التقت كبرى الصحف الإسرائيلية الثلاث، أمس، في توقعاتها بأن العدوان على قطاع غزة يوشك على الانتهاء"خلال أيام"على رغم موقف رئيس الحكومة ايهود اولمرت الذي يدفع في اتجاه مواصلة الحرب"حتى تنجز أهدافها وتقوّض حركة"حماس". ونقلت"هآرتس"على موقعها الالكتروني أمس أن ثمة رأياً يتبلور لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بوجوب سعي إسرائيل لاتفاق وقف النار سريعا. وأضافت أن المؤسسة توصلت إلى هذا الرأي بعد سلسلة مداولات ومشاورات في الأيام الأخيرة، أبدى فيها معظم أقطابها تحفظاً عن توسيع العملية البرية ورأوا أنه يجب تناوله كتهديد فقط. ووفقاً لأصحاب الرأي المذكور فإن"إسرائيل استنفدت منذ أيام النجاحات الممكنة من العملية واثبتت أنها لا ترتدع سواء عن مواجهة عنيفة مع حماس او عن إدخال قوات برية، أو عن إدخال جنود احتياطيين إلى أعماق القطاع". ورأى هؤلاء أنه يجدر إنهاء العدوان الآن"والردع الإسرائيلي في وضع جيد نسبياً وقبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب باراك اوباما البيت الأبيض". ولفتت الصحيفة إلى أنه قياساً بمداولات سابقة خفّت حماسة عدد من قادة الأذرع الأمنية لتوسيع العملية العسكرية، وبات عدد منهم يؤيد انسحاب إسرائيل الآن وإعلانها وقف النار حتى قبل التوصل إلى اتفاق مع مصر بشأن آلية منع تهريب السلاح. ويرى هؤلاء أنه يمكن لإسرائيل أن تنسحب مهددة برد فوري وعنيف على أي خرق لوقف النار من جانب"حماس"، سواء عبر إطلاق صواريخ على جنوب إسرائيل او تهريب أسلحة إلى القطاع. ويعارض هذا التوجه قائد المنطقة الجنوبية الميجر جنرال يوآف غالنت الذي يطالب بتوسيع العدوان البري مشترطاً منح الجيش أشهراً لتنفيذ المهمة، وجهاز الاستخبارات العامة شاباك الذي يرى أن من شأن مواصلة الضغط العسكري على"حماس"أن تلوي ذراعها وتأتي باتفاق مريح أكثر لإسرائيل. من جهته أفاد المعلق في الشؤون العسكرية في صحيفة"يديعوت أحرونوت"أليكس فيشمان انه في موازاة تكثيف إسرائيل نيرانها على القطاع"ثمة تفاؤل في الجو لجهة وقف العملية العسكرية... بدأوا بشم رائحة النهاية". وأضاف أن أوساطاً سياسية إسرائيلية تتوقع التوصل الى اتفاق وقف إطلاق النار بحلول نهاية الأسبوع. من جهتها، عنونت"معاريف"صفحتها الأولى بكلمتي"خطة الإنهاء"وتحدثت عن خطة من بنود كثيرة"تنتظر ضمانات مصرية"لتنفيذها. أما"هآرتس"فأوردت أن وزير الدفاع ايهود باراك يدفع نحو"وقف نار لأغراض إنسانية"لمدة أسبوع، بينما وزيرة الخارجية تسيبي ليفني"متحمسة"لوقف النار من دون تسوية سياسية. ووفقاً لصحيفة"هآرتس"فإن باراك يسعى لهدنة أسبوع على أن يبقى الجيش الإسرائيلي في مواقعه الحالية، يتم خلاله إفساح المجال أمام مصر والولايات للتوصل إلى"تسوية محسّنة"لإحباط تهريب الأسلحة إلى القطاع. وأضافت أن وزير الدفاع ينطلق في اقتراحه من أن العملية العسكرية حققت أهدافها الرئيسة وفي مقدمها تعزيز الردع الإسرائيلي، فيما مواصلتها لن تحقق انجازات أخرى بل تنطوي على مجازفات بوقوع خلل عملياتي يكبد الجيش خسائر بشرية، ومواجهة إسرائيل ضغطاً دولياً. وتتفق ليفني مع باراك في أن مواصلة العملية لن تأتي بإنجازات أخرى جدية وترى وجوب وقف النار بلا تسوية سياسية،"بل بوضع رادع"لحركة"حماس". لكن الصحيفة اشارت إلى أن اولمرت يتجاهل موقف