لم يستثن قطاع التعليم في قطر، كغيره من المجالات الحسّاسة الأخرى، من اصلاحات ومشاريع تجديدية من أجل تقديم خدمات تعليمية جيدة. ومن أهمّ الركائز التي اعتمد عليها المشروع الجديد هو السعي الى تحويل كل المدارس الحكومية إلى مدارس مستقلة بحلول 2011. جوهر"مبادرة تطوير التعليم"يعتمد في الأساس على إنشاء مدارس تتمتع بالاستقلالية، تقوم الدولة بتمويلها، وتسمى بالمدارس المستقلة. وتم اختيار أصحاب تراخيص المدارس المستقلة بدقة بالغة من قبل هيئة التعليم، وهناك الآن العشرات من هذه المدارس التي تطرح كل منها نموذجها الخاص في المنهاج الدراسي وحتى في الكتب الدراسية، وطرق التدريس، والعمل الجماعي, مؤكدين أنّ هذه المدارس لن تكون مختلطة وتتفق جميعها على أربع مواد رئيسية تعطى في أيّ مدرسة مستقلة. هذا الإصلاح الذي انطلقت ارهاصاته منذ 2003، يشهد الآن تقدّما كبيراً في رسم خطوطه العريضة على المدى القصير، في انتظار ما سيسفر عنه المشروع على المدى البعيد. لذا تشهد وزارة التربية حالياً موتاً بطيئاً بانتظار أن تعطي محلها للمجلس الأعلى، الذي ستخضع له جميع المدارس المستقلة. وأنشئ المجلس الأعلى للتعليم عام 2002 باعتباره السلطة العليا المسؤولة عن رسم السياسة التعليمية للدولة، وهو الآن الجهة القانونية المخولة وضع المبادرات والبرامج. لكن بقي قرار إلغاء وزارة التربية المشكل الذي أسال الكثير من الحبر ولا يزال، تخوّفا من ثقل مسؤولية تعليم الاجيال الناشئة على مجلس التعليم لوحده. وعلى رغم كلّ الإمكانات التي سخّرت له وكل الاستراتيجيات التي عمل على طرحها أمام التلاميذ وأوليائهم وعلى الخبراء, يبقى الجزم بنجاح هذه الخطوة في حاجة لوقت أطول. ولكن لا يبدو أنّ هناك ما يمكنه أن يقف عائقاً أمام هذه المشاريع التي يشهدها قطاع التعليم في قطر بعدما تمتّ خصخصة أكثر من نصف المدارس. "تعليم لمرحلة جديدة"هو العنوان الكبير لهذه المبادرة التي قطعت أكثر من ثلثي رهانها الزمني، وكثّفت وزارة التربية والتعليم جهودها التنسيقية مع المجلس الأعلى للتعليم من أجل تحقيق النتائج المرجوة والمتعلّقة بمستوى الطلبة، والعمل أيضاً على تحقيق توازن بين معايير المجلس في المواد الأربع الرئيسة وهي اللغة العربية، اللغة الانكليزية، الرياضيات والعلوم لتتوافق مع مناهج الوزارة، بحيث أنه عندما تنقل المدارس إلى المجلس يكون طلبتها قد أتموا استعدادهم للتوافق مع نظم المجلس الأعلى. بالاضافة إلى توفير الشروط الضرورية للحاجات العملية والتعليمية إلى أن يتم تحويل جميع المدارس التابعة لها إلى مدارس مستقلة وهو التحدي القائم بين نهاية 2010 ومطلع 2011. ومن أهمّ ما يرتكز اليه المجلس لإتمام أهداف خطة التطوير والإصلاح ثلاث هيئات تنفيذية وهي:"هيئة التعليم"المكلفة دعم إنشاء المدارس المستقلة والإشراف على أدائها. و"هيئة التقويم"لإجراء وتطوير الاختبارات المقنّنة ومراقبة أداء الطلبة والمدارس. و"هيئة التعليم العالي"وهي الجهة المخوّلة إرشاد الطلبة حول الخيارات المهنية والوظيفية وفرص التعليم العالي في دولة قطر وخارجها، بالإضافة إلى إدارة برامج المنح والبعثات. نشر في العدد: 16775 ت.م: 09-03-2009 ص: 24 ط: الرياض