ممتاز الطائرة : الأهلي يواجه الاتحاد .. والابتسام يستضيف الهلال    رأس المال البشري.. محرك الثروة الوطنية    «سلمان للإغاثة» ينفّذ البرنامج التطوعي الثلاثين في مخيم الزعتري اللاجئين السوريين بالأردن    ميلوني: نريد التعاون مع أميركا في مجال الطاقة النووية    ترمب.. رجل لا «كتالوج» له    الغزواني يقود منتخب جازان للفوز بالمركز الأول في ماراثون كأس المدير العام للمناطق    نائب وزير الخارجية يستقبل وكيل وزارة الخارجية الإيرانية    المدرب الوطني خالد القروني: لجان اتحاد الكرة تحتاج تطويراً وتقليلاً للأخطاء    في توثيقٍ بصري لفن النورة الجازانية: المهند النعمان يستعيد ذاكرة البيوت القديمة    «تنمية رأس المال البشري».. تمكين المواطن وتعزيز مهاراته    تقاطعات السرديات المحلية والتأثيرات العالمية    هل أنا إعلامي؟!    فرح أنطون والقراءة العلمانية للدين    الاستمرار في السكوت    في إشكالية الظالم والمظلوم    انطلاق مهرجان أفلام السعودية في نسخته ال11 بمركز إثراء    حتى لا تودي بك تربية الأطفال إلى التهلكة    موعد مباراة الهلال القادمة بعد الفوز على الخليج    بعد 40 يوما.. ميتروفيتش يهز الشباك    ضبط إثيوبيين في عسير لتهريبهما (44,800) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    وزير الدفاع يلتقي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني    القبض على إندونيسي ارتكب عمليات نصب واحتيال بنشره إعلانات حملات حج وهمية ومضللة    وزير الدفاع يلتقي رئيس إيران في طهران    غدًا.. انطلاق التجارب الحرة لجائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا 1 لموسم 2025    أمير القصيم يستقبل مدير فرع الشؤون الإسلامية    نائب أمير منطقة جازان يطّلع على تقرير "الميز التنافسية" للمنطقة لعام 2024    نائب أمير منطقة جازان يضع حجر أساسٍ ل 42 مشروعًا تنمويًا    عبدالعزيز المغترف رئيساً للجنة الوطنية لمصانع الابواب والألمنيوم في اتحاد الغرف السعودية    نائب أمير جازان يرأس الاجتماع الرابع للجنة الإشرافية للأمن السيبراني    أمير القصيم يستقبل منسوبي تجمع القصيم الصحي ويطّلع على التقرير السنوي    معرض اليوم الخليجي للمدن الصحية بالشماسية يشهد حضورا كبيراً    وزير الاستثمار مشاركا في منتدى الجبيل للاستثمار 2025 أواخر ابريل الجاري    24 ألف مستفيد من خدمات مستشفى الأسياح خلال الربع الأول من 2025    تجمع القصيم الصحي يدشّن خدمة الغسيل الكلوي المستمر (CRRT)    تخريج الدفعة ال22 من طلاب "كاساو" برعاية نائب وزير الحرس الوطني    إلزام كافة شركات نقل الطرود بعدم استلام أي شحنة بريدية لا تتضمن العنوان الوطني اعتبارًا من يناير 2026    جامعة الإمام عبدالرحمن وتحفيظ الشرقية يوقعان مذكرة تفاهم    مشاركة كبيرة من عمداء وأمناء المدن الرياض تستضيف أول منتدى لحوار المدن العربية والأوروبية    استشهاد 20 فلسطينيًا    قطاع ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "التوعية بشلل الرعاش"    الأمير سعود بن جلوي يرأس اجتماع المجلس المحلي لتنمية وتطوير جدة    موجز    وفاة محمد الفايز.. أول وزير للخدمة المدنية    سهرة فنية في «أوتار الطرب»    معركة الفاشر تقترب وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية.. الجيش يتقدم ميدانيا وحكومة حميدتي الموازية تواجه العزلة    أنور يعقد قرانه    مجلس «شموخ وطن» يحتفي بسلامة الغبيشي    زخة شهب القيثارات تضيء سماء أبريل    5 جهات حكومية تناقش تعزيز الارتقاء بخدمات ضيوف الرحمن    الاتحاد الأوروبي يشدد قيود التأشيرات على نهج ترامب    إيران على مسافة قصيرة من العتبة النووية    متوقعة جذب تدفقات قوية في المملكة.."