لم استغرب وأنا أراقب مجريات إعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات النتيجة التي خرجت بها وما آلت اليها مجريات الأحداث فعلى رغم الحملات الإعلامية الضخمة لبعض الأحزاب ودعاياتها التي أصبحت تلاحقنا حتى في بيوتنا، إلا ان المعطيات الحقيقية البعيدة عن أوهام الفاشلين وهوامات الحالمين، أشارت الى ان الانتخابات أفرزت واقعاً جديداً متمثلا بقوى وكيانات وشخصيات ستعمل على تغيير الخريطة السياسية لمحافظات العراق. الا ان ما أدهشني فعلاً وأثار استغرابي هو عدم اعتراف بعضهم بالنتيجة ومغالطتهم لها وهروبهم من مواجهة المشكلة الحقيقية التي أدت الى عدم حصولهم على ما كانوا يتوقعونه، وهؤلاء السياسيون والأحزاب الذين راهنوا على قوائمهم هم صنفان: الأول: امتلك تصوراً خاطئاً عن نفسه وإمكاناته. والثاني: قرأ الجمهور والواقع بصورة بعيدة عن الحقيقة. فالنتائج والآراء التي تتشكل عند الصنف الأول والثاني لا تقوم على الموضوعية والحياد وانما ترتبط الى حد كبير بمواقف سياسية تؤثر في النتائج التي يقررها ويتوصل اليها هؤلاء. فتحليل أي موقف أو منظور سياسي يُطرح من قبلهم يجب ان يقوم على التمييز الحاسم بين النزعة الإيديولوجية التي ينطوي عليها هذا الموقف عن وعي او عن لا وعي وبين النظرية والأسلوب. وقد أثبتت نتائج الانتخابات ان هذه الأحزاب على جانب كبير من الخطأ في تقديرها لشعبيتها وتصورها للنتيجة التي ستخرج بها ولذلك فهم في هذه النتيجة منهزمة بسبب سوء التقدير. يقول المفكر اللبناني علي حرب في كتابه"الممنوع والممتنع"."ليست الهزيمة أن يندحر جيش أو يسقط نظام بل الهزيمة ان لا يصدق المرء انه هُزم أو انه لا يدري كيف هُزم ولم هُزم... الهزيمة ان تتوالى على السياسي النكبات والنكسات ويبقى متمسكاً بموقفه متشبثاً بقناعاته وشعاراته... الهزيمة ان يعود الواحد القهقرى من دون ان يدفعه ذلك الى مراجعة مسلماته أو تغيير طريقة تفكيره أو تبديل نهجه في التعاطي مع الذات أو الغير... تلك هي هزيمة الهزيمة...". وهذه هي الجبهة الثانية التي هُزموا فيها! فالمشكلة عند بعض الاحزاب انها تعاني من عقدة هزيمة الهزيمة التي تجعلها لا تحسن قراءة الاحداث واستبصار الوقائع ولا يجيد التعاطي معها، وبالتالي يكون تحليلها أحادي الجانب بعيداً عن الواقع، ولكنها لا تعترف بذلك فتنهزم مرة ثانية. مهند حبيب السماوي