هل بات قدر المغنية المخضرمة سلوى القطريب أن تحضر في بعض المناسبات الاجتماعية أو بعض المقابلات التلفزيونية لتعود بعد ذلك الى الاختفاء في منزلها بعيداً من الأغاني والعمل والتسجيل والانتاج؟ وهل يحتمل صوتها الذي أحتل مساحة عريضة من المسرح الغنائي والمهرجانات في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، أن يستقيل من مهماته الفنية التي كانت كبيرة في تلك المرحلة الى حد أنه فرض نفسه رقماً صعباً، وجدياً بين أصوات نجوم كبار كانوا يملأون الدنيا... اللبنانية والعربية ويشغلون الناس فيها، خصوصاً في الاستعراضات الغنائية الراقصة التي كان يتولاها إعداداً وتلحيناً وإشرافاً الفنان روميو لحود؟ وهل هذا الثنائي"القديم": لحود - القطريب بات مستحيلاً عليه الرجوع الى مكانه أو الى مكان جديد في الذاكرة اللبنانية المعاصرة، بعد انقطاع الانتاج عنه، والصعوبات المالية التي قد تحكم أي عودة؟ أسئلة كثيرة تتسلل الى عين المراقب ومنها الى عالم الغناء والمسرح اليوم في لبنان، لتبقى من دون أجوبة شافية. وإذا كانت سلوى القطريب وروميو لحود، كلّ حيث هو، يعيدان المسألة الى نقطة الصفر، أي الى وقوع الانتاج بين أيدي من لا يعرفون قيماً فنية راسخة، ويرون الأمور من زوايا استهلاكية، فإن في المقابل هناك من يلفت النظر الى أن المهرجانات الفنية الكبيرة التي تقام في الصيف اللبناني من بعلبك الى جبيل الى بيت الدين ولا نذكر مهرجانات أخرى قد تكون أقل زخماً تتبنى في الأغلب الأعم انتاجاً راقياً يستقطب كباراً من لبنان والعالم العربي والخارج الغربي، فلماذا لا تكون لروميو لحود وسلوى القطريب حصة منها؟! وإذا كان"عنفوان"الفنان يمنع عليه أن يعرض نفسه على هذه اللجنة أو تلك من المشرفين على المهرجانات، خصوصاً حين يكون ذا تاريخ معروف، فهل"عنفوان"بعض لجان المهرجانات أيضاً يمنع عليها أن تعرض نفسها على فنان، مع أن أغلب المهرجانات هذه تبادر لجانها المشرفة الى الاتصال بالفنانين، تحديداً الكبار، لجس نبضهم في موضوع أعمال جديدة؟ لا شك في أن هناك"قطبة مخفية"في علاقة روميو لحود وسلوى القطريب بالمهرجانات اللبنانية المعروفة، لا سيما وأن لحود نفسه كان مشرفاً بل كان مقرراً أساسياً في لجنة مهرجانات جبيل السياحية كونه ابن عمشيت الجبيلية، وقبل بضع سنوات قليلة حصل خلاف بينه وبين بعض أعضاء اللجنة المباشَرين، فاستقال من موقعه فيها، ومن يومها الى الآن"ضاع"اسم روميو لحود من مفكرة الأعمال الفنية المسرحية، وحتى الغنائية، مع أن اسم سلوى القطريب كان"ضاع"قبل ذلك بسنوات واكتفت صاحبته بالتفرج على ما يجري من بعيد، وفي قلبها حسرة الصوت الذي لا يزال فتياً وجميلاً وصادحاً وحسرة المغنية التي"قُطفت"قبل أوانها بكثير. في مناسبتي عيد الميلاد وعيد رأس السنة عرضت بعض المحطات التلفزيونية شريطاً تلفزيونياً غنائياً خاصاً بالمناسبتين، كانت بطلته تمثيلاً وغناءً المغنية سلوى القطريب، بمواقف تمثيلية وبأغان موجهة الى الأطفال، فكانت محطة طيبة لاستذكار هذا الصوت القدير وذلك الحضور اللطيف لسيدة تحمل طبع النبيلات. لكن ما آلم النفس، والأذن، والعقل معاً أن الأغاني والألحان مسجلة بطريقة شبه بدائية. ولا كلام إضافياً!