تزامناً مع إحيائها الذكرى الثلاثين للثورة الإسلامية، أعلنت طهران أمس، أنها وضعت بنجاح في المدار أول قمر اصطناعي صنعه علماؤها بالكامل، في تطور أجمعت الدول الغربية خصوصاً الولاياتالمتحدة على اعتباره"مقلقاً"، لارتباطه بتكنولوجيا الصواريخ الباليستية والقدرة على تحميلها رؤوساً نووية. في الوقت ذاته، أعلنت الخارجية الأميركية ان فريقاً نسائياً أميركياً لكرة الريشة بادمنتون، سيتوجه الى إيران للمشاركة في"دورة الفجر لكرة الريشة"التي تُنظم في طهران من الخامس الى الثامن من الشهر الجاري. وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية بأن"طهران وضعت بنجاح قمرها الاصطناعي الذي يحمل اسم"اميد"أي الأمل، في المدار المخصص له"، موضحة ان القمر أطلق ليل الاثنين بواسطة صاروخ"سفير 2". وزادت ان القمر"صُنع بكامله في إيران، وهو من النوع الخفيف ومُخصص للاتصال بمحطة أرضية لإجراء قياسات مدارية". وأكدت الوكالة ان"كل قطع سفير 2 واميد أنجزها علماء إيرانيون"، مشيرة الى ان"القمر يكمل 15 دورة حول الأرض خلال 24 ساعة، ويُراقب مرتين عبر المحطة الأرضية في كل دورة". وللقمر موجتا تردد إذاعي وثماني هوائيات لتسلم المعلومات وإرسالها. وأفاد التلفزيون الإيراني الذي بث صوراً لعملية الإطلاق، بأن القمر وُضع على مدار يتراوح ارتفاعه بين 250 و400 كيلومتر. وعرض التلفزيون لقطات ظهر فيها الرئيس محمود احمدي نجاد يصدر الأمر بإطلاق الصاروخ، فيما أفادت وكالة أنباء"فارس"بأن أول مهمة للقمر تمثلت في بث"رسالة سلام وصداقة"مسجلة من نجاد قال فيها:"ايها الشعب الإيراني العزيز، أبناؤكم أرسلوا أول قمر اصطناعي من صنعهم وُضع في مدار الأرض باسم الله والامام الثاني عشر"، واضاف ان"الوجود الرسمي لايران في الفضاء سُجل في التاريخ من أجل تعزيز الإيمان بالله والعدالة والسلام". وبذلك، تكون إيران الدولة الثانية في المنطقة بعد إسرائيل، التي تمتلك قدرة على إطلاق أقمار اصطناعية. وكانت إيران أطلقت عام 2005 أول قمر اصطناعي في مدار حول الأرض هو"سينا 1"، لكنه أطلق بواسطة صاروخ روسي في مشروع مشترك مع موسكو. وأعلنت طهران نهاية تشرين الثاني نوفمبر الماضي، أنها أطلقت بنجاح صاروخها الفضائي الثاني"كاوشكر 2"وتمكنت من استعادة مسبار كان يحمله. ويبدو ان الصاروخين مشتقان من الصاروخ الباليستي"شهاب 3"الذي يبلغ مداه نحو ألفي كيلومتر، ويمكنه ان يطاول إسرائيل وجنوب شرقي أوروبا. وقال رئيس"هيئة الفضاء الإيرانية"رضا تاقيبور ان بلاده تخطط لوضع عدد من الأقمار في المدار بحلول العام 2010، بهدف تحسين برامج إدارة الكوارث الطبيعية وشبكة الاتصالات في البلاد. وكانت طهران أعلنت العام 2005 انها خصصت 500 مليون دولار لمشاريع فضائية تنفذ خلال خمس سنوات. وأشارت محطة"برس تي في"الإيرانية إلى ان طهران تخطط ايضاً لإرسال أول رائد الى الفضاء بحلول العام 2021. في أديس أبابا، حيث شارك في قمة الاتحاد الأفريقي، قال وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي ان"تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية الإيرانية هي لأغراض سلمية تماماً ولتغطية احتياجات البلاد". لكن الرئيس السابق لوكالة الفضاء الإسرائيلية اسحق بن إسرائيل، اعتبر ان الإيرانيين"اذا تمكنوا من إطلاق قمر اصطناعي الى الفضاء، فهذا يعني ان بإمكانهم أيضاً الوصول الى غرب أوروبا". وأبدى البيت الابيض قلقه الشديد من القمر الايراني، وقال الناطق باسمه روبرت غيبس ان"هذا العمل لا يقنعنا بان ايران تتصرف بطريقة مسؤولة لإحلال الإستقرار والأمن في المنطقة". واعتبر ان"كل هذا يؤكد على ان ادارتنا ستستخدم كافة عناصر قوتنا القومية للتعامل مع إيران ولمساعدتها على ان تصبح عضوا مسؤولا في المجتمع الدولي". وتابع ان"جهود تطوير قدرات لاطلاق الصواريخ والجهود لمواصلة العمل على برنامج نووي سري والتهديدات التي تطلقها ايران ضد اسرائيل ورعايتها للإرهاب كلها عوامل تتسبب بالقلق البالغ لهذه الادارة". واعتبر الناطق باسم الخارجية الأميركية روبرت وود ان عملية الإطلاق"يمكن ان تؤدي الى تطوير صاروخ باليستي"، مُذكّراً بأن قرار مجلس الأمن الرقم 1718 يُحظر على إيران كل نشاط يرتبط بإنتاج صواريخ. وأضاف:"ذلك يشكل بالنسبة إلينا مصدر قلق شديد". وفي باريس، قال اريك شوفالييه الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية ان"إطلاق القمر الإيراني يثير قلقنا"، مشيراً الى ان"هذه التكنولوجيا مشابهة جداً للقدرات الباليستية". وزاد:"لا يسعنا سوى ان نربط ذلك بالمخاوف الشديدة من تطوير إيران قدرة عسكرية نووية". وقال وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية بيل راميل:"هذا الاختبار يظهر قلقنا الشديد حيال نيات إيران". وفي بروكسيل، قال مسؤول عسكري في حلف شمال الاطلسي"اذا تأكد اطلاق القمر الايراني، فإنه يعني ان صواريخهم قادرة على الانطلاق الى مسافة ما بين 2000 و 3000 كلم، وان مداها يصل الى اجزاء من اوروبا واسرائيل". واشار الى ان الحلف طور نظاما لحماية حلفاء مثل بلغاريا واليونان ورومانيا وتركيا من مثل هذا الاحتمال. من جهته، قال وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك امس ان اي محادثات مستقبلية تجريها الولاياتالمتحدة مع ايران حول برنامجها النووي، يجب ان تكون محددة من حيث الوقت وان لا تستبعد الخيار العسكري. واضاف في كلمة في هرتسيليا:"علينا ان نتوصل الى تفاهم استراتيجي مع الولاياتالمتحدة حول جوهر البرنامج النووي الايراني وان نضمن انه حتى ولو اختاروا الطريق الديبلوماسي لوقف البرنامج، فإن المحادثات يجب ان تكون محددة بفترة قصيرة وبعدها عقوبات صارمة ثم استعداد للتحرك". وزاد:"وقت محدود. عقوبات قاسية. والخيارات كافة على الطاولة". نشر في العدد: 16742 ت.م: 04-02-2009 ص: الأولى ط: الرياض