فيتش": 1.3 تريليون ريال حجم «إدارة الأصول» في 2026    القيادة تعزي ملك ماليزيا في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    "التعليم" تستعرض 48 تجربة مميزة في مدارس الأحساء    قيود أمريكية تفرض 5.5 مليارات دولار على NVIDIA    قوات الدعم السريع تعلن حكومة موازية وسط مخاوف دولية من التقسيم    رُهاب الكُتب    سمو أمير منطقة الباحة يتسلّم تقرير أعمال الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة المالية ... أزمة مستندات وأوراق
نشر في الحياة يوم 08 - 04 - 2009

لن يفلح القادة الأميركيون والأوروبيون في تذليل الأزمة الحالية ما لم يعدلوا عن معالجتها معالجةً اقتصادية ومالية وحسب. والقادة الاوروبيون والاميركيون مدعوون الى إدراك جوهر المشكلة. وهو قانوني أكثر مما هو مالي. والسبب في انكماش القروض العريض عجز عن توصيف أموال الأصول السامة، وقيمتها بلايين الدولارات، توصيفاً قانونياً. وهذا التوصيف هو شرط تحديد قيمة هذه الأصول المالية السامة. وإذا لم تتخط الاجراءات العقبة القانونية، بقيت قيمة الاصول خارج سلم قيمتها المالية، وبقي سعر صرفها غير مستقر ولا معروف على وجه الضبط. وليس في وسع المستثمرين المغامرة بشراء ما لا سند قانونياً له يثبت حقوقهم في ملكيته. وتذليل هذه المشكلة يعبد الطريق أمام تخلص المصارف وشركات التأمين من الأوراق المسمومة هذه، ونهوضها من أزمتها.
وأبرز تحد تواجهه أزمة القروض هو تداعي التعريف أو التوصيف القانوني الذي استحدث لمواكبة الابتكارات المالية. فلا مناص من استئناف المواصفات القانونية لتلحظ قيمة الاصول الفعلية، وتُعلم الفاعليات الاقتصادية بحجم المخاطر الكامنة فيها، وتحدد هوية مالك الاصول.
ومن يلقي نظرة سريعة حوله يدرك أهمية الورق أو المستند في العالم الاقتصادي. فملكية منزل الواحد منا وسيارته، وأسهمه المالية، وعقود ديونه، مدونة على مستندات ورقية. ولا يسع المرء حيازة ملكية، أو نقلها، أو تحديد قيمتها من دون ابراز وثائق قانونية تراعي الاعراف الدولية، وتثبت حقوقه في ما يدعي. ويفترض تحصين علاقة السندات بالملكية إرساء نظام ملكية قانوني يبعث الثقة العقلانية بالقيمة المرتبطة بالورق. وهذا التحصين هو شرط توفر القروض، وتدفق رؤوس الاموال، وحركة السوق السليمة. فنظام سندات الملكية هو ركن نظام الرأسمالية و"غموض"الرأسمال. ويعود الفضل في التبادل، وفي الارتباط بالاقتصاد العالمي الى التدوين الورقي والمستندي. واليوم، يتداعى جزء من الشبكة العالمية جراء تعمد الدول خفض قيمة شطر كبير من الاصول، وإغراقها الاسواق بأدوات مالية مشتقة من رهون عقارية سيئة تبلغ قيمتها نحو 600 الف بليون دولار، أي ضعفي قيمة بقية اصول الملكية في العالم. وأسهمت الدول في ظهور هذا النوع من الرهون العقارية متذرعة بمساعدة غير الميسورين.
وتحول ضخامة قيمة المستندات غير المنظمة، وغير الموثقة، دون تقدير قيمة الاصول، والتثبت من ملكيتها القانونية والمشروعة. فوسع أزمة الرهون العقارية"الصغيرة"، و7 في المئة من قيمتها مولتها مشتقات مالية، ولا تتعدى قيمتها بضع مئات من بلايين الدولارات من الاوراق السامة، اطاحة تقويم الاصول المتبقية، ونشر عدواها في الاقتصاد كله. فالأصول السامة تتصل بالقروض ورأس المال. ولذا، فهي بالغة الأثر في الاقتصاد، وتبث سمومها فيه.
