السعال من أكثر العوارض التنفسية مشاهدة، وهو وسيلة مهمة جداً لتأمين نظافة الشجرة الرغامية القصبية من المفرزات والأجسام الغريبة التي تعلق بها. والسعال قد يكون ارادياً أو انعكاسياً، وهو ينجم عن تنبيهات التهابية، أو آلية أو كيماوية أو حرارية محرضة لمستقبلات السعال التي تتوزع على الأغشية المخاطية للمجاري التنفسية. وتنشأ التنبيهات الالتهابية نتيجة اصابات مختلفة في المجاري الهوائية كما في التهاب الحنجرة، والتهاب الرغامى، والتهاب القصبات، والتهاب القصيبات، والتهابات الرئة وخراجاتها. أما التنبيهات الآلية فتحدث إثر استنشاق جزيئات غريبة كذرات الغبار أو نتيجة الضغوطات الواقعة على مجاري الهواء. وبالنسبة الى التنبيهات الكيماوية فإنها تحصل عقب استنشاق الغازات المخرشة دخان السجائر، الأدخنة الكيماوية. وأخيراً تنجم التنبيهات الحرارية عن تنفس الهواء الشديد البرودة أو الشديد الحرارة. والسعال قد يكون حاداً أو مزمناً، منتجاً للقشع المفرزات أولاً، وفحص هذا الأخير قد يوجه نحو تشخيص معين. وقد تسمح صفات السعال بتحديد الموقع التشريحي للاصابة، فالسعال النحاسي الجرس يدل الى اصابة الرغامى أو القصبات الكبيرة، والسعال النباحي يشير الى وجود آفة في مزمار الحلق. كذلك فإن توقيت السعال له أهمية، فالسعال الذي يثار بالطعام قد ينبه الى تواجد ناسور رغامي - مريئي أو فتق حجابي، والسعال الذي يزداد حدة وشدة بتبدل الوضعية ينوه الى الاصابة بالتوسع القصبي أو بخراج الرئة. أما السعال الذي يميل للوقوع ليلاً فيدل غالباً على مرض قصور القلب الاحتقاني. ان هناك حقائق كثيرة حول السعال نعرضها في ما يأتي: ان أسباب السعال متنوعة ومتشعبة إلا أن الأكثر شيوعاً هي: - الرشح والتهاب الأنف التحسسي. - التهابات الجيوب الأنفية التحسسية. - الربو القصبي. - البرد والدخان. - أمراض الرئة الالتهابية بالميكروبات. - الصمامة الرئوية. - التهاب المري بارتداد المفرزات المعدية. - قصور القلب الأيسر. - العصبية والشدة النفسية. - بعض الأدوية مثل أدوية ارتفاع الضغط الشرياني. - التدخين. -الأورام الرئوية. هناك نوعان من السعال: السعال الجاف الذي لا يترافق مع خروج مفرزات، وهذا السعال مخرش لا أهمية له وقد ينهك صاحبه. أما النوع الثاني فهو السعال الرطب، أي الذي يترافق مع خروج مفرزات، وهو سعال نافع لأنه يعمل على طرد القشع وتحرير الطرق الهوائية. أيضاً يصنف السعال بحسب فترة الاقامة عند المريض، فهناك السعال الحاد الذي يحل ضيفاً على صاحبه لأيام، أو لمدة أسبوعين الى ثلاثة على الأكثر. وهناك السعال المزمن الذي يستوطن عند المصاب لفترة تتجاوز 3 أسابيع وما فوق. ان السعال الصباحي الذي يحدث عند بعض الناس هو عارض غير طبيعي على الاطلاق. ان الشخص الذي يسعل عند نهوضه من الفراش هو شخص يعاني من شيء ما في جهازه التنفسي، ومن يدري فقد يكون التدخين أصل البلاء! ان السعال الذي يبقى جاثماً بظله لأسبوعين أو ثلاثة من دون أن يذهب يجب مشاورة الطبيب في شأنه. السعال العنيف قد يقود الى الانهاك لا بل قد يعرض صاحبه الى كسر ضلع من ضلوعه فينتج عنه ألم يحار المريض في ايجاد تفسير له، وقد يدفع الى الظن بأنه مصاب بذات الرئة التهاب غشاء الرئة، الا ان اجراء بعض الفحوصات والتحريات من جانب الطبيب يسمح بوضع