لا يقل تعلّق الاولاد بجدّيهم اهمية، عن تعلقهم بوالديهم، بل قد يفوقه، في الكثير من الأحيان، نظراً الى الامتيازات التي يتمتع بها هؤلاء الأولاد عند كبار السن الذين غالباً ما يواجهون تهماً بتدليل الأطفال وإفساد اخلاقهم. فالانضباط والقوانين الصارمة التي يعتادها بعض الأطفال من عائلاتهم، تتحول الى انفلات مباح بوجود الجدين أو أحدهما اللذين لا يسمحان للآباء والأمهات بتأنيب أولادهم أو معاقبتهم مهما كانت طبيعة الأخطاء التي ارتكبوها. ويعتبر بيت الجد أو الجدة في العراق بديلاً ناجحاً لحضانة الأطفال في الظروف الخاصة، اذ تلجأ الكثير من الأمهات الى ترك اطفالهن في بيت الأهل ضماناً لسلامتهم عند الخروج الى العمل أو الدراسة لاسيما في الظروف الأمنية الصعبة التي يرزح العراقيون تحت وزرها، إلاّ أن ذلك لا ينفي تذمر بعضهن من تربية الأجداد لأبنائهن. زينة موظفة في شركة، واحدة من الأمهات اللواتي ينظرن الى تربية الأجداد للأطفال على انها واحدة من اسباب إفساد الأجيال وتفضل ان ينشأ اولادها وفق المبادئ التي تحددها وزوجها. وتعتبر ان تدخّل والدة زوجها في تربية ابنها الوحيد ديار، تسبب في افساده وتعليمه الفاظاً بذيئة، اذ انها علّمته كيف يبصق على من يغضبه من الأطفال معتقدة ان هذا الأمر يدخل ضمن اطار المزاح لكن الصغير اتخذها عادة سيئة وبدأ يبصق على كل من يراه حتى على والديه. وتؤكد الأم"المستاءة"من تدليل ام زوجها طفلها الوحيد:"لم اكن اريد له ان يتربى بهذه الطريقة واضطررت الى الخروج من بيت عائلة زوجي للسكن في منزل مستقل كي اسيطر على العادات السيئة التي اكتسبها طفلي من اجداده". وتروي امل كاظم واقعة مختلفة عن تربية الأجداد وتقول:"انهم يميلون الى تربية الأولاد وفق رؤيتهم للحياة". وتقول امل انها انجبت طفلها الثالث محمد بعد مرور سنة واحدة على ولادة ابنتها اسراء وتؤكد ان هذا الخطأ الذي ارتكبته في الإنجاب السريع تسبّب في صدمة نفسية للصغيرة اسراء التي كانت تغتاظ عندما ترى والدتها وهي تحتضن شقيقها الصغير وتقوم بإرضاعه. وتؤكد امل ان ابنتها كانت تبكي وترتمي في احضان جدتها عندما تشاهد هذا المنظر حتى بدأت تبتعد شيئاً فشيئاً عن والدتها وتجد في جدتها لأبيها الملاذ الآمن، وعلى رغم بلوغ اسراء التاسعة من العمر مازالت تبتعد عن والدتها وتتعلق بجدتها بجنون. وتقول امل ان طباع طفلتها التي تربت بين احضان الجدة تختلف كثيراً عن طباع بقية اشقائها فهي اكثر هدوءاً منهم ولا تطلب الكثير من المقتنيات مثلما يطلبون، لكنّها من جانب آخر تعاني من الانعزال ولا تختلط بالأطفال كثيراً في المدرسة وتفضل اللعب مع اشقائها. ويجد استاذ علم النفس في جامعة بغداد، هاني سالم، ان تربية الأطفال على يدّ الجدّين تحمل في طيّاتها بعض المساوئ على رغم ايجابياتها، فغالبية الأطفال يعانون من صعوبة الاختلاط مع اقرانهم ويميلون الى التعامل مع الكبار، فضلاً عن ان تدخل الجد والجدة في تربية الأولاد يسهم في تشتيت الأطفال وصعوبة تأقلمهم مع نظام محدد في التربية، ويُسهم في ترسيخ تقاليد الكبار في نفسياتهم. نشر في العدد: 16764 ت.م: 26-02-2009 ص: 22 ط: الرياض