في إشارة قوية إلى دخول عدوانها على غزة مرحلة جديدة، أعلنت إسرائيل امس إرسال احتياطييها إلى القطاع، بعدما مهدت بمعارك ضارية وقصف هو الأعنف منذ بدء الهجوم استمر طوال يوم أمس، لهذه المرحلة التي تقوم على التوغل في المناطق السكنية المكتظة في مدينة غزة. وأحكمت قوات الاحتلال طرفي"كماشة"على المدينة التي شهدت حركة نزوح كبيرة إلى وسطها. راجع ص 2 و3 و4 وعاش سكان مدينة غزة ليلة غير مسبوقة لناحية عنف القصف الذي شاركت فيه مجتمعة الطائرات النفاثة من طراز"اف 16"والمروحيات المقاتلة من نوع"اباتشي"وطائرات الاستطلاع من دون طيّار، والمدفعية، والزوارق الحربية. وبدا أن قوات الاحتلال تسعى إلى إحكام الطوق على المدينة، تمهيداً لاجتياحها بعد توغل في عمقها أمس استمر ست ساعات. واستشهد أمس أكثر من 30 فلسطينياً بسبب القصف والغارات. وأجرت القوات البرية"بروفات"لاجتياح مدينة غزة وحصر سكانها مع المقاتلين الفلسطينيين في وسطها، من ثلاثة اتجاهات توغلت منها، وهي الجهة الشمالية الغربية من محور منطقة التوام، وحي الشيخ عجلين جنوب غربي المدينة، ومن حي التفاح شرقها ومنطقة عزبة عبد ربه شرق مخيم جباليا. ودارت اشتباكات عنيفة على تلك المحاور الثلاثة قبل أن تنسحب قوات الاحتلال مع شروق الشمس. وقررت الحكومة الإسرائيلية أمس مواصلة الحرب"حتى تحقق أهدافها". وأعلن رئيسها إيهود أولمرت أن"ثمة حاجة إلى مزيد من الصبر والجهد والعزيمة"لبلوغ هذه الأهداف. لكن مراقبين رأوا أن تصريحات عدد من أركان حكومته تثير الانطباع بأن الأيام المتاحة لمواصلة الحرب محدودة، وسيلجأ خلالها الجيش إلى تكثيف نيرانه، بانتظار مخرج سياسي مع القاهرة تحديداً، رغم أن رؤساء الأجهزة الأمنية المختلفة، وفي مقدمهم رئيس"شاباك"يوفال ديسكين وقائد المنطقة الجنوبية في الجيش يوآف غالنت، متحمسون أكثر لمواصلة الحرب لاعتقادهم بأن"الفرصة مواتية للقضاء على قدرات حماس". ورأى أولمرت في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية أمس أن الهجوم"يقترب من بلوغ الأهداف التي حددت له، لكن ثمة حاجة إلى جهد إضافي ولعزيمة من أجل تغيير الوضع الأمني في الجنوب وتحقيق الأمن للسكان". وأضاف أن العملية العسكرية ستتواصل،"ويجب عدم تفويت الفرصة في اللحظة الأخيرة وتبديد كل ما تحقق من جهد قومي غير مسبوق... ولدى الجمهور والحكومة الاستعداد والصبر لذلك". لكن نائبه ماتان فلنائي توقع أن إسرائيل تقترب من إنهاء عدوانها"بفعل قرار مجلس الأمن". وقال إن الحرب حققت انجازات كبيرة"لم يحلم بها أحد"، مضيفاً أن مسألة تهريب السلاح لم تكن ضمن أهداف العملية العسكرية،"لكن يجب إيجاد حل لها". وأشار إلى أن"قرار مجلس الأمن لا يعطينا كثيراً من هامش المناورة وبالتالي أظن أننا اقتربنا من وقف العمليات البرية ومجمل العمليات". وكانت صحيفة"يديعوت أحرونوت"نقلت في صدر صفحتها الأولى أمس عن الجنرال غالنت، وهو المشرف على العدوان العسكري، انه طالب رئيس الحكومة ووزير الدفاع، الخميس الماضي، بإقرار الانتقال إلى المرحلة الثالثة من العملية البرية التي تشمل زج قوات احتياط كبيرة في المناطق المأهولة في القطاع واحتلال أجزاء كبيرة منه،"لقناعته"بأن عدم توسيعها سيكون"تفويتاً لفرصة تاريخية". سياسياً، تواصلت مساعي مصر للحصول على موافقة"حماس"وإسرائيل على مبادرتها لوقف النار. وغادر