في فصل البرد تكثر التهابات الطرق التنفسية العليا، وغالبيتها العظمى سببها فيروسات تستغل الفرصة لتدق أبواب هذه الطرق، وقد تمر زيارتها مرور الكرام من دون أي عارض يذكر، أو تسبب ضجة صاخبة تتمثل في الشكوى من عوارض مزعجة. وفي السطور الآتية ضوء على عدد من هذه الالتهابات: الرشح، وهو مرض شديد العدوى، تكون بدايته سريعة، ويعطي عوارض تتوالى تباعاً بعد يوم إلى يومين من عبور الفيروس الجسم، وتتمثل العوارض في احتقان وسيلان الأنف والعطاس والسعال والصداع والوجع في الحلق والحرقة البسيطة في العينين وارتفاع بسيط في الحرارة والبحة في الصوت والتعب العام. هل من اختلاطات للرشح؟ قد يحدث الرشح الاختلاطات الآتية: التهاب الجيوب الأنفية والتهاب في القصبات والرئة والتهاب الأذن الوسطى واضطرابات في السمع. ما العلاج؟ ليست هناك وصفة سحرية للرشح، ولكن المهم فيه هو تسريع الشفاء قدر المستطاع، ويقوم العلاج على: - الراحة في الفراش، وتعتبر الخطوة الأولى لأنها تساهم في التخفيف من قسوة العوارض المزعجة. - التخفيف من وطأة احتقان الأنف باستنشاق رذاذ الماء الملحي الذي يقلل من انتفاخ الأغشية المخاطية للطرق التنفسية. ويمكن أيضاً الاستعانة بمضادات الاحتقان التي تباع من دون وصفة طبية، شرط ألا يطول أخذها لأكثر من ثلاثة أيام، لأن الاستمرار فيها ينتج منه ردود فعل غير مستحبة وقد تسبب صعوبات في التنفس. كما يجب عدم الإسراف في استعمال مضادات الهستامين لأنها تسبب النعاس وقد تزيد من الانحطاط المرافق للرشح. - الغرغرة بالماء الدافئ للتخفيف من وجع الحلق. - استخدام أحد مضادات السعال الذي يمكن الحصول عليه من دون وصفة، وإذا كان السعال رطباً فمن المهم تناول شراب يحتوي على مادة تذيب المواد البلغمية. - أخذ شوط من المضادات الحيوية في حال حدوث التهاب جرثومي. الإنفلونزا الموسمية التي تتظاهر بعوارض تضم الحمى المفاجئة والسعال الجاف واحتقان الحلق والتعب والصداع وآلام العضلات وعند الأطفال يطغى التقيؤ والإسهال. وتلازم العوارض صاحبها مدة أسبوع غالباً ما تنتهي في سلام. هل من اختلاطات للإنفلونزا الموسمية؟ قد تفضي هذه الإنفلونزا إلى مضاعفات جدية خصوصاً عند بعض الفئات العمرية مثل الأطفال حديثي الولادة والحوامل وكبار السن ومرضى الداء السكري والذين يعانون من أمراض منهكة للجهاز المناعي أو أمراض أخرى مزمنة. ما العلاج؟ إن الخطوات التي ذكرناها عن الرشح تنطبق على الإنفلونزا، ولكن في الإنفلونزا الموسمية يمكن استعمال مضادات الفيروس شرط أن تعطى في اليومين الأولين من ظهور العوارض، ومثل هذه الأدوية لا تشفي من المرض ولكنها تخفف من حدة المظاهر السريرية وتقلص من مدة استيطان الداء. وتبقى أفضل طريقة للوقاية من الإنفلونزا الموسمية أخذ اللقاح الذي يؤمن حماية على مدى عام فقط لذا من الضروري تكرار أخذه كل سنة، ويحتاج اللقاح إلى فترة أسبوعين ليباشر مفعوله في الجسم. التهاب الحنجرة الحاد، وهو يحصل غالباً عقب الإصابة بالرشح، ويتظاهر بسلسلة من العوارض من بينها جفاف الحلق المؤلم والصوت الخشن أو فقدان الصوت كلياً وسعال مؤلم غير منتج والألم في الحلق عند التكلم وذمة تورُّم في الحنجرة قد تسبب انسداداً جزئياً فيها. ما هي الاختلاطات؟ تكون الاختلاطات نادرة، وإن حصلت فتتظاهر على شكل التهاب حنجرة مزمن أو امتداد الالتهاب إلى الأسفل صوب الرغامى والقصبات والرئة. يعتمد العلاج على الآتي: - الامتناع التام عن التكلم. - تناول أحد المسكنات. - استنشاق بخار الماء. - المضادات الحيوية عند الضرورة. التهاب الرغامى والقصبات الحاد، ويشيع هذا الالتهاب بعد التعرض للرشح، ويعاني المصاب في هذه الحال من السعال الجاف، وحس الانزعاج خلف عظمة الصدر، وحس الضغط في الصدر، وضيق النفس. ومع الوقت يترافق السعال مع خروج القشع المخاطي القيحي الذي يصبح مخضباً بالدم عند حدوث التهاب الرغامى. ما هي الاختلاطات؟ في العادة يشفى التهاب الرغامى والقصبات عفوياً في غضون أيام قليلة، ولكن قد ينتهي أحياناً بحصول بعض المضاعفات مثل ذات الرئة والتهاب القصبات المزمن والربو والقصور التنفسي. ما العلاج؟ الأشخاص الأصحاء نادراً ما يحتاجون العلاج، ولكن في حال تطور المرض تصبح المضادات الحيوية ضرورية وربما إعطاء مهدئات السعال الملائمة. أخيراً، إن التهابات الطرق التنفسية العليا الفيروسية تعتبر من أكثر الأمراض المعدية انتشاراً، لذا على المصاب أن يتفادى التواصل المباشر مع الآخرين، وأن يغطي فمه وأنفه بكمامة أو بمنديل ورقي، والأهم من ذلك أن لا يعطس بالفم الملآن أي بالفم المفتوح على الآخر، فهذا السلوك يساهم في إطلاق الملايين من الفيروسات في الجو المحيط لتتناثر في الاتجاهات الثلاثة.