ضلعي"الترويكا"ويؤيد مواصلة العدوان والضغط العسكري على"حماس"، وعليه تفادى عقد الاجتماع الثلاثي اليومي أول من أمس ولم يدع إلى اجتماع الحكومة الأمنية المصغرة المخولة اتخاذ قرارات بشأن الخطوات الإسرائيلية المقبلة. وزادت أن اولمرت يدرك أن"القول الفصل"بيده فهو الذي يقرر متى يعقد اجتماعا للحكومة الأمنية وهو الذي يقرر جدول أعمالها. وكتب كبير المعلقين في الصحيفة يوئيل ماركوس، أن باراك يخشى خروج الأمور عن السيطرة"وحصول تطورات لم يكن ممكناً التنبؤ بها أو السيطرة عليها". وأضاف نقلاً عن أوساط قريبة من الوزير أن الأخير يخشى أن يتحول صمود"حماس"في الحرب إلى انتصار على إسرائيل، كما انتهت الحرب الثانية على لبنان. وأضافت هذه الأوساط أن باراك يعي أن إقرار المرحلة الثالثة من العدوان يعني إبقاء قوات إسرائيلية كبيرة في محور فيلادلفي لمدة عام على الأقل، ما من شأنه أن يكبدها خسائر في الأرواح، هذا فضلاً عن أنه لا يمكن الاستمرار في العملية مع دخول رئيس جديد إلى البيت الأبيض. وزادت أن"أهداف الحرب كانت توجيه ضربة عنيفة لحماس وكيّ الوعي، وتم فعلاً كيّ وعي قادة الحركة". وتابعت أن باراك يخشى أن يندد العالم بتوسيع إسرائيل عمليتها وان يؤدي الانتقال إلى"الخطة الأوسع"للعدوان إلى تدهور إقليمي. وبحسب"يديعوت أحرونوت"فإن رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غابي اشكنازي لا يستعجل تقدم القوات البرية إلى أعماق القطاع"لئلا يتم حشر العدو في الزاوية ما سيدفعه إلى القتال حتى آخر رمق... فضلاً عن أن ثمة أسئلة تستوجب الرد عليها في حال احتلت إسرائيل القطاع: ماذا سنفعل بانتصار كهذا؟ ومن سنعيّن حاكماً عسكرياً هناك؟ وهل سنبدأ بتوزيع المواد الغذائية ونعتني بالوالدات؟"وأضافت:"في هيئة الأركان يريدون وتيرة أبطأ، لا يريدون الانجرار إلى زوايا ومواقع لا تخدم العملية السياسية، بل بالعكس". الاتصالات السياسية وعلى صعيد الاتصالات السياسية، أفادت صحيفة"هآرتس"أن وزير الخارجية الاسباني ميغيل انخيل موراتينوس أبلغ ليفني أول من أمس ان مدير الاستخبارات المصرية عمر سليمان اقترح على ممثلي"حماس"اتفاقا لوقف النار لمدة سنة وتجديده مع انتهاء المدة، بعكس ما كان في اتفاق التهدئة السابق الذي لم يتحدد فيه نظام لاستئناف وقف إطلاق النار مع انتهاء فترة الاتفاق. وتابع أن المصريين مقتنعون بأن"التوصل لوقف إطلاق النار سيستغرق بضعة أيام". من جهة أخرى نقلت"معاريف"عن مصادر سياسية إسرائيلية ان الاقتراح المصري الآخذ بالتبلور يتناول تسوية من مراحل عدة تبدأ بهدنة موقتة وتوقف القوات الإسرائيلية في غزة في مواقعها، ثم استكمال التفاهمات مع مصر لمنع دخول الصواريخ من محور فيلادلفي، بما في ذلك دخول خبراء من سلاح الهندسة الأميركي إلى سيناء، وبعد تحقيق الهدوء سيكون بالإمكان التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار تام وانسحاب القوات البرية الإسرائيلية من القطاع، وفي المرحلة الأخيرة يتم التفاوض حول فتح المعابر. وأضافت الصحيفة أن إسرائيل تحاول بواسطة مصر الحصول على تعهد من"حماس"باستئناف المفاوضات حول صفقة تبادل أسرى تستعيد إسرائيل من خلالها الجندي الأسير في القطاع غلعاد شاليت، فيما دعا أمس وزراء في الحكومة إلى"استغلال ضعف حماس"واشتراط وقف النار بإطلاق سراح شاليت.