انهار أمس سادس اتفاق للمصالحة بين السودان وتشاد بعد يومين من توقيعه إثر اتهام نجامينا الخرطوم بشن هجوم عسكري على أراضيها، ما يرشح علاقات البلدين الى مزيد من التأزم. وسارع الجيش السوداني إلى نفي ذلك في شدة، في حين أعلن متمردون تشاديون إنهم دخلوا فعلاً الأراضي التشادية. ونقلت وكالة"فرانس برس"من ليبرفيل عن مسؤول ينتمي الى"اتحاد قوى المقاومة"، التحالف الذي يضم أبرز فصائل التمرد التشادية، إن"رجالنا على الخط بين جوز بيضا وابيشيه"في شرق تشاد. وتبعد بلدة جوز بيضا حيث تنتشر مخيمات لاجئي دارفور السودانيين، نحو مئة كلم غرب الحدود مع السودان. وتبعد المنطقة نحو 200 كلم عن ابيشيه جنوباً. وقالت فرنسا إن هناك فعلاً تقارير تشير إلى أن مجموعات مسلحة بدأت تعبر الحدود من السودان إلى داخل تشاد منذ الاثنين وانها تتحقق من عدد المسلحين الموجودين هناك ومواقعهم المحددة. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية أمس إنها تتابع الأحداث في شرق تشاد"بقلق بالغ"، مضيفة:"يبدو أن هذه المجموعات المسلحة توغلت عشرات الكيلومترات في الأراضي التشادية". وأكد الناطق باسم الجيش السوداني العميد عثمان الاغبش في تصريح أن الجيش ليس له أي صلة بالهجوم على تشاد، موضحاً أن"ما يجري حالياً في تشاد يتعلق بنزاع بين الجيش التشادي والمتمردين التشاديين، وليس للسودان أي علاقة بذلك". ودعا نجامينا إلى الكف عن توجيه الاتهامات إلى بلاده. وكان وزير الإعلام التشادي محمد حسين قال في بيان:"بينما لم يجف بعد المداد الذي وقع به اتفاق الدوحة، حرّك نظام الخرطوم قوافل عسكرية ضد بلادنا". واتهم حسين الخرطوم ب"عدوان مدبّر"، إلا أنه لم يذكر ما إذا كانت القوات السودانية عبرت الأراضي التشادية أو توقفت عند الحدود. لكنه قال ان قوات المتمردين توغلت نحو 150 كيلومتراً داخل الأراضي التشادية غير أنها لم تشتبك مع الجيش التشادي. وكان الرئيس السوداني عمر البشير استقبل ليل الاثنين وفد حكومته الذي وقّع مع الحكومة التشادية اتفاقاً الأحد في الدوحة للمصالحة بين الخرطوم ونجامينا، وأمر عقب تسلّمه وثيقة الدوحة بتسريع تطبيق الاتفاق خصوصاً ما يتعلق بالبنود السياسية والأمنية والعسكرية بين البلدين. وقال وكيل الخارجية السودانية مطرف صديق إن قطر وليبيا، الراعيتين للاتفاق، تعهدتا سد العجز المادي واللوجستي لنشر مراقبين على الحدود السودانية - التشادية. ونص الاتفاق أيضاً على التحضير لقمة تجمع الرئيسين السوداني عمر البشير والتشادي إدريس ديبي في طرابلس. وتتهم نجامينا السودان بدعم حركات المعارضة المناهضة للرئيس ديبي، فيما تتهم الخرطومتشاد في المقابل بدعم متمردي دارفور. وكانت العلاقات بين البلدين بلغت قمة توترها في بداية شباط فبراير 2008 عندما اتهمت تشاد جارتها الشرقية بدعم المتمردين الذين استطاعوا الوصول الى العاصمة نجامينا ومحاصرة الرئيس ديبي في قصره. وفي المقابل، اتهمت الحكومة السودانية تشاد في أيار مايو 2008 بدعم متمردي"حركة العدل والمساواة"الذين شنوا هجوماً على أم درمان إحدى مدن الخرطوم الثلاث، وقطعت العلاقات بينهما حتى أفلح الزعيم الليبي معمر القذافي في اعادتها في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. على صعيد آخر، انتهت أمس الثلثاء المهلة التي حددها مسجل الأحزاب للقوى السياسية لتسجيل نفسها حتى يتاح لها خوض الانتخابات. وأكمل أكثر من ستين حزباً تسجيلها وصارت مؤهلة لخوض الاستحقاق الانتخابي المقرر العام المقبل، وسط دعوات إلى تشكيل تحالف عريض في مواجهة حزب المؤتمر الوطني الحاكم بزعامة الرئيس البشير الذي يسيطر على السلطة منذ 20 عاماً. وتلقى رئيس الوزراء السابق زعيم حزب الأمة الصادق المهدي دعوة من رئيس حكومة جنوب السودان رئيس"الحركة الشعبية لتحرير السودان"سلفاكير ميارديت لزيارته في جوبا عاصمة الاقليم. وقالت مسؤولة الاتصالات في الحزب مريم الصادق إن والدها سيناقش مع سلفاكير تشكيل تحالف بينهما في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة. كما دعا مؤسس حزب التحالف الوطني السوداني الجنرال عبدالعزيز خالد الى اجتماع يضم سلفاكير والمهدي ورئيس الحزب الاتحادي الديموقراطي محمد عثمان الميرغني وزعيم حزب المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي والأمين العام للحزب الشيوعي محمد ابراهيم نقد وزعماء حركات دارفور مني أركو مناوي وعبدالواحد محمد نور وخليل ابراهيم ورئيس حزب مؤتمر البجا في شرق السودان موسى محمد أحمد من أجل الاتفاق على"برنامج حد أدنى"لخوض الانتخابات والحاق هزيمة بحزب المؤتمر الوطني. وكان المسؤول السياسي في المؤتمر الشعبي كمال عمر قال إن حزبه يسعى الى تحالف سياسي عريض في المرحلة المقبلة. وفي خطوة لافتة، أعلن"التجمع الوطني الديموقراطي"تشكيل لجنة لتفعيل نشاطه ووضع خطة لاخراج البلاد من الأزمات الحالية واجراء انتخابات حرة ونزيهة. وقال الأمين العام للتجمع و"الحركة الشعبية لتحرير السودان"باقان أموم ل"الحياة"عقب اجتماعه مع رئيس التجمع محمد عثمان الميرغني ليل الاثنين، إنهما ناقشا القضايا كافة التي تهم البلاد وفي مقدمها الأوضاع الحالية وضرورة جمع الصف الوطني لادارة الازمة السودانية وإخراج البلاد من الوضع الحالي بخاصة وانه لم يبق سوى عشرين شهراً للفترة الانتقالية ينتهي بانتهائها النظام الدستوري الحالي. وأضاف باقان إنهما ناقشا ايضاً الاستفتاء على حق تقرير مصير الجنوب وقضية الانتخابات والتحوّل الديموقراطي وضرورة العمل سوياً لضمان اجراء انتخابات حرة ونزيهة، لافتاً إلى أن الميرغني سيزور جنوب السودان قريباً. نشر في العدد: 16833 ت.م: 06-05-2009 ص: 13 ط: الرياض