله ولا شخص بمأمن في محيطه". واضاف:"لو كنت عملت مع النخبة لما كنت عانيت هذا القدر من المشاكل، ولكنه عمل صعب لأن النخبة تسألك وهي ليست عبدة لأحد". ورأى رضائي الذي قاد"الحرس الثوري"طيلة 16 سنة، ان"على أحمدي نجاد ان يغيّر تفكيره". وبدّل الرئيس الايراني عدداً كبيراً من الخبراء في ادارته، كما أقال ثمانية وزراء منذ تسلمه السلطة في آب اغسطس 2005، بينهم وزير الداخلية السابق مصطفى بور محمدي بعد اتهامه بأنه لا يتحمل الانتقاد. ونفى نجاد هذه الاتهامات، مشيراً الى ان"كل الخبراء ساعدوني باستثناء بعضهم الذين امتنعوا عن التعاون". وشدد رضائي، وهو دكتور في الاقتصاد، على ان"اقتصاد البلاد يعاني التضخم والركود. نسبة نمو الاقتصاد كان معدلها ستة في المئة، لكنها ستكون ادنى هذا العام، وقد تتراجع الى ما دون اربعة في المئة خلال سنتين". ورد احمدي نجاد بأن"من الخطأ الحديث عن ركود"، مكرراً ان التضخم تراجع الى ما دون 15 في المئة. لكن رضائي استند الى ارقام المصرف المركزي، ليوضح ان نسبة ارتفاع الاسعار ازدادت من 11.9 في المئة عام 2006 الى 25.4 في المئة عام 2008. وقال:"ينبغي عدم اخفاء الحقيقة بأرقام. طبعاً لا اقول انه احمدي نجاد كاذب، لكن هذا التلاعب بالارقام غير صحيح". واوضح انه يفكر ب"فيديرالية اقتصادية"من اجل السيطرة على الوضع الاقتصادي في البلاد. في هذه الاثناء، اعلنت كتلة المحافظين في مجلس الشورى البرلمان دعمها اعادة انتخاب احمدي نجاد. واوضحت الكتلة التي تضم اكثر من 200 عضو من اصل 290 نائباً في البرلمان، في بيان:"مع اخذ كل المعايير في الاعتبار، فإن احمدي نجاد هو المرشح الاكثر كفاءة". واضافت انها"تحترم كل المرشحين الذين لديهم خبرة ذات قيمة وخدموا الشعب". اما المرشح الاصلاحي مهدي كروبي فجدد التأكيد على"رفضه المطلق"الانسحاب من السباق الانتخابي. واشار الى انه سيكشف بعد الانتخابات،"وثائق تتعلق بقضية نفط اردبيل ضد احمدي نجاد، وهي بقيمة 700 مليون دولار". وكان الرئيس الايراني اتهم كروبي بالفساد، خلال المناظرة بينهما. نشر في العدد: 16868 ت.م: 10-06-2009 ص: 19 ط: الرياض