القاهرة إلى دمشق أمس وفد من حركة"حماس"التقى رئيس الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان، للتشاور في شأن الردود المصرية على تحفظات الحركة عن المبادرة. وكشف قيادي رفيع في"حماس"أنها رفضت عرضاً مصرياً لتهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل، مؤكداً أنه"لا تزال هناك تفاصيل كثيرة في حاجة إلى البحث فيها حتى يمكن القول إننا توصلنا إلى اتفاق مبدئي". وبقي في القاهرة من وفد"حماس"القياديان عماد العلمي وأيمن طه، في انتظار عودة رفاقهما برد على المبادرة من دمشق. وقال مصدر في الحركة ل"الحياة"إن لقاء الوفد مع رئيس الاستخبارات المصرية عمر سليمان استمر ساعتين أمس. وأوضح أن عرض التهدئة الطويلة هو"من النقاط العالقة التي تتحفظ عنها الحركة وتحتاج إلى درس وبحث تفصيلي". وأشار إلى أن بين التحفظات الأخرى"مسألة وجود قوات دولية في القطاع، وكذلك البند المتعلق بالانسحاب الإسرائيلي". واعتبر أن"بعض القضايا غير واضحة، ومنها على سبيل المثال ترتيبات تشغيل المعابر وآلية التشغيل ومسألة التعهد بعدم تهريب أسلحة". وأوضح أن"الحركة تسعى إلى تحسين بنود المبادرة وأن يكون الاتفاق ورقة متكاملة تنفذ بالتوازي وليس خطوت متتالية من دون آلية محددة وسقف زمني". ورأى أن"البند المتعلق بالمصالحة الوطنية غير واضح ويحتاج إلى مزيد من التفسير". ودعت قطر أمس رسمياً الجامعة العربية إلى عقد اجتماع على المستوى الوزاري في أسرع وقت ممكن، بعد رفض إسرائيل الامتثال لقرار مجلس الأمن الرقم 1860 الذي يدعو إلى وقف العدوان، فيما تواصلت التظاهرات المنددة بالعدوان في عواصم عربية وغربية واستمر تدفق المساعدات على القطاع. ونقلت وكالة الأنباء القطرية الرسمية عن مسؤول في وزارة الخارجية قوله ان الهدف من الاجتماع"درس تقرير اللجنة الوزارية العربية عن مهمتها في مجلس الأمن والتشاور في شأن الخطوات التي ينبغي اتخاذها لمواجهة استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة". وأكد الأمين العام للجامعة عمرو موسى أن الاجتماع سيعقد وأن"الاتصالات والترتيبات تجرى لتحديد المكان واليوم، وما إذا سيكون في الكويت أو في مقر الجامعة"في القاهرة. وفي واشنطن، وعد الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما أمس بسرعة التحرك في شأن عملية السلام في الشرق الأوسط فور تسلمه مهماته الرئاسية الأسبوع المقبل. وقال في مقابلة تلفزيونية إنه يشكل فريقاً"كي يكون لدينا منذ اليوم الأول، في العشرين من كانون الثاني يناير، أفضل الأشخاص القادرين على العمل فوراً على عملية السلام في الشرق الاوسط". وأضاف أن هذا الفريق"سيعمل على وضع مقاربة استراتيجية تلبي طموحات الإسرائيليين والفلسطينيين"على حد سواء. لكنه لزم الغموض في شأن الطريقة التي ينوي بها معالجة قضية الشرق الأوسط، موضحاً أنه سيأخذ في الاعتبار النصائح التي أسداها له نائب الرئيس الحالي ديك تشيني بأن لا يستبعد استراتيجية إدارة بوش من حيث المبدأ فقط. وقال إنه لا يزال يعتقد أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن مواطنيها. نشر في العدد: 16719 ت.م: 12-01-2009 ص: الأولى ط: الرياض عنوان: "تفاصيل كثيرة" تعرقل اتفاقاً على المبادرة المصرية وقطر تدعو الى اجتماع وزاري عربي طارئ . اجتياح وشيك لمدينة غزة بعد إرسال إسرائيل الاحتياط