في كل أنحاء العالم ومن خلال تعامل البشر تحدث أخطاء ربما غير مقصودة وتكون محاولة إصلاح هذه الأخطاء جزءاً من ثقافة الناس ورجوعهم الى الحق، فالاعتراف بالفشل أول خطوة للنجاح. إذا اشتريت بضاعة لك الحق في أن تعيدها خلال شهر إذا ظهرت فيها عيوب، وربما استغل بعض الظرفاء أو الأذكياء هذه الميزة وعاشوا أياماً سعيدة على حساب صاحب المحل، وهو بالتأكيد يعرف ذلك ولكن أسلوب الشفافية ومبدأ حرية التجارة وأن الزبون على حق أوجدت نوعاً من التوازن بين الحق والواجب. الأمثلة عن هذا النحو من السلوك كثيرة. فمثلاً حدث إضراب للعمال وموظفي مترو أنفاق نيويورك استمر ثلاثة أيام، وفي نهاية الإضراب أعلنت إدارة المترو للركاب المشتركين عن تعويضهم لتجديد فترة صلاحية الركوب المدفوعة مقدماً لمدة 3 أيام، فهذا حق الناس. ومصر بلد الحضارة التي يقال انها عرفت أول حكومة في العالم نجد أوضاعاً فيها تستحق التأمل. وتذكرت رجل أعمال سورياً من كبار صناعيي النسيج عاش حياته في الإسكندرية وكان يعشق مصر وكنا نسعد بخلاصة تجاربه. وقال لي يوماً عندما تذهب لاستخراج شهادة ميلاد حاول أن تحصل على 10 نسخ، فسألته لماذا؟ فقال حتى توفر وقتك وجهدك وتريح أعصابك لأنه من خلال تعاملك مع أي جهة في مصر في الغالب يطلبون نسخة من شهادة الميلاد. وعملت بنصيحته ولكن تغير أسلوب التعامل، فالشهادة انتقلت من الكتابة اليدوية الى الإلكترونية. وعندما ذهبنا لاستخراج الأخيرة وجدنا الأسوأ وهو حدوث خطأ في اسم الأم في حالتين. وعدنا بالشهادات التي صدرت فيها الأخطاء ومعنا صور من الشهادات القديمة بخط اليد وطالبنا بتصحيح الخطأ. وبعد أن استمعنا الى ما قيل لنا غادرنا المكان في حالة من الذهول والدهشة، فالذي أخطأ لم يعتذر أو يقدم نوعاً من المساعدة، وهو أضعف الإيمان، بل وجه الينا النصح حول كيفية تصحيح هذه البيانات التي أخطأ هو فيها وكأنه يحمّلنا المسؤولية. ان عناء المواطنين يبدأ من هذه الأشياء التي تبدو صغيرة لكنها تتراكم وتسبب الفتور بين الناس والإدارات الحكومية، والحل بسيط لا يكلف شيئاً سوى تغطية ضمير، فالذي سبب أي خطأ عليه اصلاحه، وعلمونا في المدارس أن الاعتراف بالحق فضيلة، وليس أحق من حق الناس في الحصول على الخدمات طالما انهم وفوا بالتزاماتهم. أحمد محارم - بريد إلكتروني