مشهد الأشجار المضاءة واحتفالات الميلاد واضح في مدينة عنكاوا، قرب أربيل، فيما تبدو الصورة معكوسة تماماً في أوساط المسيحيين في كركوك. ويحتفل أهالي عنكاوا بأعياد الميلاد ورأس السنة كتقليد متوارث منذ أجيال، حيث تزين شوارع وساحات المدينة وأزقتها، فضلاً عن المنازل. والاحتفالات لا تقتصر على أهل المدينة التي يقصدها أوقات الميلاد عراقيون من أديان مختلفة. قبل أيام نظم عدد من رياض الأطفال في عنكاوا تحتضن أطفالاً مسيحيين ومسلمين كرنفالاً حضره محافظ أربيل نوزاد هادي ومسؤولون محليون فيها وشارك فيه نحو الف طفل وطفلة. وسار موكب الكرنفال في الشوارع، تتقدمه فرق الكشافة المنظمة وهي تعزف ألحان العيد. وتبعد مدينة عنكاوا نحو أربعة كيلومترات شمال أربيل، ويسكنها أكثر من 22 الف نسمة غالبيتهم مسيحيون، وتضم موقعاً تاريخياً مهماً يدعى"قصراً"اي القصر يعتقد أنه كان لأحد ملوك السلالات القديمة وقد اكتشفت في بعثة اثارية حكومية قبل شهور مومياء محنطة تعود الى عصر سلالة أوروك. ونتيجة لأحداث العنف التي ضربت العراق بعد عام 2003، وحملات استهداف المسيحيين في بغداد والموصل وكركوك، وفدت آلاف العائلات المسيحية والمسلمة الى عنكاوا وأقامت فيها منذ ذاك الحين. لكن أجواء الميلاد في هذه المدينة غيرها بين مسيحيي كركوك بسبب استمرار التهديدات الأمنية. ويخشى متي عزيز 44 عاماً ان تكون الطائفة المسيحية ضحية مرة أخرى للخلافات السياسية في المدينة. ويضيف:"كثيراً ما وعدت الحكومة والقيادات الأمنية بحماية المسيحيين ولم نشهد سوى المزيد من الدماء البريئة التي تراق في أحيائهم او في كنائسهم حيث لا تزال الخلافات السياسية سبباً رئيساً في التردي الأمني". ولا تبدو مظاهر الميلاد واضحة في كركوك التي تتنازعها أطراف مختلفة. وفيما تؤكد سلمى سعد انها مضطرة الى السفر تلبية لدعوة أقاربها للاحتفال بأعياد الميلاد في محافظة أربيل لكنها تعتقد ان امنيتها تحققت بعد ان تمكنت من"تأمين سفر ابنها للإقامة عند شقيقه في السويد". وكانت سلسلة هجمات استهدفت الطائفة المسيحية في محافظتي كركوك والموصل أجبرت عدداً من الأسر على اللجوء الى مناطق آمنة شمال البلاد. وعلى رغم ان استهداف المسيحيين حمل اكثر من تفسير، إلا ان أبناء الطائفة يؤكدون ان استمرار استهدافهم سببه أنهم"اقلية لا تمتلك وسائل الدفاع عن نفسها أسوة بالعرب والأكراد". ويقول الصحافي"يوسف كنا"ل"الحياة"ان"المسيحيين ضحية صراعات سياسية الهدف منها تكريس مشهد العنف والتفرقة الدينية والطائفية في البلاد".