صدرت حديثاً الأعمال الشعرية للشاعر الفلسطيني محمد حلمي الريشة، عن"وزارة الثقافة - بيت الشعر الفلسطيني"في رام الله. في ثلاثة مجلدات، واحتوت على اثنتي عشرة مجموعة شعرية، كانت صدرت خلال الأعوام 1980 - 2007 وهي: الخيل والأنثى، حالات في اتساع الرّوح، الوميض الأخير بعد التقاط الصّورة، أنت وأنا والأبيض سيئ الذكر. ثلاثيّة القلق، لظلالها الأشجار ترفع شمسها، كلام مرايا على شرفتين، كتاب المنادى، خلف قميص نافر، هاويات مخصّبة، أطلس الغبار، معجم بك، ما عداً مجموعته الشعرية الأخيرة"كأعمى تقودني قصبة النأي"التي صدرت العام الماضي. على الغلاف الأخير، يكتب الشاعر محمد بنيس:"محمّد حلمي الريشة شاعر يدعونا لقراءته والمشي جنباً إلى جنب معه في هذه الأعمال الشعريّة. يدعونا لأنّه قرّر، أخيراً، أن يجمع هذه الأعمال بعناية الشّاعر الّذي جعل الشعر مسكنه الأوّل. كذلك علّمته فلسطين أن يخرج إلى القصيدة بفرح الطّفولة القادمة فيه. كأنّما القصيدة كانت منذ البدء وجدت لكي لا تترك دم الأيّام الفلسطينيّة في شوارع النسيان، وكأنّما الجسد يتعرّف على إقامته في العراء ببصيرة مسافر تحت سماء لا تراه. وفي قراءتنا لشعر محمّد حلمي الريشة نتوقّف قليلاً، نأخذ النّفس ونحن نتبع أثر حياة شاعر فلسطينيّ هاجر من خارجه إلى داخله، واضعًا في مقدّمة الكلمات طرق العذاب. في الهجرة تفحّص جغرافيّة الأرض، وفي الهجرة التقى بوجوهه عبر لغة غاوية حينًا، ولغة تبحث عن ذاتها حينًا آخر. وهو، من لغة إلى لغة، ومن وجوه إلى وجوه، يعيد تشكيل جغرافيّة الأرض، حتّى لا تضيع الأرض من بين يديه. هي أرض لجسد، وأرض لنشيد جماعيّ أتقن كتابته شعراء توحّدوا في أثر من"بلاد لا بلاد"فيها، حسب عبارة الشّاعر. غربة الرّوح ليست ما أعني، بل غربة الوجود. من خلال قصيدة محمّد حلمي الريشة تحملنا الأسئلة، شيئًا فشيئًا، إلى فضاء شعريّ لم يكن بإمكان القارئ، خارج فلسطين، أن يلمس عن قرب حيويّته ذات الامتداد في الحركة الشعريّة العربيّة والعالميّة. وهو، في هذه الأعمال، يرى قصيدةً تغادر الأسوار في طريقة كتابتها، وفي تجديد دمها. شعر لمن يقوى هو الآخر على السّفر، لأنّ قصيدة محمّد حلمي الريشة تعد بما لا ندري، تأمر بالنّظر إلى شاعر يحفر مجراه الشّخصيّ، ضمن عائلة شعريّة فلسطينيّة، في مسار تحديثيّ لن يخضع للكتمان الآن وبعد الآن." أما مقدمة الأعمال الشعرية، فكتبتها الشاعرة والناقدة سمر محفوض. نشر في العدد: 16739 ت.م: 01-02-2009 ص: 32 ط: الرياض