صادف 2008 ذكرى قرن على ولادة سيمون دو بوفوار، رائدة الحركة النسوية وصاحبة كتاب"الجنس الآخر". ويبدو أن دوبوفوار نفسها لم تكن في منأى من التنازع بين أدوار المرأة التقليدية وأدوارها الحديثة. واستوقف جاك بيار- أميت في"لو بوان"الفرنسية أن دو بوفوار"تخلت عن مواقفها الشخصية، وتبنت مواقف رجلها، وانقلبت، هي داعية الاستقلال بالنفس وبالرأي، الى السيدة سارتر... فجان بول سارتر ألقى بظله على المناضلة النسوية، وقيّد حريتها... وانقادت هي الى قيدها، وارتضت أن تكون سجينة أهوائه وأفكاره". ويبدو أن صفحة تنازع النساء بين الادوار التقليدية والحديثة لم تطوَ بعد. وتنقل جودي كانتور في"نيويورك تايمز"رأي عدد كبير من النساء في هيلاري كلينتون، السيناتورة عن ولاية نيويورك التي خاضت سباقاً على تمثيل الحزب الديموقراطي الى الانتخابات الرئاسية الاميركية. وتأخذ هذه النسوة على السيدة الاولى سابقاً أنها"جعلت حياتها السياسية متفرعة عن زوجها... وهي ليست، تالياً، مثالاً لنجاح أو انجاز انثوي صريح ومستقل". ولكن كانتور تنبّه الى أن الفضل يعود الى كلينتون في اثبات انتفاء الفرق بين رجل وامرأة في سياق حملة انتخابية. فهي أفلحت في حمل الناخبين على الاختيار بناء على مواصفات شخصية، وليس على أساس الجنس. ونقدت إيرين تيري، في"اسبري"الفرنسية، تمييز جنس الفرد من"نوعه"جندره. وتطعن في القول أن"الجندر"مكتسب وليس وليد الفطرة والطبع. وتذهب الى أن" الذكورة والانوثة ليستا صفتين جوهريتين للشخص، بل هما منحيان تتبناهما العلاقات الاجتماعية... و"الادوار الاجتماعية، ووساطتها، ليست كذباً ولا تمثيلاً، وإنما هي من عوامل الوصل بيننا، وإنشائنا بشراً". وعلى ضفة الهادئ الآسيوية، ترى هيوانغ هانغ، مستشارة قراء صحيفة صينية الكترونية في شؤون الحياة والعلاقات الحميمة، أن النساء الصينيات متنازعات بين أدوار المرأة التقليدية والحديثة. وتذهب الى أن"وضع المرأة الاجتماعي لا يزال ملتبساً ومضطرباً في المجتمع الصيني الانتقالي، وفي ظل الفورة الاقتصادية... ولا يحبذ الصينيون تحصيل المرأة تعليماً عالياً، وتقاضيها راتباً مجزياً، ويرون أنها تخلخل النظام الاجتماعي. ويطعن الاهل في امكان أن تصلح المرأة المتعلمة زوجة مناسبة لأولادهم". وفي الفيليبين، تضطر النساء العاملات الى هجر بلدهن، والابتعاد عن اسرهن. وتذهب كريستينا مهر، في"تايم"الاميركية، الى ان الامهات المهاجرات يعملن أكثر من عشر سنوات في الخارج. ويغادر، يومياً، آلاف العمال، ونصفهم من نساء الفيليبين بحثاً عن لقمة العيش والرواتب المرتفعة. وينشأ جيل جديد من الأطفال بعيداً من والداتهم، حتى يكادون لا يعرفونهن. وفي الهند، تنزع النساء الى الاعتراض على الزيجات التي لا تراعي مشاعر الحب بين القرينين، بحسب جايسون أوفردورف في"نيوزويك"الاميركية. ويحاول المجتمع الهندي جبه التغيرات الاجتماعية والتعامل معها. فحصة النساء من التعليم العالي تتعاظم. و38 في المئة من طلاب الجامعات الهندية هم من النساء... وتنتهي 10 في المئة من الزيجات المدبرة منذ طفولة القرينين الى الطلاق. وغالباً ما يبادر الزوج الى طلب الطلاق حين ترفض الزوجة القيام بالاعمال المنزلية، وتمتنع من أداء دور الزوجة التي تنظم شؤون المنزل، وتتملق أهل الزوج. وغالباً ما تتأخر المحاكم الهندية في بت دعاوى الطلاق، حين تبادر المرأة الى طلبه. وقد لا تنال المرأة مبتغاها، أي الطلاق، إلا بعد 15 سنة من تاريخ تقديم طلب الطلاق. وفي 2008، خطت النساء المكسيكيات خطوة نحو تفادي التحرش الجنسي، وحظرن على الرجال استقلال باصات نقل خاصة بالنساء. وتقصت اكسيل جيلدن في"لكسبريس"الفرنسية حال النساء في المكسيك، ورأت أن"التحرش الجنسي شائع ومتفش هناك... فهو متأصل في عادات ذكورية قديمة... وتلتقي العادات الذكورية اللاتينية بالعادات الهندية المحافظة، وهذه تقيد حرية المرأة، وتسهم في شيوع ضرب الازواج زوجاتهم... ويكاد ترقي المرأة في سلم المهن أن يكون مستحيلاً ما لم تربطها علاقة حميمة بصاحب العمل". وفي افغانستان، تداوي النساء يأسهن بالنار، على ما كتب جون بون في"فايننشل تايمز"."فعدد كبير من الشابات في سن بين ال16 وال19 سنة يبللن أجسادهن بالبنزين، ويضرمن النار بأنفسهن هرباً من زواج قسري. فزواج فتاة في ال18 من العمر برجل في العقد التاسع أمر شائع في أفغانستان... وغالباً ما يضرب الزوج زوجته الفتية، وتسيء زوجته الاولى وأبناؤه معاملتها، ويحظر عليها التواصل مع عائلتها... وتمتنع الاسر عن نقل المصابة الى المستشفى مخافة من كلام الناس، ومن وصمة العار". وهذا العام، تسمرت مئات آلاف النساء العربيات أمام شاشة التلفزيون لمشاهدة المسلسل التركي الدرامي"نور"المنقول الى العربية المحكية بلهجة سورية. وترى رولا خلف في"فايننشل تايمز"أن اقبال النساء العربيات على هذا المسلسل هو"مرآة خيبة النساء العربيات في المجتمعات المحافظة، وتوقهن الى الانفتاح والرومانسية. ويعرض المسلسل قصة حب رجل لزوجته، المرأة العاملة، على رغم أن زواجهما مدبر. ويجمع نور بين القيم العائلية السائدة في المجتمعات العربية الى موضوعات محظورة فيه، مثل الجنس قبل الزواج والاجهاض". نشر في العدد: 16714 ت.م: 07-01-2009 ص: 29 ط: الرياض