الاصبع على المشكلة. ان المتقدمين في السن خصوصاً الذين يعانون من ضعف في القلب، قد يصابون بنوبات متكررة من السعال المتلاحق ليلاً، بسب فقدان المرونة الرئوية وتكوم السوائل في فسحات الهواء الرئوية، فيعاني الشخص من صعوبة في التنفس اضافة الى هجمات متلاحقة من السعال، وخير ما يمكن عمله للتخفيف من وطأة المعاناة هو رفع رأس المصاب أو اجلاسه وفتح النوافذ للتهوية. ان بعض الأطفال الذين يدخلون المدارس حديثاً قد ينتابهم السعال ويظل ملازماً لهم كظلهم فيشقيهم وأهلهم أيضاً فيتعكر صفو المنزل. ان هذا السعال قد ينتج عن أسباب ميكروبية أو لوجود أرضية تحسسية عند الطفل. وأحياناً قد لا يمكن التعرف الى سبب واضح. يجب الانتباه الى نقطة مهمة هي السعال النباحي عند الأطفال خصوصاً الذين هم دون الثالثة من العمر، فالسعال هنا قد يكون الناطق الرسمي لالتهاب حاد في الحنجرة والبلعوم، ويتطلب علاجه في شكل اسعافي ومن دون ابطاء، خصوصاً اذا ترافق مع تنفس صفيري وارتفاع في الحرارة. وهناك أطفال يعانون من سعال قوي ودائم يلازمهم أشهراً عدة من دون أن يكترث الأهل له ظناً منهم ان لا خطر منه، لكن هذا الظن هو في غير محله، لأن العاقبة كارثية، اذ ان الطفل يعاني مستقبلاً من توسع القصبات الذي قد ينتهي بالقصور التنفسي الذي يرافق الطفل طوال حياته. ان السعال قد يحمل معه أحياناً بصاقاً مختلطاً بالدم، وظهور الدم هنا قد ينجم عن السعال الشديد، أو عن أسباب أخرى متعددة منها، الخطرة ومنها غير الخطرة، وأفضل ما يجب عمله هنا هو استشارة الطبيب لوضع التشخيص الأكيد والشروع في العلاج السريع المناسب. أخيراً نصل الى بيت القصيد علاج السعال، ان مداواة السعال يجب أن تتم، أولاً وقبل كل شيء، بالتعرف الى السبب الفعلي الذي يقف وراءه، وهناك نقاط عدة مهمة يجب أخذها في الاعتبار لدى علاج السعال: 1 - لا يجوز بأي حال من الأحوال قمع السعال المنتج للقشع، لأن تثبيط السعال هنا يقود الى تكدس المفرزات في الشجرة الرغامية - القصبية وبالتالي الى وضع عراقيل أمام التهوية الطبيعية في الرئة. يجب الاستعانة بمميعات القشع لتسهيل طرد المفرزات الى خارج الرئة. 2 - لا يجوز أخذ مميعات القشع مع مضادات السعال، فهذا الخليط غير نافع ان لم يكن ضاراً. 3 - ان وجود مضادات السعال مع أدوية أخرى قد تتأتى عنه ارتكاسات خطرة تعرض حياة صاحبها للخطر، لذلك لا يجوز الجمع بين دواءين أو أكثر من دون مشورة طبية. 4 - يجب الحذر من العقاقير المضادة للسعال التي تباع من دون وصفة طبية، فعلى ما يبدو أن فعلها هو فعل البلاسيبو العديم الفائدة، ففي دراسة قام بها باحثون من جامعة بنسلفانيا شملت مئة طفل يعانون من التهابات تنفسية، قسم منهم أخذ عقار ديكتسروميتروفان مضاد للسعال، في حين تناول الآخرون مادة البلاسيبو العديمة النفع، تبين ان آخذي البلاسيبو كانوا أفضل حالاً وأمضوا ليلتهم في شكل أحسن مقارنة مع متناولي العقار المضاد للسعلة. مسك الختام، يجب مراجعة الطبيب في الحالات الآتية: - اذا استمر السعال لمدة أكثر من أسبوع. - اذا ترافق السعال مع خروج الدم. - اذا سار السعال من سيئ الى أسوأ. - اذا ترافق السعال مع ألم أو صفير في الصدر. - اذا اشتُبه بوجود الحساسية. - اذا كان الدواء مشتبهاً في نشوئه السعال. - اذا ساءت الحال العامة.