شهدت العاصمة العمانية خلال الشهرين الماضيين تألقاً مميزاً في مجالات السياسة والرياضة والسياحة الثقافية. فلقد عقد مؤتمر القمة التاسع والعشرون لدول مجلس التعاون في دول الخليج العربية في نهاية العام الماضي. كما احتضنت مسقط مباريات كأس الخليج لكرة القدم حيث فاز الفريق الوطني العماني المضيف بالكأس. وبعد انتهاء دورة الكأس مباشرة انطلق مهرجان مسقط 2009 بكل ما فيه من زخم الألوان ورموز الثقافة والتراث ومعالم النهضة العمانية الحديثة. ولا تكتمل حياة مهرجان مسقط والنجاح الذي تحقق له اقليمياً وعربياً ودولياً إلا بالعودة بالذاكرة إلى ما وراء الخطوة في الانطلاقة المختبرية للمهرجان إذا جازت العبارة في فعالية أسبوع التضامن مع المعوقين مدينة بلا حواجز حيث كانت ولادة فكرة مهرجان مسقط الحقيقية. فمع أسبوع التضامن الذي نظم في الفترة من 5 إلى 15 آذار مارس 1996 كانت بداية تنظيم المهرجان كتظاهرة حضارية تشتمل في مناشطها وفعالياتها المتنوعة، بالاضافة الى المضامين الانسانية التي انطلقت من أجلها أصلاً، على عروض ثقافية وحضارية الى جانب توفير أجواء المرح والتسلية للجمهور والزوار، حيث جاءت الفكرة من لدن بلدية مسقط بإقامة مهرجان للتضامن مع المعوقين وفرت في سبيل اقامته وإنجاحه التجهيزات الضخمة وحشدت الاستعدادات والطاقات الكبيرة إضافة الى حضور مكثف من المشاركين من مختلف المؤسسات الحكومية والتطوعية ومؤسسات القطاع الخاص. خلال ما يزيد على عقد من الزمان، يبذل القائمون على تنظيم مهرجان مسقط في بلدية العاصمة العمانية بتوجيهات من رئيس البلدية المهندس سلطان بن حمود الحارثي جهوداً متواصلة مشحونة بطاقات تجديدية لمزج الترفيه والثقافة بأسلوب متناغم لابراز فسيفساء تعكس التراث العريق والنهضة العصرية، وذلك عبر التعاون الوثيق مع لجان حكومية عدة. وعلى ضوء ذلك يحرص المنظمون في تلك اللجان، خصوصاً اللجنة الاعلامية، على عرض تلك الفعاليات بأسلوب فعال لتحقيق فائدة شمولية ومتعة على مختلف الأصعدة ولشرائح المجتمع العماني كافة. ويشكل الترويج للمهرجان ترويجاً للسلطنة بشكل عام وابرازها كوجهة سياحية عالمية معروفة في المنطقة تنفرد بوجود العديد من الخصائص والمقومات السياحية. كما يحرص القائمون على إعداد برامج وفعاليات المهرجان على توفير فرص للترويج للمعالم الاجتماعية والثقافية التي تزخر بها البيئة العمانية الأصيلة بتراثها وعمرانها وكرم الضيافة والتكامل الاجتماعي وغيرها من المعاني المميزة. ومن المنابر المهمة القرية التراثية في حديقة القرم الثقافية. إن للقرية التراثية دوراً ثقافياً بارزاً في تعريف الجيل الجديد والزوار بالتراث العريق للشعب العماني ونقله من مخزون الماضي الى الذاكرة الحالية ليتم تكريسه من جيل لآخر. وتعتبر القرية احدى الأفكار الثقافية التراثية التي أثبتت نجاحها في تشجيع الحرف والفنون الشعبية التقليدية التي تميز التراث العماني، لذلك لقيت نجاحاً باهراً واستقطبت العديد من الزوار. وقد خصصت القرية التراثية لكل ولاية عمانية يوماً من ايام المهرجان لتدخل اجواء التنافس في ما بينها من ناحية عرض ما تشتهر به هذه الولايات من حرف وفنون تراثية. وبلغ عدد الولايات المشاركة هذا العام 24 ولاية من مختلف انحاء السلطنة. وتتجاور القرية العمانية مع الأسواق الحرفية لعدد من الدول الشقيقة والصديقة. وتهدف فكرة الأسواق الى التعريف بتجربة الدول المشاركة في مجال الصناعات التقليدية وتبادل الخبرات والثقافات الى جانب اتاحة الفرص للاطلاع والاستفادة من التجارب الحرفية، وهي توفر مساحة أرحب للاطلاع على ما تتميز به الدول المشاركة من صناعات تقليدية ومطورة، وتوجد نوعاً من التواصل عبر الموروثات والفنون التقليدية. مهرجان مسقط السنوي هو واحة للمعرفة والترفيه بكل منابره وفعالياته يتزامن فيه الاحساس بارتباط العمانيين بتراثهم ونهضتهم، كما أنه يعكس اعتزاز المواطن العماني بتعريف الزائر بمعالم الحضارة العمانية . ذلك النسيج الانساني يضيف الى المكان والزمان نكهة عالمية جميلة جذابة مفعمة بالحياة والحيوية تعكس نظرة المنظمين الثاقبة واستثماراً للمواهب والطاقات الابداعية الخلاقة. وتجدر الاشارة الى أن المشاركة الخليجية والعربية والدولية في فعاليات المهرجان تزداد باستمرار. كما تقدم الفنادق وشرطة عمان السلطانية والطيران العماني ومختلف الهيئات والمؤسسات الكثير من التسهيلات للزائرين والسياح. ويعتقد رئيس بلدية مسقط المهندس سلطان بن حمود الحارثي ان المهرجان هو منبر حيوي تلتقي فيه الأذواق وتتناغم لما يحتوي عليه من شرائح حيوية تغذي الاحساس وتنعش الذهن يقول:"تستمتع مسقط بطابع خاص ومميز لما تزخر به من مقومات طبيعية تاريخية وتراثية وعمرانية وسياحية وخدمية، ولما تشهده من تطور متواصل على نحو جعل منها ليس واجهة مدنية عصرية فقط وإنما أيضاً منطلقاً حضارياً وسياحياً تتبدى في حلة زاهية الألوان مازجة بين عبق الأصالة وتألق المعاصرة مع الاحتفاظ بالهوية العمانية. وهذا يلقي بمسؤولية ضخمة على عاتق بلديتها التي أثبتت أنها جديرة بحمل شرف أمانة أن تظل مسقط منفردة بين نظيراتها العربية والعالمية بلمسة جمال عمانية عطرة عامرة عبر العصور". ومما تجدر الاشارة اليه أن جهود بلدية مسقط في رعاية المهرجان وإنجاحه تتكامل بالتعاون الوطيد والتوافق المنتظم مع أجهزة الدولة الأخرى مثل شرطة عمان السلطانية والوزارات المختلفة. ويتجلى هذا التعاون بنشاط مميز مع وزارة الاعلام عبر تغطية تلفزيونية مستمرة ونشاط منتظم وفعال من قبل المديرية العامة للاعلام في الوزارة حيث أن المدير العام للاعلام علي بن محمد زعبنوت هو أيضاً رئيس اللجنة الاعلامية للمهرجان. نشر في العدد: 16789 ت.م: 23-03-2009 ص: 26 ط: الرياض