عانت القمم العربية على مدى السنوات الماضية من خفض التمثيل والامتناع عن الحضور، وكانت هذه المشكلة على الدوام مؤشراً الى حال العلاقات العربية - العربية، مثلما حدث في قمة دمشق. اليوم اضاف العرب عنصراً جديداً لتبرير الخفض والغياب والتوتر، وهو دعوة ضيف لا يرغب حضوره بعض الدول. ويبدو ان قمة الدوحة ستلقى مصير قمة دمشق، بسبب احتمال دعوة الرئيس الإيراني لحضورها. ليس في ميثاق الجامعة العربية مادة تسمح للدولة المضيفة بدعوة من تريد، وليس فيه ايضاً نص يمنع هذا الاجراء، وما تم حتى الآن يستند الى قانون"قال من أمرك، قال من نهاك"، اضافة الى سوابق تم البناء عليها، وهي في الماضي تمت في اطار المصلحة العربية. لكنها اليوم تحولت الى مشكلة تهدد بانهيار هذه المصلحة. وربما اصبح العرب بحاجة الى وضع نظام لضبط هذه القضية، وربطها بمبدأ الاجماع. فلا يجوز دعوة ضيف حتى لو اعترضت عليه دولة واحدة، ناهيك عن اربع دول. وهي خطوة باتت ضرورية اليوم، في ظل ارتباط بعض الدول العربية بعلاقات لا تراعي المصالح العربية العليا. قطر كانت دعت أحمدي نجاد لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي الثامنة والعشرين، ورحب اهل الخليج بهذه الدعوة على اعتبار انها تعني اعترافاً ايرانياً بمجلس التعاون، وهي خطوة طال انتظارها، وتشكل مدخلاً مهماً لبدء حوار مع الجارة الاسلامية. لكن الذي حدث ان نجاد خاطب القمة بلغة متعالية وتجاهل الدور الايراني في ازمات المنطقة، وأكد عدم اعترافه بمجلس التعاون حين تحدث عن إيجاد إطار للتعاون بين"دول الخليج السبع". وهو يقصد دول مجلس التعاون الست إضافة الى إيران، من دون ان يذكر اسم المجلس، فضلاً عن انه تعمّد خلال خطابه ذكر اسم الخليج"الفارسي"مرات عديدة، وطالب اهل الخليج بالجلوس تحت المظلة الايرانية. اليوم يجري الحديث عن دعوة الرئيس الايراني لحضور قمة الدوحة نهاية الشهر، في ظل تجاوزات ايرانية على مصر والبحرين، فضلاً عن استمرار احتلال الجزر الاماراتية. وهذه الدعوة، ان تمت، سوف تسهم في تأزيم العلاقات العربية - العربية، فضلاً عن ان احمدي نجاد سيستغل منبر القمة لمعاودة طرح الشعارات التي رددتها طهران وحلفاؤها في العالم العربي خلال الحرب على غزة. واذا قبل العرب دعوة احمدي نجاد، فما الذي يمنعهم مستقبلاً من دعوة رئيس وزراء اسرائيل، واعطائه منبر القمة ليتحدث عن الامن وحق العودة. والحل هو ان يواجه العرب هذه الدعوة برفض جماعي، فالقمم العربية ينبغي ان لا تتحول الى ديوانية يدخلها من هب ودب. نشر في العدد: 16782 ت.م: 16-03-2009 ص: 5 ط: الرياض