وصف رئيس الاتحاد العماني لكرة القدم خالد البوسعيدي تحقيق منتخب بلاده لدورة الخليج التاسعة عشرة ببداية الإنجازات للكرة العمانية، مؤكداً أنه خشي من فقدان اللقب في اللحظات الأخيرة من الشوط الإضافي الثاني، خصوصاً في اللحظة التي تحصل فيها مهاجم المنتخب السعودي ياسر القحطاني على كرة رأسية قبل أن يطلق الحكم صافرته. وامتدح البوسعيدي تضافر القطاعات العمانية كافة مع الجهود التي بذلها اتحاده من أجل تحقيق اللقب، بما فيها الجهود الإعلامية، قائلاً:"الإعلام العماني لعبها صح حتى نحن حاولنا ألا نشحن اللاعبين، وأعتقد أن هذه من الأسرار التي أسهمت في حصولنا على اللقب". جاء ذلك في حوار أجرته معه"الحياة"، فإلى الحوار: دعنا نبدأ من حيث النهاية، كيف استطاع المنتخب العماني هذه المرة أن يحصل على لقب دورة كأس الخليج بعد عدد كبير من المشاركات السلبية في الدورة؟ - هي ليست النهاية، إنها البداية، وهي بداية الإنجازات للكرة العمانية والتي بدأت منذ 6 سنوات، خصوصاً في دورة"خليجي 16"في الكويت، والتي كان الظهور فيها بشكل مميز، وتأكد ذلك في الدورتين التاليتين في قطر والإمارات، وها هو يتأكد في دورة مسقط، وربما لم يصل المنتخب في تلك الدورات إلى المستوى الذي يمكّنه من الفوز باللقب، وربما كانت الظروف أو الحظ، ولكن في هذه المرة اكتملت كل العناصر من أجل تحقيق اللقب، إضافة إلى عاملي الأرض والجمهور، فالمنتخب العماني كان في جاهزية فنية عالية بقيادة طاقم جيد، وتضافرت الجهود في الاتحاد العماني، وحظي بدعم وحماسة جماهيرية منقطعة النظير، خصوصاً في الأشهر الأخيرة، إضافة إلى تضافر جهود قطاعات المجتمع كافة، كما أن الإعلام لعب دوراً كبيراً، خصوصاً في ظل وجود منتخب مستعد بشكل جيد. ماذا تقصد بالظروف التي لم تكن مهيأة في الدورات السابقة ومنعت العمانيين من تحقيق اللقب؟ - أنا أثمّن الجهود التي بذلت في السابق، وهذا المنتخب هو نتاج عمل بذله المسؤولون السابقون في اتحاد الكرة العماني، ولكن أعتقد أن المنتخب كان بحاجة إلى شيء ما ليصل إلى النقطة الأخيرة، مثلاً"هناك تلميذ متفوق لم يتمكن من إجابة أحد الأسئلة فحصل على جيد جداً، ولو أجاب على ذلك السؤال لحصل على الدرجة الكاملة"، فنحن كنا نبحث عن العلامة الكاملة في الدورات السابقة ولم نحصل عليها. الإعداد الفني للفريق كان على مستوى عالٍ، وهذا كان واضحاً للجميع في تصاعد مستوى الفريق من مباراة لأخرى، وهذه هوية الفرق البطلة دائماً، كيف استطعتم زرع هذه الثقافة في اللاعبين؟ - كثيرون في المباراة الأولى كانوا مستائين من نتيجة التعادل أمام المنتخب الكويتي، وكان رد الفعل غير جيد، وهذا كان واضحاً حتى على اللاعبين، وتحدثت إليهم بعد المباراة، وحاولت أن أوضح لهم أنني لست حزيناً للتعادل، على اعتبار أن المنتخب كان يمتلك الفرصة للفوز، وتمكن من إخراج الفريق من حال الخسارة، وكنت سعيداً جداً للتطور التدريجي في مستوى الفريق، وأعتقد أننا لعبنا أفضل مباراة لنا في البطولة أمام المنتخب السعودي، وهذا يعطي مؤشراً أن الفريق كان يسير بشكل تصاعدي، وهذا تم بفضل الجهازين الفني والإداري. ظهر الفريق العماني أمام الكويت بشكل مهزوز، وكادت شباكه تتلقى الأهداف في أكثر من مناسبة، ثم كانت مباراة العراق أشبه بالانفجار الفني للفريق، ماذا حدث في اليومين اللذين فصلا بين اللقاءين؟ - دعنا نتحدث بصراحة، المباراة الأولى لها ظروف خاصة، على اعتبار أنها مباراة افتتاح، وأود أن أذكّر الجميع أن لدينا عدداً من الأسماء الجديدة، حسن ربيع مثلاً لعب للمرة الأولى تحت هذه الظروف، وأتيحت له أكثر من فرصة، إلا أنه لم يتمكن من استغلالها، وهذه المسألة نفسية، ولذلك كان علينا أن نعيد الحماسة والثقة إلى نفوس اللاعبين، وهذا ما تسبب في أن يفجّر اللاعبون مخزوناً كبيراً من المهارة والثقة في المرمى العراقي، وللمرة الأولى أتمنى ألا يواصل منتخبنا تسجيل المزيد من الأهداف، حتى لا ينعكس ذلك على اللاعبين عكسياً في المباريات التالية. من ضمن الأمور التي حدثت أنني قلت للاعبين لا تحاولوا أن تضغطوا على أنفسكم فوق طاقتها، فنحن خسرنا الكأس مرتين، وإذا خسرنا للمرة الثالثة فلا مشكلة، وقد أكشف سراً صغيراً هو أنني بعد أن انتصرنا على البحرين أيقنت تماماً أننا سنحصل على اللقب، ولذلك كنت واثقاً من الانتصار في مباراة نصف النهائي أمام قطر، وهذا ما حدث. ولكنكم ظهرتم في الشوط الثاني من المباراة بأسوأ مستوياتكم طيلة مباريات الدورة، لماذا؟ - هذا صحيح، وذلك لأن قطر لعبت أفضل شوط لها في هذه الدورة، وربما لأننا تقدمنا بهدف، وهو ما جعل اللاعبين يحاولون اختزان بعض المجهود للنهائي، وأعتقد أنه من المستحيل أن تلعب 10 أشواط في دورة واحدة على مستوى واحد يتصاعد تدريجباً فلا بد من وجود بعض"الهنات"هنا أو هناك، وعلى رغم هذا، أعتقد أننا لعبنا كل المباريات بمستوى عال جداً ما عدا الشوط الثاني من مباراة قطر. هل كنت تعتقد قبل المباراة النهائية أن المباراة ستمتد لركلات الترجيح؟ - كنت متوقعاً أن نتعادل في الوقت الأصلي، وأن نحسمها في الأشواط الإضافية، وحينما دخلنا في الأشواط الإضافية، خشيت أن نخسر اللقب في آخر اللحظات، وهذا كاد يحدث من كرة ياسر القحطاني التي أبعدها الحبسي، أيقنت أن الكأس تريدنا، وحقيقة فاجأني المستوى السعودي في المباراة النهائية، وللمرة الأولى أشاهد هذا المنتخب يلعب بطريقة دفاعية، وربما هذا ما سهل علينا مهمة الحصول على اللقب، ولا أدري لماذا لم يتمكنوا من مجاراة الرتم العالي للمنتخب العماني. الكثير كانوا يتوقعون أن تسهم الجماهير العمانية في الضغط على اللاعبين داخل الملعب أثناء المباراة النهائية، حتى والفرص تضيع تباعاً على المنتخب العماني لم نشاهد الجماهير تنفعل لذلك، هل هذا أراح اللاعبين وأسهم في الحصول على اللقب؟ - أضف إلى ذلك الإعلام، والذي أتوقع أنه"لعبها صح"حتى نحن مسؤولو الاتحاد حاولنا ألا نشحن الجماهير، وأنا قلت قبل الدورة إن عمان لم تفز بكأس الخليج من قبل، وإذا لم تفز فإنها لن تكون نهاية المطاف، وأعتقد أن هذا خفف الضغوطات الجماهيرية، وهذا من أسرار الحصول على اللقب. كلود لوروا، المدرب الفرنسي الذي تعاقدتم معه قبل الدورة، ماذا أضاف لعمان حتى تحصل على هذا اللقب التاريخي؟ - كلود مدرب كبير ومعروف، وهو يتميز بأمور كثيرة ربما دخل الستينات من عمره، وشارك في بطولات كبرى مثل كأس العالم، وبطولات الأمم الأفريقية، وبغض النظر عن خبرته الفنية، فإنه يمتلك خبرة في التعامل مع المنتخبات، والبطولات ومع اللاعبين الذين لا يلعبون في الدوري المحلي، وهذه الخبرة خدمتنا كثيراً، على اعتبار أننا المنتخب الوحيد الذي يلعب له 9 لاعبين أساسيين خارج بلدهم، وهكذا فهم لا يلتقون كثيراً، ولذلك كنا بحاجة إلى مدرب يستطيع التعامل مع هذه الظروف فضلاً عن إمكاناته الفنية الكبيرة جداً. عام 2011 سيحتضن اليمن دورة"خليجي 20"، هل العمانيون واثقون من قدرتهم على الاحتفاظ بهذا اللقب، وإضافة نسخة أخرى من كأس الخليج إلى خزائنهم؟ - أعتقد أن الحديث لا يزال باكراً حول من سينافس على تلك البطولة، ولكن نحن الآن نريد أن نحتفل ونفرح، وعندما يأتي ذلك الوقت فإن من حقنا أن نحصل على الكأس مجدداً. على رغم تألقكم خليجياً إلا أنكم خرجتم من الدور الأول من كأس آسيا الأخيرة، وخرجتم مبكراً من تصفيات كأس العالم، ولم ينعكس ذلك على مستوياتكم في البطولات الكبرى... لماذا؟ - المنتخب العماني لم يكن مهيأ بشكل جيد للتألق في تلك الدورات، خصوصاً في كأس آسيا الأخيرة، ربما لأن الاتحاد العماني كان في لجنة موقتة، فإن ذلك انعكس على الفريق، والمدرب كالديرون لم يكن موفقاً في إعداد الفريق، وهذا تسبب في أن نظهر بشكل سيئ في البطولة الآسيوية الأخيرة. ما أكثر النقاط التي أخذتموها على كالديرون وتسببت في إقالته؟ - هو مدرب جيد ومثقف، وأنا أعتبره صديقاً شخصياً لي، ولكن في كثير من الأحيان لا تجد تلك الكيمياء الكافية بين المدرب واللاعبين والإدارة، ولذلك كان علينا أن نتخذ قراراً قد يبدو في شكله مجحفاً في حق المدرب إلا أنه في باطنه أتى لأسباب جوهرية، وهي أننا لم نكن نشعر بأن المنتخب يسير بشكل أفضل، خصوصاً في نهائيات كأس آسيا وبداية تصفيات كأس العالم، ولعبنا بعض المباريات الودية آنذاك ولم يكن المنتخب مقنعاً لنا في ذلك الوقت، كل هذه العوامل أثرت بشكل كبير واتخذنا هذا القرار الذي جاء صعباً بناء على العلاقة التي كانت تربطني به. أنت ذكرت أن 9 من اللاعبين الأساسيين في الفريق يلعبون خارج عمان، هل هذا من الأسباب الجوهرية في تطور المنتخب العماني؟ - بالتأكيد، إلا أن هذا الأمر له مساوئ كثيرة بالنسبة إلينا، ومن ضمن ذلك عدم قدرتنا على تجميع لاعبينا في المباريات الودية أو في المعسكرات، لكن أنا مع الاحتراف الخارجي والاطلاع على تجارب الآخرين، والتعامل مع مدربين آخرين وجمهور وحتى الإعلام، كل هذه العوامل تصنع لك لاعباً محترفاً، وكلما زاد اطلاعه على الثقافات المتعددة كلما ساعده ذلك في اللعب بشكل أفضل. يعتبر علي الحبسي أحد أفضل النماذج للاعب الخليجي المحترف خارجياً، وهو يلعب الآن في أقوى دوري في العالم، ما هو تأثيره في المجموعة؟ - الحبسي أصبح الآن أحد المشاهير في الخليج، وأصبح رمزاً كبيراً للجميع وأصبح محبوباً من الإعلاميين والكاميرات، إضافة إلى قدراته الكبيرة التي جعلت منه ثقلاً كبيراً في الفريق وصنع الأمان داخل الملعب وهو يعطي مدافعي الفريق راحة ويربك المهاجمين، وأعتقد أنه كان من العوامل المهمة التي صنعت الفارق في المنتخب العماني في هذه الدورة، وأعتقد أن وجوده مع المنتخب العماني للسنوات المقبلة سيسهم في زيادة الإنجازات. تحدث الإعلام بشكل مكثف عن المشكلة التي حصلت بينكم وبين المنتخب البحريني، وحاول تضخيمها، ماذا حدث بالضبط؟ - أنت قلت إن الإعلام حاول تضخيمها، وهذه الحادثة بالذات لم تكن مشكلة والإعلام"لعبها صح"في هذه الدورة، ومن خلال متابعة الدورة في النسخ السابقة تجد أن هناك حوادث شبيهة لهذه الحادثة، ما جرى هو أن المدرب طلب أن يجري الفريق تدريباته في ملعب قريب من الفندق الذي يسكنه اللاعبون، فاتصل الجهاز الإداري بالمسؤولين في اللجنة المنظمة، وأخبروهم بأن تدريب البحرين سيكون عند الساعة السادسة، ولذلك طلب المدرب أن يتدرب المنتخب العماني عند الرابعة والنصف، ولكن المفاجأة كانت حينما اتضح أن التدريب البحريني كان عند الخامسة والنصف، فطلب لوروا من البحرينيين أن يمهلوهم عشر دقائق قبل أن يخلوا الملعب لهم، ولم يتجاوز المدرب الفرنسي المدة التي حددها، وبالضبط، كان المنتخب العماني مغادراً الملعب عند السادسة إلا ربعاً، وربما أراد ماتشالا أن يضخم الأمور وأخذ فريقه إلى التدرب في حديقة الفندق، وأعتقد أنه أضاع على نفسه فرصة كبيرة للتدرب، وأنا اتصلت بالمسؤولين البحرينيين وتفهموا الموضوع. هل نستطيع أن نقول إن الخطأ كان من المسؤولين في المنتخب العماني؟ - نعم هم يتحملون الخطأ وليس المسؤولون في اللجنة المنظمة. الدوري العماني ليس من ضمن الدوريات المدرجة في دوري المحترفين الآسيوي، متى سيحدث ذلك؟ - هذا سؤال جيد، ونحن بدأنا في ترتيب ذلك من خلال توقيع اتفاق مع الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم، وآخر مع الاتحاد الآسيوي والاتحاد الدولي، ووضعنا خططنا حتى ندخل عام 2011 ضمن المنظومة الآسيوية، وللعلم فنحن بدأنا هذا الموسم عصر الاحتراف، وبعنا حقوق الدوري العماني إلى شركة عمانتل في مقابل 500 ألف ريال عماني سنوياً، وذلك ل3 سنوات، وكذلك بدأنا في خصخصة الأندية التي تعتبر مؤسسات أهلية تشرف عليها الحكومة، هذه الخطوات أسهمت بشكل كبير في تطوير الدوري، ففي الموسم الحالي كان أعلى حضور لمباراة في الدوري هو 17 ألف متفرج، فيما لم يتجاوز أعلى حضور في العام الماضي 1500 متفرج، وهنا تتضح النقلة الكبيرة التي قمنا بها. ما الذي يطمح إليه العمانيون الآن بعد أن حصلوا على كأس الخليج، على صعيد البطولات المحلية، وحتى على صعيد المنتخب؟ - بالتأكيد الطموح لا يتوقف، نحن الآن بدأنا العمل على تطوير القاعدة في الكرة العمانية، وأنشأنا عدداً من الأكاديميات في عمان من أجل تطوير القاعدة، وكذلك بدأنا في إنشاء دوري لكرة القدم الشاطئية بعد أن حصل منتخبنا على مركز متقدم في دورة الألعاب الآسيوية الأخيرة للألعاب الشاطئية، وكذلك بدأنا في دوري كرة القدم للصالات، وبدأنا في تجهيز فريق كرة قدم نسائي من البراعم، أعتقد أننا يجب أن نستثمر الفوز بكأس الخليج، وذلك من أجل تطوير الكرة العمانية ونقلها من الإقليمية إلى العالمية، وهذا لن يكون مشواراً سهلاً، بل سنخسر فيه الكثير وسنجاهد من أجله حتى نحققه. نحن حينما حضرنا إلى رئاسة الاتحاد كان لنا هدف واضح، وهو أن تكون عمان متفوقة في كرة القدم وهذا سيتحقق، ولكن نحتاج إلى مزيد من الدعم من الجميع، بدءاً من المجتمع وانتهاء بالحكومة. نشر في العدد: 16731 ت.م: 24-01-2009 ص: 34 ط: الرياض