ويعصى إدراك السلطات العامة في الولايات المتحدة وأوروبا كون اكبر انكماش اقتصادي في العالم المعاصر إنما مرده الى شوائب في النظام القانوني. وهذه السلطات مدعوة الى مراقبة الاسواق النامية، وملاحظة دور المستند الورقي البارز في نمو الاقتصاد وتطوره. وشطر راجح من الشعوب فقير، ويتعامل في اطار اقتصاد مواز لا توثق فيه الملكيات والمقتنيات والعقود، ولا تصنف. ولذا، يصعب تحديد قيمة الملكيات الملتبسة هذه. ويحول هذا الالتباس دون نسج علاقات ثقة بين عامة الناس، ويعوق حركة التبادل بينهم. وفي جعبة هؤلاء"رأسمال ميت". فممتلكاتهم غير مسجلة في سوق مبادلات رسمية بين ملاكين رسميين لملكياتهم صفات قانونية معترف بها عالمياً. والسبيل الى انتشال سكان العشوائيات من الفقر هو إرساء نظام سندات الملكية الرسمية.
ولا شك في أن ابرز تحد يواجهه الغرب هو بعث الثقة في التسليف، وبالأوراق المالية التي خرجت من عقال الضبط، عوض الانهماك ببعث الثقة في العملة. وضمان معظم القروض أصول ملكية، مثل الرهون العقارية والمشتقات المالية. وليست هذه الأصول أموالاً، ولكنها تملك صفات مالية أو ما يسميه الانغلو ساكسون بال moneyness . ولا مناص أمام السلطات العامة من اعادة تأهيل هذه الاصول أو اعادة تعريف مواصفاتها القانونية، لوقف تدهور قيمتها، وحجمها ضخم. وعلى هذا، فإفساح المجال أمام تحديد قيمتها وتداولها مسألة ملحة.
ويجب تعيين أنواع المنتجات المشتقة وأصنافها، وهي مبعثرة في آلاف الوثائق، وتوصيفها، وتقنين أنماطها وتوحيدها، وتسجيلها في لوائح في متناول العامة، شأن غيرها من أصول الملكية. ومن شأن ربط الاتفاقات المالية بأداء الموجودات ونتائجها ضمان ان قيمة القرض لا تتخطى قيمة الموجودات المقدرة. ووضوح عملية الانقاذ هذه ودقتها هما شرط بعث الاصول المجمدة، وتحريك سوق القروض الجديدة، وتداول الرأسمال الراكد. ولا تدور عجلة الاسواق المعاصرة ما لم تكن اصول الملكية قابلة للمناقصة والمضاربة، وما لم تكن القروض والمعلومات في متناول الافراد. وليست عبارة"دع السوق يعمل"دعوة الى ترك السوق على غاربها.
ولكن هل تقدير قيمة الاوراق السامة ممكن؟ في الماضي، نجح المشرعون والسلطات العامة في هذه المهمة، وبتت في شؤون القروض إثر طفرة الذهب في كاليفورنيا، وفي تصنيف ثروات أوروبا ما قبل الرأسمالية، وتوحيد ألمانيا بعد انهيار جدار برلين. فالسيرورة الرأسمالية في شطر منها، قوامها تبديد سموم متواصلة. وهذا ما نفعله، يومياً، في البلدان النامية. فنحن نبحث في اصول الملكية واجازاتها، وفي العقود غير الرسمية، وندقق في وثائق الهوية. ونحن نريد ادخال المواطنين الفقراء ومجتمعاتهم الى عالم الاقتصاد الرسمي والعلني، وتشريع أبواب التداول في السوق الرسمي الاوسع أمامهم. وليس انقاذ الاقتصاد مسؤولية العاملين في القطاعات المالية بل هو مسؤولية الحكومات التي تسن القوانين، وتضمن حقوق الملكية الشرعية، وتقوّم اختلال الاقتصاد الموازي. وحري بالسلطات العامة التصدي لمسؤولياتها السياسية والقانونية، وترميم النظام المالي، وبعث الثقة فيه.
* اقتصادي بيروفي صاحب"أسرار الرأسمال"، "لو فيغارو" الفرنسية، 27 /3/ 2009، اعداد منال نحاس
نشر في العدد: 16805 ت.م: 08-04-2009 ص: 25 ط: الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.