توقع رئيس مجموعة"توتال"النفطية الفرنسية، كريستوف دومارجوري أن تعود أسعار برميل النفط إلى الارتفاع إلى ما بين 80 و 100 دولار على المدى المتوسط. وقال في حديث إلىپ"الحياة"في برج"توتال"في باريس:"إذا لم تعد مستويات سعر النفط إلى 80 أو 100 دولار فإن العالم سيشهد نقصاً نفطياً على المدى الطويل بسبب انخفاض إنتاج الحقول الهامشية". وأكد أن"توتال"لم تغيّر برامجها الاستثمارية، على رغم انخفاض سعر النفط، لأنها برامج تطلق لمدة 3 أو 4 سنوات، وان الحفاظ على الاستثمار ضروري لتدارك النقص في العرض في مستقبل قريب، كي يعيد الأسعار إلى مستويات سلبية بالنسبة إلى استئناف النمو. وأعلن أن التصدير من مشروع الغاز الطبيعي اليمني يبدأ في تموز يونيو المقبل، في اتجاه كوريا والولاياتالمتحدة. ورحب دو مارجوري بالحوار المرتقب بين الولاياتالمتحدةوإيران، لأن أي تحسن في علاقات إيران الدولية يتيح للمحادثات المستمرة بين"توتال"والجانب الأميركي، ان تتقدم نحو اتفاق لتطوير مشروع الغاز المسال الإيراني. وأكد استحالة أن تعمل مجموعته في إيران راهناً، بسبب الوضع الحالي للعلاقات الدولية مع هذا البلد. وتحدث عن وجود مناقصة تطرحها السلطات العراقية لتطوير حقول في العراق، هي الثانية بعد مناقصة السنة الماضية، لكن يسيطر عدم يقين حول ظروف العقود التي تنجم عن هذه المناقصات وشروطها. وذكر دومارجوري ان مشروع مصفاة جبيل السعودية سيتأخر لنحو 16 شهراً لأن"أرامكو"و"توتال"طلبتا من المترددين في توريد المواد الأولية الخاصة بالمصفاة، خفض أسعارها تماشياً مع أسعار السوق. وأشار إلى احتمال تأخر مشاريع في الدول المنتجة للنفط، بسبب طلب خفض عروض المترددين. وقال رئيس مجموعة"توتال"، إن العالم يشهد أزمة مال غير مسبوقة، بمثابة نظام يتحطم تلقائياً، ويحتاج إلى وقت كثير ليستعيد عافيته، لكن الأمور لن تكون كالسابق. ورأى من الضروري العمل على إعادة إطلاق الاستثمار، لكن المصارف تواجه صعوبات على صعيد الإقراض، ما تسبب بأزمة رهيبة على مستوى النمو، حتى أن الذين لم يتأثروا بها، أوقفوا استثماراتهم تلافياً لمواجهة أوضاع صعبة. وأضاف ان الوضع الراهن أدى إلى مزيد من التفاقم ويصعب التكهن بالمستقبل لأن ما نشهده ظاهرة غريبة. وأشار على سبيل المثال إلى الصين،"فمن الصعب التكهن بمستوى الطلب في هذا البلد، فكل ما يتعلق بقطاع التصدير تأثر جداً، نظراً الى تداعيات الأزمة في الدول القريبة أو الشريكة. في المقابل لم تتأثر القطاعات المرتبطة بالسوق الداخلية". كما يصعب تقويم الإحصاءات المتوافرة، فالطلب العالمي سيشهد تراجعاً بالغاً في 2009 لكن يتوقع ان ينتعش خلال الفترة الفاصلة عن نهاية السنة. وأشار دومارجوري إلى أن النفط شهد ارتفاعاً هائلاً في آب اغسطس 2008، و"كنا مدركين أن هذا السعر ليس سعراً متوازناً، ومرده إلى اتجاه البعض لاستباق الارتفاع في الطلب وأخطار النقص المحتمل في الإنتاج". وقال:"إن البعض أطلق على هذا التصرف اسم"المضاربة"أما أنا فأسميه"الاستباق"، وفي أي حال دفع سعر النفط إلى الارتفاع، ثم جاءت الأزمة وانخفض الطلب، ليحمل الأسعار إلى التراجع. ولفت الى أن سعر النفط تأثر بعنصر تقني، لإقدام المصارف المفلسة على بيع محافظها النفطية، ما زاد من تراجع الأسعار بالسرعة ذاتها التي ارتفعت بها، وباتت بين 40 و45 دولاراً للبرميل. واعتبر مثل هذا السعر مرتفعاً قبل نحو ثلاث سنوات، لكن اليوم ومع ازدياد الكلفة الإنتاجية نظراً إلى إرادة حماية البيئة والحد من التسخين المناخي، يحول دون إمكان خفض السعر إلى مستوى أدنى مما عليه. ولفت الى أن إمكانات الإنتاج العالمي تقدر اليوم بنحو 86 مليون برميل يومياً، ما يشير إلى أنها تراجعت كثيراً، ومنظمة"أوبك"اتخذت مواقف تاريخية غير مسبوقة بإقدامها على خفض إنتاجها، والتزامها نسبة 88 في المئة بهذا الخفض ما حقق نوعاً من التوازن بين العرض والطلب ولو لم يكن كذلك لكانت الأسعار انخفضت أكثر بكثير. ومن الواضح، في رأيه، أن السوق تتساءل عن الأخطار التي قد تترتب عن انخفاض إضافي في الأسعار، وهذا لا يعني أن مثل هذا الانخفاض لن يحصل، إنما يعني أن أي انخفاض جديد سيؤدي إلى تقليص الاستثمارات وتقليص الاستثمارات يؤدي إلى تقليص الإنتاج. وذكر ان"توتال"تعتمد في سياسة استثمارات ثابتة لا تتغير، وأنها تلحظ سيناريوات عدة، خصوصاً أن استثماراتها لأربع أو خمس سنوات، وتستند إلى سعر برميل بين 80 و100 دولار. وأكد دومارجوري ان سياسة"توتال"تقضي بعدم وقف الاستثمارات، وأنها سياسة طويلة المدى، خصوصاً أن أسعار النفط والغاز ستعود إلى الارتفاع، وإذا توقفت الاستثمارات فيؤثر سلباً على الإنتاج عند عودة الأسعار إلى الارتفاع، ويواجه العالم نقصاً في الإنتاج وأزمة طاقة جديدة. ووصف الأزمة الحالية بالموقتة، لكنها ستؤدي إلى آثار، لأن ما حصل قبل عام يمكن أن يحصل مجدداً إذا لم ننتبه إلى الأمر وأوقفنا الاستثمارات، لأن قدرة الحقول تتراجع لأسباب طبيعية. وقال دومارجوري في الصين 30 سيارة لكل ألف شخص، وفي الولاياتالمتحدة 800 سيارة لكل ألف شخص، ونأمل بتراجع نسبة أصحاب السيارات في الولاياتالمتحدة وألا ترتفع نسبة أصحاب السيارات في الصين إلى 800 سيارة لكل ألف شخص. فبمجرد بلوغ المعدل إلى 300 سيارة لكل ألف شخص في الصين، يجعل من الصعب الإبقاء على إنتاج النفط عند مستواه الحالي. نشر في العدد: 16732 ت.م: 25-01-2009 ص: 24 ط: الرياض