استقبلت إسرائيل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وممثلي الاتحاد الأوروبي وغيرهم من المسؤولين الدوليين الذين وصلوا إلى تل أبيب أمس، بتأكيدها مواصلة العدوان على قطاع غزة وبرفضها أن تكون حركة"حماس"طرفاً في أي اتفاق لوقف النار، فيما بدأت ترتفع أصوات داخل إسرائيل للمطالبة بوقف العدوان خشية أن تتكبد القوات البرية خسائر في الأرواح. وقالت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني في ختام اجتماعها بوفد الاتحاد الأوروبي أمس إن الحرب التي تخوضها إسرائيل هي"حرب على الإرهاب"، وإنه ينبغي على حركة"حماس"أن تدرك"أن المعادلة التي كانت بموجبها تطلق النار متى رغبت فيما تتحلى إسرائيل بضبط النفس، تغيرت منذ انطلقنا في العملية العسكرية ولن تكون بعدها، لأن إسرائيل سترد في كل مرة تتعرض إلى القصف". وأضافت أنها أبلغت نظراءها من الترويكا الأوروبية، تشيخيا وفرنسا والسويد، أنه"يتحتم علينا جميعاً، إسرائيل والمجتمع الدولي والدول العربية المعتدلة أن نكون شركاء في الحرب على الإرهاب". وتابعت أنه لا ينبغي منح شرعية لحركة"حماس"في إطار أي اتفاق لمخرج سياسي للوضع في القطاع،"نحن نحاربها ولا نعتزم التوصل إلى اتفاق مع الإرهاب". وأشارت ليفني إلى أن الأهداف التي تريد إسرائيل تحقيقها من الهجوم على غزة"هي وقف إطلاق الصواريخ، والقضاء على الإرهاب في غزة، ووقف تهريب الأسلحة ورقابة دولية على تنفيذ هذه الأمور". وزادت أن"المنطقة باتت منقسمة إلى قسمين، معتدلين ومتطرفين. وعلى كل منا اختيار الطرف الذي يعمل معه. حماس اختارت العمل مع إيران، ومصدر الصواريخ التي تطلقها الحركة على إسرائيل هو إيران، وهي تلقت في الشهور الماضية صواريخ بعيدة المدى، بينما قيادات الحركة ومقارها في دمشق. كما أنها تعمل بتنسيق كامل مع حزب الله". ورأت أنه"فقط في حال عملنا معاً، إسرائيل وأوروبا والمجتمع الدولي يمكن دحر الإرهاب". واعتبرت اقتراح الاوروبيين دخول مراقبين إلى القطاع بعد وقف النار"ليس مقبولاً". وشككت في قدرة هؤلاء على"محاربة الإرهاب في غزة". وكانت أوساط سياسية رفيعة أفادت قبل خطاب ليفني أن إسرائيل لن تقبل باتفاق تهدئة بواسطة طرف ثالث على غرار الاتفاق الذي أعلن في حزيران يونيو من العام الماضي، إنما فقط باتفاق عبارة عن مجموعة اتفاقات إقليمية ودولية لا تكون"حماس"طرفاً فيها، على أن تفرض الجهات المشاركة الاتفاقات على الحركة، وفي مقدمها الولاياتالمتحدة ومصر والسلطة الفلسطينية، وفي حال رفضت"حماس"الاتفاق"فإنها ستدفع الثمن، خصوصاً من خلال تشديد العزلة الدولية عليها". وتطمح إسرائيل إلى اتفاق يقضي أساساً بوضع آلية لضمان وقف تهريب الأسلحة ومعالجة قضية المعابر والأنفاق ووقف تام لإطلاق القذائف على جنوب إسرائيل. ووفقاً لصحيفة"هآرتس"، فإن إسرائيل تسعى إلى إبرام اتفاق مع مصر تكون الولاياتالمتحدة ضالعة فيه وينص على تعاون أميركي - مصري لتدمير الأنفاق تحت محور فيلادلفي في الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر، للحيلولة دون إعادة تسلّح"حماس". كما تريد إسرائيل تعديل اتفاق المعابر في القطاع من العام 2005 مع السلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي ومصر لتطالب بأن تعمل في معبر رفح قوات أمن فلسطينية تابعة للرئيس محمود عباس، ووجود مراقبين أوروبيين. وتهدد إسرائيل بإبقاء المعبر مغلقاً في حال لم توافق"حماس"على الاتفاق المعدّل. ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي رفيع قوله إن إسرائيل تطالب بأن تبلور مع الولاياتالمتحدة وفرنسا والدول العربية المعتدلة قراراً يصدر عن مجلس الأمن يتضمن إعلان وقف النار في غزة،"على أن يحقق أكثر ما يمكن من المصالح الإسرائيلية". على الصعيد الأمني، قال وزير الدفاع إيهود باراك في جلسة لجنة الخارجية والأمن البرلمانية أمس إن إسرائيل لم تحقق بعد كل الأهداف التي حددتها عندما انطلقت في العملية العسكرية، رغم أن"حماس"تعرضت ل"ضربة قاسية". وأضاف:"لذلك ستستمر العملية في موازاة الاتصالات الدولية الجارية للتوصل إلى اتفاق". وأجمل أهداف العملية العسكرية في"تغيير الواقع في جنوب البلاد، حتى تتوقف العمليات العسكرية من قطاع غزة ويتم وقف عمليات التهريب ويسود الهدوء جنوب إسرائيل". وعن احتمال اشتعال الحدود الشمالية، قال:"أنظارنا متجهة إلى ما يحصل في الشمال ونراقب كل تطور، وهناك من نعتمد عليه الجيش... ونحن عقدنا العزم على أن نحقق لمواطني إسرائيل في كل أرجائها ما يستحقونه من هدوء وراحة. وليس لدي شك في أننا سنخرج من العملية في غزة والغلبة لنا". إلى ذلك، تعالت أمس أصوات في إسرائيل للمرة الأولى منذ اندلاع العدوان، تطالب بوقفه. ورأت صحيفة"هآرتس"في افتتاحيتها أن العملية"حققت أهدافها ويجدر بإسرائيل أن توافق على إعلان هدنة تمهيداً لوقف النار". وتابعت أن العملية العسكرية حظيت حتى الآن بشرعية"محلياً ودولياً"وتحسن الحكومة إذا أقرت وقفها لئلا تفقد هذه الشرعية. من جهته، دعا رئيس حزب"ميرتس"اليساري سابقاً يوسي سريد إلى وقف العدوان خشية تكبد القوات البرية خسائر في الأرواح،"لأنه كلما تقدمنا كلما أكلنا المرّ". وحذر كبير المعلقين في"يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع الحكومة من خطر"التدحرج والتورط"في حرب واسعة. وكتب أن اليومين المقبلين مصيريان، و"وقف النار الذي رفضناه بحق الأربعاء الماضي سيكون صحيحاً قبوله مع انتهاء المرحلة الأولى من العملية. ويجدر بالحكومة أن تصغي لتوقعاتها المتشائمة مع بدء العملية، لا إلى نشوة الأيام الأخيرة". نشر في العدد: 16713 ت.م: 06-01-2009 ص: 13 ط: الرياض