فوجئ نائل علي، الأربعيني الذي عاد قبل أيام إلى بغداد قادماً من دبي بعد أن أقدم على تصفية أعماله هناك بسبب الأزمة الاقتصادية، بهذا الكم الهائل من المطاعم التي افتتحت في العاصمة حيث كانت الأحياء تحت سيطرة المتشددين لفترة طويلة. فالمطاعم، التي تحوّل بعضها إلى مخازن لأسلحة الجماعات المسلحة وهجر الأهالي بعضها الآخر بسبب الظروف الأمنية السيئة في المناطق الساخنة من بغداد، عادت لتفتح أبوابها مجدداً أمام زبائنها حتى أوقات متأخرة من الليل. ولم يعد من الغريب أن يرى الزائر مطاعم أحياء الكرادة والزوية والسعدون وهي تفتح أبوابها لما بعد العاشرة ليلاً بعدما أغلقت غالبيتها أبوابها أمام مرتاديها لأكثر من سنتين واقتصر عمل أخرى على أربع أو خمس ساعات يومياً. ويقول نائل، الذي كان يعيش في حي المنصور قبل مغادرته العراق ل"الحياة"إن"غالبية مطاعم الحي كانت أغلقت ابوابها بعدما تحولت شوارعها الى مناطق يسيطر عليها المسلحون، لكن الأهالي عادوا الآن إلى ممارسة حياتهم في شكل طبيعي وامضاء أوقات خاصة في مطاعم بغداد مثلما اعتادوا سابقاً". ويؤكد أنه أراد استرجاع الماضي من خلال جلسات شبه يومية يمضيها مع عائلته وأصدقائه في عدد من مطاعم بغداد، متنقلاً بين الكرادة والسعدون والمنصور والحارثية وغيرها من المناطق. ويعترف أصحاب المطاعم بارتفاع الاقبال على مطاعمهم أضعافاً خلال الشهور الأربعة الماضية بعد تحسن الأوضاع الأمنية وتقليص ساعات حظر التجول ليلاً ورفع الحواجز الكونكريتية، ما شجع على افتتاح مطاعم جديدة. يقول سامي الجوراني صاحب مطعم"ليالي زيونة"في حي المسبح الراقي وسط بغداد إنه"أغلق مطعمه الذي كان يملكه في منطقة المسبح بعد اغلاق الشارع في شكل كامل قبل ثلاث سنوات، لكنه عاد لافتتاحه مجدداً اثر عودة الحياة الى شارع المسبح ورفع الحواجز الكونكريتية عنه". ويؤكد سامي، الذي اعاد افتتاح مطعمه بهيئة جديدة وبخدمات أفضل، أن تحسن الأوضاع فتح باب التنافس بين المطاعم لاستقطاب الزبائن القدامى وكسب زبائن جدد، ولا سيما أن المطاعم تمثل منفذاً ترفيهياً مهماً للعائلات العراقية عموماً والبغدادية خصوصاً. وتكتظ غالبية المطاعم بالعائلات الصغيرة وطلاب الجامعات الذين غالباً ما يستثمرون قرار تقليص الدوام في جامعاتهم، لامضاء بعض الوقت داخل المطاعم وتذوق أكلاتها السريعة. تقول رجاء خليل 21 عاماً إنها تشارك زميلاتها في جولات أسبوعية يقمن خلالها بزيارة أحد المطاعم وتذوق الوجبات السريعة فيه. وتضيف:"غالباً ما نقارن بين الخدمات وطبيعة الطعام الذي تقدمه المطاعم، ثم نقوم بزيارات متكررة للمطعم الذي تعجبنا أصنافه". وتؤكد أن شقيقتها هدى تقوم بجولات مماثلة مع صديقاتها في العمل لتذوق صنف جديد من الطعام بعيداً عن أكلات البيت التقليدية.