قلة تعرف أن أغنية"مدللتي"التي غنّاها وائل كفوري أخيراً، مأخوذة من تراث المنطقة الكرديّة ? العربية بين سورية وتركيا والعراق، وتنتمي الى لون"المردللي". ولا يعرف المستمعون الذين تأخذهم نشوة الأغنية، أن المطرب الكردي السوري الراحل جان كارات غناها قبل أكثر من ثلاثين سنة، كما لا يعرفون أن ألحان أغانٍ ضاربة كثيرة، مثل أغنية"معقول"للفنان فضل شاكر، مقتبسة من اللون ذاته، ما يشير الى أن فنانين لبنانيين، يتجهون الى فنون المنطقة الكردية ? العربية، لإغناء التراث الغنائي اللبناني بموروث فني من مختلف انحاء المنطقة. "المردللي"، وهو مزيج بين الغناء العربي والكردي والتركي، يعتبره فنانون لبنانيون بمثابة ورقة رابحة تجذب الجمهور في صالات الغناء الأوروبية. وان دلّ هذا الأمر على شيء، فإنه يؤكد أن الجاليات الكردية في ألمانيا وبلجيكا، تواقة لسماع هذه الأغنيات. ويؤكد الفنان أيمن زبيب الذي يؤدي"مدللتي"في غالبية حفلاته الأوروبية أن هذه الأغنية مطلوبة، تماماً مثل بقية الأغنيات التي تنتمي ألحانها الى هذا اللون. لكن، هل يجيد الفنانون اللبنانيون أداء"المردللي"؟ مفردات غير متداولة لا شك في أن كلام الأغنيات"المردلليّة"هو شعر عربي، غير أنه يختلف مع اللغة الكردية بمخارج حروفه وقواعد نطقه، وتُفهم معظم كلماته، باستثناء بعض المفردات الخاصة. أما الموسيقى المستعملة في"المردللي"، فلا تخرج من دائرة الموسيقى العربية ومقاماتها. غير أن خصوصية"المردللي"، تكمن في العزف على بعض الآلات مثل البزق و"الزرنايه"أو المزمار. ويؤكد نجم المردللي يوسف رمضان المعروف ب"الشاب يوسف"أن من سمع أغنية"مدللتي"من فنانها الأصلي جان كارات، لا يرضيه أداء الفنان وائل كفوري، على رغم نجاح الأغنية والرواج الذي حققته بعد أيام قليلة من صدورها. ويقول:"لا يجيد كفوري لفظ الكلمات كما ينبغي، كما أن الأغنية فقدت في توزيعها الجديد، الروح المردللية"، معتبراً أنه"كان من الممكن ان يتدرب كفوري على أداء الأغنية الأصلية بشكل افضل، ويتقن تأديتها بشكل يتناسب مع طبيعة هذا اللون". وعن النجاح الذي حققته بغناء كفوري لها، استطرد يضيف رمضان:"انها خطوة جيدة أن يغني فنان بحجم وائل كفوري هذا اللون، كونه يساهم في تعريف الناس الى المردللي ويزيد انتشارها". وفي سياق متصل، يعتبر زبيب الذي يغني"مدللتي"وأغانيَ أخرى في الحفلات، أن لون"المردللي"ليس مطلوباً كثيراً في لبنان، وأنه غير محبّذ في الحفلات اللبنانية، مؤكداً أن غناءه هذا اللون"جعله مرغوباً من قبل الجمهور وقريباً من الأذن". لا لوسطية المشاعر ويجمع الملحنون على أن"المردللي"من أجمل أنواع الفنون، حيث إنه لا يتبنى الوسطية الفنية. فأغنياته الحزينة، تعبر بصدق عن الحزن، أمَّا أغانيه المفرحة، فتنشئ جواً كاملاً من الفرح، من خلال تحفيزها الجمهور على الرقص الشعبي ورقص الدبكة الكردية، كما تعبّر تلك الأغنية عن حالة من كتبها ولحنها وغناها، امثال النجمين الكبيرين رشيد موسى المقيم في ألمانيا وخليل رمضان. لكن انتاج هذا اللون الغنائي، يواجه صعوبات كبيرة، على رغم إقبال الجمهور عليه. وفي هذا الصدد، يقول نجم الأغنية المردللية محمد اسماعيل إن هذا اللون مستمر على رغم كل الصعوبات الانتاجية والتسويقية له، وإن جمال هذا اللون، يمنحه الاستمرارية،"اضافة الى أن سوقي الكاسيت في ألمانيا وسورية تساعدان المردللي على الاستمرار من خلال شراء ألبومات هذا اللون الغنائية". ويرى اسماعيل أن نجاح هذا اللون، كان الدافع وراء شراء الشركات الألمانية نتاج الفنانين المردللين، مؤكداً أن عدداً كبيراً من الأغاني العربية الناجحة أخذت ألحانها من المردللي، وأضيفت اليها الكلمات العربية، مثل بعض أغاني الفنانين فضل شاكر وريان ومحمد مجذوب وغيرهم. نشر في العدد: 17040 ت.م: 2009-11-29 ص: 27 ط: الرياض