أنا مستشارة قراء صحيفة صينية الكترونية وورقية في شؤون الحياة والعلاقات الحميمة، وأجيب عن أسئلتهم. وفي بداية عملي، كان المحرر يصوغ اسئلة لأجيب عنها. ولم يطل الامر قبل ان تنهمر علي رسائل القراء. وفاق عدد هذه الأسئلة ال 14 ألف سؤال، وطرحت النساء الصينيات 90 في المئة من هذه الاسئلة. ولاقت مدونة بلوغ بدأت بكتابتها قبل عام ونصف نجاحاً كبيراً. والحق ان اسئلة القراء هي مرآة وضع المرأة الصينية المعاصرة. فمعظم القارئات والباحثات عن جواب حائزات شهادات تعليم عال وهن من سكان المدن. وربع النسوة يكتبن لي رسائل عن علاقات حميمة تربطهن برجال مزوجين. وغالباً ما يكون هؤلاء الرجال أرباب عمل السيدات. وتواجه النسوة مشكلات كبيرة. فالأهل المحافظون يرفضون تحرر الابنة من قيد الزواج والحمل خارجه، ويطالبون بناتهن بقطع العلاقة بالعشيق، والاجهاض في حال الحمل. وتعجز 30 في المئة من قارئات زاويتي عن العثور على قرين وشريك. ويلخص المقتطف التالي معاناة هؤلاء الشابات وما يواجههن من صعوبات: "عزيزتي هيونغ، أنا شابة جميلة في الثانية والثلاثين من العمر حائزة شهادة في الادب الانكليزي. وأجد صعوبة في العثور على شاب يحبني، ويقبل بالزواج مني. فالشباب لا يستسيغون ان تحمل الشابة شهادة عليا وأن تتقاضى مرتباً كبيراً، وأن تكون قد أقامت علاقة حميمة قبل الزواج. ماذا أفعل، هل أخفي أمر شهادتي الجامعية وماضي علاقاتي، لأعثر على زوج؟". وجليّ ان الأرق يصيب النساء الصينيات. فهن يواجهن معضلات كبيرة في عصر الازدهار الاقتصادي. فهن متنازعات بين أدوار المرأة التقليدية وأدوارها الحديثة. ففي هذا المجتمع الانتقالي، وفي ظل الفورة الاقتصادية، لا يزال وضع المرأة الاجتماعي ملتبساً ومضطرباً. ولا ريب في ان المجتمع الصيني مجتمع تقليدي ومحافظ، ويلتزم تعاليم الفيلسوف كونفوشيوس. وبحسب الفيلسوف، لا تملك المرأة الفاضلة أي ملكة أو موهبة أو مؤهلات. فالصينيون لا يحبذون تحصيل المرأة تعليماً عالياً، وتقاضيها راتباً مجزياً، ويرون أنها تخلخل النظام الاجتماعي. ويطعن الاهل في إمكان أن تصلح المرأة المتعلمة زوجة مناسبة وصالحة لأبنائهم. ولا ريب في ان التشريعات الصينية أرست المساواة بين الجنسين، منذ أكثر من خمسين عاماً. ففي القطاعين العام والخاص، لا يميز بين رواتب النساء ورواتب الرجال. ولم تضطر الصينيات الى المطالبة بحقوقهن، بل نلنها على طبق من فضة، ومن دون أن يبذلن جهداً يذكر. وعلى اثر انتقال الصين من اقتصاد توجهه الدولة الى اقتصاد السوق، لم تعرف الصينيات كيف يواجهن مشكلات تتعلق بالمساواة بين الجنسين. وفشلنا، نحن الصينيات، في فهم المشكلات الاجتماعية المعقدة المترتبة على الازدهار الاقتصادي. فعلى سبيل المثال، بعد أيام على حصولها على ترقية الى منصب أعلى، طلبت مني مديرة علاقاتي العامة، أن أعيدها الى منصبها السابق لتلقى استحسان أهل زوجها الآتي. عن هيوانغ هانغ ، "نيوزويك" الاميركية، 31/12/2007